هل تقرّ موازنة 2024 والزيادات الضريبية بمرسوم حكومي؟
في الجلسة الأولى حصل نقاش مطوّل حول ضرورة توقيع كل الوزراء على مرسوم الإحالة، لأن الحكومة بكل وزرائها تأخذ مكان رئيس الجمهورية، وليس رئيس الحكومة وحده. وبالتالي لا يمكن الاستعاضة عن توقيع كل الوزراء، دستورياً وميثاقياً، بتوقيع رئيس الحكومة فقط، الذي بات يوقع كرئيس للحكومة وعن الحكومة كرئيس للجمهورية
كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان”:
عندما أقر مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2024 في مجلس الوزراء، وصفه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بالإنجاز الكبير والبطولة، لأنها الموازنة الأولى التي يقرّها مجلس الوزراء في موعدها الدستوري منذ عام 2002. إلّا أنّ ما هو واضح أنّ هذا التوصيف لا ينطبق على مضمونها وبنودها.
فما إن تحوّل مشروع القانون إلى مجلس النواب وبدأت لجنة المال والموازنة بمناقشته حتى ظهر التباين في وجهات النظر ليس فقط من الناحية المالية والإقتصادية إنما أيضاً بسبب الحسابات السياسية. وقد ظهر ذلك جليًّا في الجلسة الأولى حيث حصل نقاش مطوّل حول ضرورة توقيع كل الوزراء على مرسوم الإحالة، لأن الحكومة بكل وزرائها تأخذ مكان رئيس الجمهورية، وليس رئيس الحكومة وحده. وبالتالي لا يمكن الاستعاضة عن توقيع كل الوزراء، دستورياً وميثاقياً، بتوقيع رئيس الحكومة فقط، الذي بات يوقع كرئيس للحكومة وعن الحكومة كرئيس للجمهورية.
كما أبدى عدد من النواب اعتراضهم على ورود الموازنة إلى المجلس النيابي من دون قطع حساب بحسب المادة 87 من الدستور التي تمنع نشر الموازنة في الجريدة الرسمية قبل الموافقة على الحسابات المالية للسنة التي سبقت.
وقد برز سؤال حول إمكان إصدار الموازنة بمرسوم حكومي إذا فشل المجلس النيابي في مناقشة وإقرار الموازنة قبل نهاية العقد العادي المقبل، وبعد انتهاء العقد الاستثنائي في كانون الثاني 2024.
في هذا السياق من الواضح أن مرسوم الإحالة صدر فعلياً عن مجلس الوزراء بتاريخ 28 أيلول 2023، أي ضمن المهلة الدستورية قبل بداية عقد تشرين الأول سنداً للمادة 83 من الدستور والمادة 18 من قانون المحاسبة العمومية. وبالتالي توفر هذه الإحالة الشروط الدستورية لتفعيل المادة 86 من الدستور التي تمنح السلطة التنفيذية صلاحية إصدار الموازنة بمرسوم دون موافقة مجلس النواب في حال لم يتمكن هذا الأخير من إقرارها طيلة العقد المخصص لدرسها (من تشرين الأول إلى نهاية السنة) وفي العقد الاستثنائي الذي يستمر لنهاية كانون الثاني من السنة الجديدة، والذي يتم تخصيصه للانتهاء من دراسة وإقرار الموازنة. فهل هناك نية فعلاً لعدم مناقشة الموازنة في مجلس النواب؟
عضو لجنة المال والموازنة النائب رازي الحاج أكد في حديث لـ “هنا لبنان” أنّ الإدارة السياسية المتمثلة بكل الكتل والأحزاب المشاركة في الحكومة تحاول طبخ طبخة معينة ظهرت بشكل واضح في النقاش داخل لجنة المال والموازنة من خلال تناقض المواقف والآراء المختلفة. ويبدو أنّ هناك نية واضحة لدى الحكومة لإصدار الموازنة بمرسوم خوفاً من أن يقوم مجلس النواب أو على الأقل لجنة المال الموازنة بتطيير المواد التي تعتبر “فرسان الموازنة” أو المواد التي تنصّ على زيادة ضرائب ورسوم على الناس. ومن الطبيعي أن نناقش هذه الموازنة بطريقة علمية واقتصادية والاطلاع على رؤية الحكومة الاقتصادية. مع الإشارة إلى أنه قد تم تحويل الموازنة من دون فذلكة ما يعني غياب رؤية الحكومة الاقتصادية.
وأشار الحاج إلى أن الموازنة تتضمن الكثير من المواد التي تعتبر “فرسان الموازنة” فيما لم يتم تحديد سعر الصرف المعتمد بشكل واضح. أما بالشكل فلا تزال الموازنة تحتسب النفقات ومن ثم تفتش عن الإيرادات لتغطية هذه النفقات. فيما لا تتضمن حلولاً لأي معضلة إن كان على صعيد القطاع العام وإعادة هيكلته وإعطاء الموظفين حقوقهم أو حل مشكلة المتعاقدين ورواتبهم المتدنية أو إنشاء إدارة رشيقة وعصرية ومستدامة لتلبية الناس وخلق بيئة آمنة.
في الخلاصة هذه الموازنة، بحسب الحاج، تعمل على تكييف النفقات المتزايدة مع زيادة الإيرادات من خلال الجباية من الفئة نفسها من الناس فيما لا يتم إيجاد أي حل للتهرب الضريبي أو أي إصلاح للتهرب الجمركي.
ورأى الحاج أنّ مناقشة الموازنة في اللجان وتصحيح ما يمكن تصحيحه أفضل من عدم مناقشتها.
أما الإشكاليات السابقة المرافقة للموازنة لا تزال هي نفسها، أي أنها تحول من دون قطع حساب، إلّا أنها المرة الوحيدة التي تأتي فيها ضمن المهلة الدستورية. لذلك نحاول الضغط لوضع قطع حساب لإعادة انتظام المالية العامة. ولكن يبدو أن هذا الأمر بعيد المنال حتى الساعة.
ولفت الحاج إلى أنه يتم تحميل ديوان المحاسبة وحده مسؤولية قطع الحساب. وكنا قد اطلعنا على سير العمل فيه والمشكلة هي في عديد الكادر البشري إذ أنّ كل سنة تتطلب ثلاثة إلى اربعة اشهر من العمل. وقد تأخرت وزارة المالية في إرسال قطوع حسابات سنوات 2020، 2021 و2022. ونحن نرى إمكانية أن يقدم وزير المالية قطوع حسابات للسنوات الخمس الأخيرة على الأقل.
أما في ما يتعلق بتوقيع جميع الوزراء على مرسوم الإحالة، فرأى الحاج أنّ النقاش دستوري وليس من عمل لجنة المال والموازنة تفسير هذا الأمر.
مواضيع مماثلة للكاتب:
حراك دبلوماسي تجاه لبنان مستفسراً ومحذّراً… | ﻣﻌﺮض ﻟﺒﻨﺎن اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻜﺘﺎب 2023: رسالة صمود وتكريس لدور لبنان الثقافي | اجتماع الخماسية “رفع عتب”… والاستحقاق الرئاسي “راوح مكانك” |