هل النزوح ورقة الخارج لإنهاء سلاح الحزب.. والمكافأة للأسد؟

النازحون السوريون قنابل موقوتة قد تستخدم في الوقت المناسب ومن قبل مشغليهم ووفق أجندات خارجية تستهدف سلاح الحزب، وهذا سيؤدي إلى إشعال الفتنة الشيعية السنية التي قد تربك الثنائي الشيعي وتدفع بيئته الحاضنة للانتفاض على قيادتها وربما يكون هذا هو الهدف..

كتب فيليب أبي عقل لـ “هنا لبنان”:

بعدما انهارت المواعيد التي حددها أكثر من مسؤول وفريق سياسي لانتخاب رئيس، رُحل ملف الاستحقاق الرئاسي إلى موعد يحدده حراك الخماسية. ويأتي هذا الترحيل كنتيجة حتمية لإصرار حزب الله على ربط ملف الاستحقاق بملفات المنطقة، واستخدامه كورقة ضغط لمصلحة محوره الإقليمي. فرغبة الخماسية في الذهاب الى الخيار الثالث قوبلت بتمسك الثنائي الشيعي بمرشحه سليمان فرنجية ما أدى إلى تعثر المبادرة الفرنسية والمسعى القطري والجهود الخارجية خصوصاً الفاتيكانية لانتخاب رئيس.
ولأن ملف الاستحقاق رُبط بملفات المنطقة، يرى وزير سابق أنه لا بدّ من انتظار نتائج محطات أساسية لبلورة مصير الاستحقاق وهي:
– المفاوضات الأميركية-الإيرانية التي استؤنفت في عُمان عبر مسؤولين أمنيين، بعدما تسلمت أميركا الرهائن الخمسة مقابل حصول إيران على 6 مليار دولار وُضعت في المصارف القطرية.
– المفاوضات السعودية-الحوثية في الرياض لإنهاء الحرب في اليمن، فنتيجة لمحادثات وزير خارجية حسين أمير عبد اللهيان مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان، طلبت إيران من الحوثيين وحزب الله التواصل مع السعودية لإنهاء الحرب، وتصفير المشاكل معها. وتجري المفاوضات وسط الألغام ومع عزم سعودي على إيصالها إلى خواتيمها ليعم الاستقرار والسلام في اليمن بعد الاتفاق على إعادة تركيب السلطة.
– الحفر الاستكشافي في البلوك 9 في الجنوب وتقييم كميات البترول. إذ تنتظر الأوساط السياسية عودة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين للاطلاع على ما يحمله من ملفات حول تثبيت الحدود البرية الجنوبية مع إسرائيل، وحول الاستحقاق الرئاسي، بعدما تردد أنّ إدارة جو بايدن ضمت ملف الانتخابات إلى مهمة هوكشتاين.
ولكن قبيل وصول هوكشتاين وتبلور نتائج المحطات الثلاث، يقتحم ملف النازحين السوريين المشهد السياسي بقوة في ظل تعثر الخطوات وغياب نشاط المؤسسات الدستورية بسبب الخلاف السياسي، وتداعياته على الوضع الأمني وفق تقارير أمنية. وفي هذا السياق يسأل بعض المراقبين عن سبب تدفق النازحين السوريين إلى لبنان رغم أن الحرب في سوريا قد انتهت وهنالك مناطق آمنة تحت سيطرة النظام وأخرى آمنة تحت سيطرة المعارضة، ويمكن للنازحين العودة إلى أيٍّ منها؟
ومن جهته يردّ مسؤول أمني على هذه التساؤلات بقوله أنّ النزوح السوري إلى لبنان هو نزوح اقتصادي وليس نزوحاً سياسياً. فمهما كان الوضع الاقتصادي في لبنان سيّئاً، إلّا أنّه يبقى أفضل مما هو عليه في سوريا وفق احد النازحين السوريين، الذي يشكو الغلاء والشح في المواد المعيشية.
ولكن إذا كان النزوح لأسباب اقتصادية معيشية لتأمين لقمة العيش، تسأل أوساط أمنية: لماذا يتسلح النازحون؟ ولماذا حولوا مخيماتهم إلى معسكرات وثكن عسكرية، يقتنون فيها السلاح الثقيل والقنابل والدرونز وغيرها؟
وفي الإطار نفسه، تسأل أوساط سيادية عن أبعاد هذا العنصر في ظل موقف غير مبالٍ للمجتمع الدولي، رغم أن عدد النازحين بات يقارب نصف عدد سكان لبنان؟

الجيش اللبناني يضرب بيدٍ من حديد
بدأ الجيش بعمليات دهم لأماكن تواجد السوريين فصادر كميات كبيرة من السلاح، ورحّل سوريين دخلوا لبنان بطريقة غير شرعية وعبر شبكات تهريب.
ويرى قيادي سيادي أنّ النازحين قنابل موقوتة قد تستخدم في الوقت المناسب ومن قبل مشغليهم ووفق أجندات خارجية تستهدف سلاح حزب الله، وهذا سيؤدي إلى إشعال الفتنة الشيعية السنية التي قد تربك الثنائي الشيعي وتدفع بيئته الحاضنة للانتفاض على قيادتها وربما يكون هذا هو الهدف. فقد فشلت القوى المحلية في إنجاز الاستحقاق وبات القرار في الخارج، الذي لا يمكنه إنجاز الاستحقاق إلا باتفاق داخلي. فيما تخشى أوساط سياسية في المعارضة، ألّا يكون الاتفاق على البارد بل “على السخن” كما كان اتفاق عام 2008 لانتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً، فكانت واقعة 7 أيار وما سبقها من حوادث. فهل يكون هنالك 7 أيار جديد؟ ولكن بشكل معاكس أي باستخدام ورقة النازحين لتوظيفها لأغراض أمنية بوجه حزب الله؟
ثمة مخاوف لدى جهات خارجية من أن يؤدي العنف في لبنان إلى انفجار الوضع محلياً وقد تمتد شرارته إلى الخارج لإشعال نار الفتنة. كما لا تستبعد مصادر مطلعة إمكان الاستعانة بالسوريين لإزالة السلاح غير الشرعي وتطبيق القرارات 1559 و1701 و2650. فكما أخرجت “سوريا حافظ الأسد” في ثمانينات القرن الماضي البندقية الفلسطينية من لبنان، التي كانت تسيطر على السلطة وعلى قرارها، ربما تستخدم ورقة النازحين اليوم من قبل الخارج للمساعدة على حل الأزمة، وإنهاء دور أي سلاح خارج الشرعية، وذلك من خلال الاستعانة بالخماسية والأمم المتحدة لتحقيق المهمة، وترسيم الحدود البحرية والبرية مع سوريا وتوسيع مهمة اليونيفيل لضبط الحدود ومساعدة الجيش لمنع التسلل وتهريب السلاح وفق أوساط سياسية معارضة.
إنّ انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة يبقى دون المطلوب إذا لم يترافق مع ضبط الحدود مع سوريا بشكل دقيق وقيام تعاون أمني لبناني سوري، وفي حال تجاوب النظام السوري مع الخطة “سيُكافأ” رئيسه وفق جهات خارجية بانفتاح عربي غربي عليه وحل أزمة سوريا ضمن شروط يلتزم النظام بتنفيذها ومنها السير باتفاق أبراهام مع إسرائيل وتحديد خياراته السياسية إلى جانب الحضن العربي والتخلي عن إيران.

مواضيع مماثلة للكاتب:

“الغرب” يريد فصل لبنان عن غزّة

بلينكن يخفق في إقناع إسرائيل بالحل.. وهوكشتاين يستطلع أفق المرحلة لبنانياً

باسيل يعد خطّة “انقلابية” تقطع طريق انتخاب عون