تمديد الشغور
بين فرنجية وباسيل نقاط اختلاف كثيرة وكبيرة ولكنّهما متفقان على رفض التمديد لقائد الجيش ويبدو أنّهما ينطلقان في هذا الرفض من المنطلق ذاته وهو أنّ القائد يشكل منافساً لهما في رئاسة الجمهورية وأنّ إبعاده عن هذا المنصب يعني نهاية حظوظه في المنصب الأول في البلاد.
كتب بسام أبو زيد لـ “هنا لبنان”:
كان لافتاً ما قاله رئيس تيار المردة سليمان فرنجية عقب لقائه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل لجهة إنّنا لسنا أكثر حرصاً من السيد حسن نصرالله والرئيس نبيه بري على البلد، وكأنّه أراد بذلك أن يوجّه رسالة لباسيل بأنّ من يمنع توسع الحرب باتّجاه عمق لبنان هو الثنائي الشيعي، وليست الجولة التي قام بها النائب باسيل على عددٍ من المسؤولين والفعاليات السياسية.
يدرك الجميع في لبنان أنّ الرافضين لتوسع الحرب في الأراضي اللبنانية هم الأكثرية الساحقة من اللبنانيين ولكن هؤلاء يدركون أيضاً أنّ القرار بهذا الخصوص مرتبط بجهتين فقط وهما الإسرائيلي من جهة وحزب الله من جهة ثانية، فالإسرائيلي طبعاً لا يأخذ بالاعتبار ما يريده اللبنانيون، وحزب الله ينبع قراره من قراءة محلية وإقليمية للوضع لا ترتكز على ما يقوم به رئيس التيار الوطني الحر ولا غيره.
إنّ المطلوب في هذه المرحلة هو بالفعل تحصين الساحة الداخلية وهذا التحصين لا يكون بموقف من هنا وجولة من هناك، بل المطلوب هو خطوات عملية تؤدي إلى إعادة انتظام الحياة الدستورية والمؤسسات في البلاد تداركاً لوضع أسوأ في ظل هذه الظروف الإقليمية المشتعلة. ومن هذا المنطلق، كان تحرك رئيس التيار الوطني الحر ليكون أكثر فائدة لو أنّه ركز على أمرين أساسيين، الأول انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت ممكن لتنطلق بعدها عملية تشكيل الحكومة والتعيينات، وإن تعذر ذلك يصبح عندها الذهاب إلى خطوات مفيدة أخرى أكثر إلحاحاً ومن ضمنها إمّا تعيين رئيس للأركان في الجيش وإما التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون.
المفارقة في كلّ يجري على هذا الصعيد أنّ النائب جبران باسيل لا يريد للحكومة أن تعيّن رئيساً للأركان ولا لوزير الدفاع أن يمدّد لقائد الجيش، هو يرغب في أن يتسلّم الضابط الأعلى رتبة والأقدم خدمة القيادة، ولكن أصبح واضحاً أنّ قانون الدفاع لا يتيح له شرعيةً لهذه العملية. وبالتالي إن لم يحصل التعيين أو التمديد فإنّ الجيش سيقع في مشكلة إمرة وقيادة كبيرة هو بغنى عنها في هذه المرحلة الحرجة والتي يشهد فيها لبنان أحداثاً أقلّ ما يقال فيها إنّها قد تقلب الأمور رأساً على عقب وبالتالي فإنّ الحاجة إلى الإبقاء على التماسك في الجيش هي أولوية الأولويات ولا يبدأ هذا التماسك إلّا من رأس الهرم المتمثل بوجود قائد الجيش على رأس المؤسسة العسكرية.
بين فرنجية وباسيل نقاط اختلاف كثيرة وكبيرة ولكنّهما متفقان على رفض التمديد لقائد الجيش ويبدو أنّهما ينطلقان في هذا الرفض من المنطلق ذاته وهو أنّ القائد يشكل منافساً لهما في رئاسة الجمهورية وأنّ إبعاده عن هذا المنصب يعني نهاية حظوظه في المنصب الأول في البلاد، معتبرين أن الجيش يمكن أن يستمرّ بمهامه بشكل طبيعي كما استمرّ مصرف لبنان بعد رياض سلامة وعدم تعيين حاكم جديد، ولكنّ الواقع أنّ في مصرف لبنان كان هناك من يحلّ مكان الحاكم بموجب القانون أما في قيادة الجيش فمن يمكن أن يحلّ مكان القائد بموجب القانون وهو رئيس الأركان والذي ليس في منصبه، ولذلك فالمرشح الأوفر حظًّا هو الشغور الذي سيحظى عندها بمنصبين مسيحيين مارونيين: رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تنفيذ ١٧٠١ محكوم بقرار “الحزب” | يحقّ لنا أن نسأل | رابطة الدم في الجيش أقوى من كل الروابط |