بطريقة غير مباشرة: لبنان في صلب الحرب الفلسطينية – الإسرائيلية: وهذا ما يوضحه الخبراء لـ”هنا لبنان”!
بعد التهديدات الإسرائيلية بقصف بيروت لتصبح ركامًا كمدينة غزة، وعلى وقع الاشتباكات الحامية على الحدود الجنوبية والتي تشتدّ وتيرتها يوماً بعد يوم، يعيش اللبنانيون خوفاً وقلقاً دائماً من مصير مجهول
كتبت ريتا صالح لـ “هنا لبنان”:
على وقع التوتر الذي تشهده الجبهة الجنوبية، بالتزامن مع الحرب القائمة في غزّة والتي خلّفت حتى الآن خسائر بشرية واقتصادية هائلة، يسيطر الخوف والهلع على الشعب اللبناني عمومًا، والجنوبيين خصوصًا، من مصيرٍ مجهول، ولا سيما بعد التهديدات الإسرائيلية بقصف بيروت لتصبح ركامًا كمدينة غزة.
هذا وما زالت الاشتباكات بين حزب الله والجيش الإسرائيلي على نار حامية ووتيرتها تشتدّ يوماً بعد يوم، فهل تتحول الساحة اللبنانية إلى ساحة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟وهل سيكون الشعب اللبناني ضحية القضية الفلسطينية من جديد؟
سياسياً، يشير المحلل السياسي علي حمادة في حديث لـ “هنا لبنان” إلى أننا “أصبحنا في هذه الأيام على مقربة من اندلاع حرب بين حزب الله وإسرائيل فالوضع أصبح خطيراً، وقواعد الاشتباك شارفت على الانهيار الكامل، ويمكن أن يتبدّل الوضع بلمح البصر. فالحرب كادت تنشب ليل الأحد – الإثنين لولا التدخّل الأميركي القوي مع الإسرائيليين لمنعها، وقد حذر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت من مغبّة التورط في حرب في لبنان، ولكن لن تسلم الجرة في كل مرة”.
وأضاف حمادة أنّ “حزب الله يستمر في التصعيد ويفاخر بأنه يغيّر قواعد اللعبة أو قواعد الاشتباك، مع أنّ تغيير قواعد الاشتباك بين طرفين مثل حزب الله وإسرائيل في هذا الظرف بالذات وبعد 7 أكتوبر قد تكون كلفته عالية جداً إذ قد يتسبب بنشوب حرب محدودة أو شاملة. وبالتالي نحن في خطر كبير جداً، وعلى حزب الله أن ينتبه لأنّ ارتكاب الأخطاء يؤدي إلى نشوب الحروب، والحسابات الخاطئة تؤدي أيضاً إلى نشوب الحروب المدمرة”.
فهل سيكون الشعب اللبناني ضحية القضية الفلسطينية من جديد؟ يجيب حمادة، أنّ “أيّ حرب تنشب في الوقت الذي يرفض غالبية اللبنانيين التورط بها هي حرب تأتي على حساب الشعب، والشعب اللبناني بغالبيته ضدّ الحرب والتوريط بها وضدّ اللعب بالنار. فاللبنانيون يريدون تحييد لبنان عن كل الصراعات، سواء أكانت صراعات محاور أو صراعات دولية أو حتى عسكرية مع الإسرائيليين”. ورأى حمادة أنّ التعاطف والتأييد للفلسطينيين لا يبرّر توريط لبنان في حرب مدمرة مهما كانت الظروف ومهما حصل في فلسطين وفي غزة.
وتابع أنّه في حال نشبت الحرب في لبنان سوف يكون البلد بأسره ضحية، ولكن من المؤسف أن يكون طرف لبناني هو من يقرر متى وكيف تنشب الحرب ويضحي وفقاً لمشيئته ورغبته ببلدٍ بأسره.
ومن جهته، أشار الصحافي والمحلل السياسي أنطوان سعد في حديث لـ “هنا لبنان” إلى أن لا “شكّ أنّه مع بداية قصف حزب الله لمواقع العدو الإسرائيلي في 8 تشرين الأول 2023 في المنطقة المحتلة أي تلال كفرشوبا ومزارع شبعا لم يصل لحجم العملية التي حققها الغزّاويون، و”مسألة التنسيق” التي سبق وتكلم عنها السيد حسن نصر الله لا تبرّر بأنه منذ العام 2006 حتى العام 2023 وهو يهدد الإسرائيليين ويحاول ترويعهم بالصواريخ التي يملكها. لقد استعمل حزب الله ومرجعياته في إيران الفلسطينيين فقط في إطار الحفاظ على موقع إيران في العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية، ولكي تكون إيران المرجع الوحيد في العالم العربي. كما أخرجت هذه الحرب العالم العربي غير المطبع مع إسرائيل من التفكير بأن يطبع في الظروف الحالية ومما سيحصل في غزة، ومن هنا يكون الإيراني أبقى على شعار تحرير القدس وشعار محو إسرائيل من الوجود. ويبدو أنّ هذا الشعار يستخدم من أجل إظهار ايران كبيئة مقاومة ومناضلة ضد إسرائيل”. وتابع، “من هنا سقط زيف كل هذه الادعاءات، وإيران لن تشعل الحرب في إطار الحفاظ على موقعها في الشرق الأوسط، والموجود للسيطرة على العالم العربي. وأضاف سعد في حال أخطأت إيران وأتى الرد من قبل إسرائيل، فسيصبحون محرجين، لذلك قد ننجر إلى الحرب على قاعدة “مكره أخاك لا بطل”.
وعن التوقعات لنهاية الحرب الفلسطينية الإسرائيلية، قال سعد: “في أول أسبوعين من الحرب توقعت أن تكون حرباً طويلة المدى، وأن تستمر نحو ستة أشهر إلى سنة، ولكن اليوم مع التوغل الإسرائيلي والحرب على مداخل مستشفى الشفاء أعتقد أنّ الإسرائيليين أصبحت لديهم مساحة للتدخل في غزة كيفما شاؤوا بالرغم من الخسارة. والجو العام بالنسبة لإسرائيل وحساباتها بعد عملية طوفان الأقصى لن يسمح بأن تطلق رصاصة واحدة من غزة من دون الرد عليها. وأضاف أنه عندما تتأكد إسرائيل بأن السلاح الذي يشكل عليها خطراً قد انتهى ستتوقف الحرب وسيصبح هناك مجال للحديث في الحلول السياسية أو الكلام عن المرحلة السياسية التي ستغمر غزة على ضوء انتهاء الأعمال الحربية وتحقيق أهدافها.
أمّا من المنظور العسكري، فأوضح الخبير العسكري العميد الركن خالد حمادة لـ “هنا لبنان” أنّ الاشتباكات على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة في مزارع شبعا بدأت في اليوم الثاني من الحرب على غزة بدأت وهي المنطقة، وقد أصبح متعارفاً عليه منذ ما قبل الحرب غزة أنّ تلك المنطقة هي منطقة لتبادل الرسائل النارية بين حزب الله وإسرائيل، ولا يجب فهمها بأنّها توتر على الحدود الجنوبية.
فهذه الرسائل كان يستفيد منها حزب الله وإسرائيل لرفع الوضع المعنوي وأحياناً لإيصال رسالة إلى الجمهور الإسرائيلي واللبناني. وتابع حمادة: “توسعت هذه الاشتباكات على طول الجبهة وارتفعت وتيرتها من الناحية الكمية وليس من الناحية النوعية، فيما حافظت على مجموعة من الثوابت أولها، عمق محدود لدى الجانبين، حيث لم تتجاوز الأهداف الأربعين كيلومتراً في العمق سواء داخل لبنان أو داخل فلسطين المحتلة، كذلك فإنّ الاسلحة المستعملة لم تكن أسلحة نوعية بل اقتصرت على أسلحة مضادة للدروع، وبعض المقذوفات التي كان يتبادلها الطرفان والتي لم تكن قادرة على إحداث أضرار كبيرة. أي أنّ الأهداف كانت متواضعة، فلم يكن هناك أيّ رمايات على أهداف هامة وحساسة أو بنية تحتية هامة لدى الجانبين.
لافتاً إلى أنه رغم الخسارات البشرية لكلا الجانبين، فالاشتباكات حافظت على انضباطها بصرف النظر عن ارتفاع عدد القتلى.
كما أشار حمادة إلى أن زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى بيروت وتصريحه أكثر من مرة بأن إيران ليست جزءاً من الحرب في غزة، وبأنّ ما جرى هو عمل فلسطيني وأنّ الفصائل التي تتبع لإيران أو المحسوبة على إيران لا تتلقى تعليمات من قبل طهران وكل ما تقوم به هذه الفصائل هو من تلقاء نفسها، هو لإلقاء المسؤولية كاملة على حزب الله في كل هذه الاشتباكات وتبرئة إيران.
وأضاف: “هذه الجبهة المفتوحة في الجنوب اللبناني التي يتحمل تبعاتها المواطنون اللبنانيون الذين بدأوا يغادرون القرى لا تقدم أي مساندة عسكرية بمستوى ما جرى في غزة، فبالرغم من ارتفاع وتيرة الاشتباك في غزة وبالرغم من كل ما جرى من دمار وقتل للأطفال والنساء وتدمير للمستشفيات فإنّ حزب الله لم يدخل المعركة بل بقيت وتيرة الاشتباك على حالها. فليس هناك علاقة بين استمرار القتال على الجبهة الجنوبية واستمرار القتال في غزة، بل هناك أهداف تريد إيران تحقيقها من خلال هذا الاشتباك وهي أهداف سياسية في الداخل اللبناني وفي غزة، فهي تريد أن تكون جزءاً من التسويات التي سيتم تثبيتها لاحقاً”.
وختم حمادة بالقول: “أتوقع أن تستمر الاشتباكات على الجبهة الجنوبية مع المحافظة على ثباتها لأسابيع وربما يتطور الوضع الميداني إذا استشعرت طهران أن هناك خطراً على مصالحها في لبنان أو في سوريا، واستمرار الاشتباكات مرتبط بترسيم خرائط النفوذ الذي تقوم به الولايات المتحدة في المنطقة”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
الصحة الإنجابية في خطرٍ كبير… لبنان كالصين: ولد واحد لكل عائلة! | القطاع التعليمي في لبنان عالق بين “الردّين” و”المفاوضات” | أحداث الجنوب تربك اللبنانيين.. إلغاء رحلات ورفع للأسعار! |