هاجس انقطاع الأدوية يرافق اللبنانيين… فهل من أزمة جديدة؟
القلق الذي يُلازم اللبنانيين من انقطاع الأدوية مع تزايد احتمالات توسُّع الحرب دفع بنقابة الصيادلة إلى اتّخاذ تدابير طارئة لمنع الوقوع في أزمة دوائية من جديد، فعمّمت على أصحاب الصيدليات في لبنان قراراً بعدم إعطاء المريض كمية أدوية تفوق حاجته، كي يُتاح تأمين الدواء لعدد أكبر من المرضى، ويتم ضبط عملية الاحتكار أو التخزين
كتبت ريتا عبدو لـ “هنا لبنان”:
يترافق خوف اللبنانيين من توسع نطاق الحرب التي ما زالت محصورة بالحدود الجنوبية، مع هاجس انقطاع الدواء! فخلال الأزمة الاقتصاديّة، عانى أصحاب الأمراض المزمنة والمستعصية الأمرّين من جّراء انقطاع بعض أنواع الأدوية، أو احتكارها من قبل بعض الصيادلة والتجار وبيعها بأسعار خيالية! حتى أنّ العديد من المرضى لجأ إلى شراء بعض الأدوية المقطوعة من تركيا… فهل يتكرّر هذا السيناريو في حال دخول لبنان في حرب شاملة؟
المواطنون قلقون من انقطاع الدواء!
جورج كغيره من الأبناء يسعى إلى تخزين دواء يتناوله والده مدى الحياة، وخوفاً من انقطاعه، يزور جورج صيدليات مختلفة لشراء نوع الدواء نفسه. أمّا نادين فلا قدرة مادية لها لشراء كمية من دواء والدتها نظراً لارتفاع سعره، “نعيش في قلق دائم من انقطاع دواء والدتي بسبب الظروف الأمنية غير المستقرّة”. هذا القلق وهذه التساؤلات المتكرّرة دفعت بنقابة الصيادلة إلى اتّخاذ تدابير طارئة لمنع الوقوع في أزمة دوائية مرّة أخرى. ففي التفاصل، عمّمت النقابة على أصحاب الصيدليات في لبنان قراراً بعدم إعطاء المريض كمية أدوية تفوق حاجته، كي يُتاح تأمين الدواء لعدد أكبر من المرضى، ويتم ضبط عملية الاحتكار أو التخزين.
في السياق نفسه، أعلن نقيب الصيادلة جو سلّوم في أحاديث سابقة، أنّ الخوف من التخزين ليس فقط بسبب تلف الأدوية في البيوت، ولكن أيضاً بسبب استغلال بعض الأشخاص النافذين وحتى أصحاب المستودعات خوف المرضى، بهدف تخزين أنواع من الأدوية وبيعها في مرحلة لاحقة بأسعار خياليّة أو حتى تهريبها إلى الخارج.
من جهة أخرى، لفت سلّوم إلى أنّ الصيدليات في لبنان لم تعد تملك رأس المال الكافي لإعادة ترتيب مخزونها من الأدوية، لذا هناك حاجة كبيرة اليوم لضبط السوق، للحفاظ على المخزون المتبقّي من ناحية، ولأننا لا يمكننا الاعتماد على مساعدات قد تأتي أو لا تأتي من ناحية أخرى… وبناءً على ذلك، دعت النقابة المواطنين كافة إلى عدم التّهافت على تخزين الأدوية، إذ إنّ هذا الأمر سيُسبّب نقصاً حاداً في مخزون الأدوية، وهذا ما سيحرم عدداً كبيراً من المرضى من تأمين أدويتهم. وأوضحت أنّنا قد لا نشهد انقطاعاً للأدوية، إذ أنّ النقابة تعمل على خطّة لمنع التخزين، وعلى سياسة لمنع الاحتكار من خلال دورات تفتيش على الصيدليات والمخازن. وفي حال نشوب الحرب، فهناك خطّة طوارئ لاستيراد الدواء من الخارج ليكون متوفّراً في السوق اللبناني.
إقبال المواطنين على الصيدليات في ظلّ التخوّف من الحرب
أوضح صاحب إحدى الصيدليات في بيروت جاد يوسف، في حديث لموقع “هنا لبنان” أنّ نسبة مبيع أدوية الأمراض المزمنة ارتفعت بشكل ملحوظ في الأسابيع الأخيرة. واعتبر أنَّ التّهافت على الصيدليات بهدف تخزين الأدوية، هو أمر طبيعي ومتوقّع بسبب الخوف من الحرب. وأضاف: “الهجوم على شراء وتخزين الأدوية الذي نشهده اليوم يذكّرنا بما حصل في عام 2020 مع بدء الأزمة الاقتصاديّة في البلد”. ولفت يوسف إلى أنّنا لم نخرج أساساً من الأزمة الأولى حتى ندخل في أزمة دواء جديدة. هذا الأمر يحدث إرباكاً لدى كثير من أصحاب الصيدليات الذين أمطرت عليهم طلبيات كثيرة من زبائنهم لم يحسبوا لها حساباً.
واعتبر يوسف أنّه من غير المسموح أن يتمّ صرف أدوية الأمراض المزمنة بكميات كبيرة ومن دون ترشيد، لأن لا مخزون كافياً لدى أغلبيّة الصيدليات. ففي سنوات الأزمة الماضية تمّ فقدان الكثير من أنواع الأدوية، خاصة أدوية الأمراض المزمنة، وهذا ما أجبر بعض الصيادلة على استنزاف مخزونهم الخاص. وحالياً، أصبح من الصعب إعادة المخزون كما كان في السابق بسبب الكميات المحدودة التي توزّعها شركات مستوردي الأدوية.
في سياق متّصل، شرح يوسف أنّ أصحاب المستودعات والموزعين ومستوردي الدواء يفرضون على الصيادلة الدفع لقاء طلبياتهم بشكل فوري عند تسليمها، ما يفرض على الصيدليات شراء حاجتها فقط. وختم يوسف حديثه بأنّ الأزمة لا تقتصر فقط على أدوية الأمراض المزمنة، بل على أدوية ومستلزمات طبيّة أخرى مرتبطة بالأطفال كأدوية الالتهابات مثلاً، والحليب وعلاجات الجروح…
مواضيع مماثلة للكاتب:
مساحات البناء المرخّصة تراجعت.. فهل يعاود القطاع نشاطه؟ | أشجار زيتون الجنوب من عمر لبنان… “قلوبنا احترقت عليها!” | الإيجارات في لبنان ترتفع بشكل غير مسبوق.. فهل الحرب هي السبب؟ |