قائد الجيش كابوس يؤرق باسيل
محاولة هروب باسيل من فرنجية اصطدمت بقائد الجيش جوزف عون الذي حوله باسيل نفسه من ضابط متعاطف مع الحالة العونية إلى خصم لدود ومن ثم مرشح جدي للرئاسة
كتب سعد كيوان لـ “هنا لبنان”:
تتسارع التطورات الإقليمية، وبالأخص سورياً ولبنانياً، لتؤكد على الوجهة الجديدة التي حددها الاتفاق السعودي-الايراني للمنطقة، وإن بوتيرة غير سريعة وبمسارات ومستويات متعددة ومتفاوتة في الأولوية والتأثير. إنّ العنوان السعودي لهذا الاتفاق غير المسبوق هو نقل المنطقة من مرحلة الصراع والمواجهة المستمرة والتخلف إلى مرحلة الاستقرار والنمو والتقدم، وبطبيعة الحال هذه الاستراتيجية دونها عقبات بدون أدنى شك، أولها أنه ليس من المؤكد أن الطرف الإيراني يسعى للأهداف نفسها. ما يهم طهران بشكل أساسي من الاتفاق هو تحديداً الجانب الثنائي وانعكاساته المباشرة يمنياً وخليجياً. وهذا طبعاً بالتأكيد هدف أساسي وأولي وحيوي للرياض وأمنها وضرورة الخروج من المستنقع اليمني، ولكنه غير كافٍ للاستقرار في المنطقة العربية ولرؤية 2030 التي أطلقها الأمير محمد بن سلمان، والتي تقوم على التقدم الاقتصادي والتكنولوجي. إن الاستقرار على الصعيد العربي والإقليمي هو الشرط الأساسي لإحراز أي تقدم سعودي في اتجاه التطور والازدهار، وأول خطوة ضمن هذا السياق كانت إعادة تعويم النظام السوري كونه يشكل أخطر بؤرة توتر في المنطقة عربياً وإقليميًّا، بغض النظر عن مدى إمكانية نجاح مثل هذه الخطوة. وها هي تطورات الأيام الأخيرة في حمص وشمال سوريا تثبت ذلك. ثم كانت المصالحة الفلسطينية التي تعرضت لمحاولة إجهاض في مخيم عين الحلوة، فيما اشتعلت أمس جبهة غزة حيث تدور معركة قاسية مع إسرائيل.
أما لبنان فهو لم يعد أولوية، أو أقله غير موجود حالياً على جدول أعمال الطرفين الإقليميين المؤثرين، ما أدى إلى تضييق مساحة المناورة الداخلية وقلة إصغاء في الخارج. وكان أول المتضررين من هذا الانسداد في الأفق رئيس التيار العوني جبران باسيل الذي كان قد سحب مركبه من ميناء “حزب الله” قبل أكثر من سنة بعد أن اصطدم بإصرار الحزب على ترشيح سليمان فرنجية، ثم حصلت المفاجأة الإقليمية غير السارة بالاتفاق السعودي-الإيراني في آذار الماضي فيما طوق العقوبات الأميركية يلفه منذ ثلاث سنوات (تشرين الثاني 2021)، وهو الطامح للرئاسة منذ كان لا يزال حموه ميشال عون في قصر بعبدا. ولكن الورطة الأشد هي أن محاولة هروب باسيل من فرنجية اصطدمت بقائد الجيش جوزف عون الذي حوله باسيل نفسه من ضابط متعاطف مع الحالة العونية، ما دفع بالرئيس عون إلى تسميته قائداً للجيش، إلى خصم لدود ومن ثم مرشح جدي للرئاسة. ولم يعد يعرف كيف يتخلص منه، لدرجة أنّ الفيتو عليه أصبح أشد منه على فرنجية. فقام بمحاولة إعادة الأشرعة إلى ميناء “حزب الله” وإنما من دون جدوى إذ تبين أن الماضي قد مضى، وأنها كانت محاولة من كلا الطرفين لكسب الوقت أو تقطيعه…
ومع مرور الوقت تبين لباسيل أن الخارج الممثل باللجنة الخماسية (فرنسا، السعودية، الولايات المتحدة، قطر ومصر) بات أقرب إلى تعويم ترشيح قائد الجيش كخيار ثالث خارج مرشح الثنائي الشيعي فرنجية ومرشح قوى المعارضة (حيث اصطف مؤقتاً باسيل) جهاد أزعور. والأنكى من ذلك أن الثنائي بري-نصرالله في حال اضطر للتخلي عن ترشيح فرنجية فإنه لا يمانع في انتخاب جوزف عون رئيساً، وهذا ما قاله بري علناً وما يقوله “حزب الله” في مجالسه الخاصة. فلم يبقَ أمام باسيل سوى التجييش البائس عبر التجوال في المناطق اللبنانية من أسبوع لآخر، عاقداً مهرجانات التحريض على قائد الجيش، لاصقاً به أبشع التهم لعله ينجح في إثارة فتنة ما يقع فيها بعض المسيحيين لتوريط الجيش وتشويه سمعة قائده. ويراهن باسيل على عامل الوقت لإسقاط ورقة عون الذي لم يبق أمامه سوى ثلاثة أشهر يحال بعدها إلى التقاعد ويصبح مواطناً عادياً بدون أسهم رئاسية. ولكن، ماذا لو حصل توافق على التمديد لقادة الأجهزة الأمنية، وفي طليعتهم قائد الجيش بتواطؤ الثنائي الشيعي نقسه؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
برّي يفاوض.. أين المعارضون؟! | “الحزب” السلاح الإيراني الأكثر فعالية للتفاوض | وليد جنبلاط… السهل الممتنع |