إلى متى انتظار تطورات المشهد الإقليمي؟
لا يمكن الاستمرار إلى ما لا نهاية في التعويل على المؤشرات الخارجيّة التي شهدت تعثراً ملحوظاً في اجتماعات اللجنة الخماسيّة التي عُقدت على هامش الدورة السنويّة العاديّة للهيئة العامة إن كان على مستوى الاجتماع أم عدم صدور بيان ختامي ما يعكس عمق الخلافات بين الجهات المعنيّة
كتب رامي الريّس لـ “هنا لبنان”:
تتأرجح الأوضاع السياسيّة في المنطقة بين الانفراجات المحدودة والتهيؤ لانفجارات قد تكون “منضبطة” الحجم والمسار وقد لا يُكتب لها أن تبقى تحت السيطرة. الأمر مرتبط بحسابات ومصالح كبرى.
لكن ليس ثمة مستحيلات في السياسة. الصفقة الأميركيّة- الإيرانيّة الأخيرة دليل ساطع على ذلك، والأمل يبقى لدى الطرفين لإعادة الروح إلى الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه في العام ٢٠١٥ ومن ثم إنسحب منه الرئيس الأميركي بعدئذ دونالد ترامب عقب دخوله إلى البيت الأبيض.
المباحثات حول الوضع المتدهور في اليمن تسلك بدورها طريقاً وعراً، ولكنه يبقى أكثر سهولة من طريق الحرب وويلاتها ومآسيها التي استطالت على مدى سنوات عجاف ولم يتحقق فيها “النصر” لأي من الأطراف المتنازعة بالنظر إلى طبيعة الصراع وتعقيداته المحليّة وامتداداته الإقليمية.
من الممكن الاستمرار في وصف صورة المشهد الإقليمي الذي شهد منعطفاً هاماً منذ أشهر قليلة من خلال التفاهم السعودي- الإيراني الذي عُقد برعاية صينيّة، وعلى الرغم من عدم
تبلور مفاعيله بالكامل بعد على صعيد تأثيراته المرتقبة على عدد من الساحات (وفي طليعتها اليمن والعراق ولبنان)؛ إلا أنه يبقى بمثابة نقطة تحوّل جوهريّة أقله، في المرحلة الراهنة، على صعيد العلاقات الثنائيّة بين البلدين التي تشهد تقدماً تدريجيّاً لا يمكن التقليل من شأنه على ضوء التدهور الكبير الذي شهدته العلاقات المتبادلة في الحقبة الماضية.
ولكن، ربطاً بالاستحقاقات الداخليّة اللبنانيّة الداهمة، وفي مقدمها استحقاق انتخابات رئاسة الجمهوريّة اللبنانيّة، لا يمكن الاستمرار إلى ما لا نهاية في التعويل على المؤشرات الخارجيّة التي شهدت تعثراً ملحوظاً في اجتماعات اللجنة الخماسيّة التي عُقدت على هامش الدورة السنويّة العاديّة للهيئة العامة إن كان على مستوى الاجتماع أم عدم صدور بيان ختامي ما يعكس عمق الخلافات بين الجهات المعنيّة.
من هنا، ثمّة حاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى لاستعادة زمام المبادرة السياسيّة المحليّة وتوسيع الهامش الداخلي في الاستحقاق الرئاسي، من خلال ذهاب القوى اللبنانيّة إلى حوار غير مشروط وغير مكبّل بمواقف مسبقة، لا يهم شكله، لإحداث الخرق المنتظر في هذه المسألة التي باتت حيويّة وتتصل بمستقبل لبنان على ضوء التحديات المتنامية من كل حدب وصوب.
ليست الدعوة لإعلاء الشأن المحلي في الاستحقاق الانتخابي مقاربة سطحيّة، بل هي محاولة لاقتناص فرصة ما للنفاذ نحو البدء بالتغيير المطلوب، وهذا الأمر ليس مستحيلاً.
مواضيع مماثلة للكاتب:
7 أكتوبر: منعطف جديد في الشرق الأوسط! | لبنان يُهمَّشُ أكثر فأكثر! | الحوار المفتوح.. لمَ لا؟ |