انزلاق لبنان إلى الحرب: خسائر بالمليارات
الحرب ستؤدي إلى اضطراب شديد في قطاع الخدمات في لبنان، مما يعقد مسار التعافي الاقتصادي للبلاد، كما أنّ الحروب والنزاعات تؤثر بشكل عميق ومطول على الصحة النفسية للأفراد، وفي لبنان، سيكون هذا التأثي شديدًا نظراً للتحديات الاقتصادية والاجتماعية الحالية
كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان”:
بعد 40 يوماً على عملية “طوفان الأقصى” بين إسرائيل وحماس وتدخل “حزب الله” فيها من جبهة لبنان الجنوبية، أخذ حجم تكاليف الحرب والخسائر التي يتكبدها الاقتصاد اللبناني في كافة قطاعاته يتكشف ما يزيد من حالة “يقين الخسائر”.
فبحسب تقديرات المعنيين فإن أولى ضحايا الحرب هو القطاع السياحي حيث ألغيت الحجوزات في معظم الفنادق حتى سجلت حركة الإشغال صفراً، كما ألغى عدد من السياح رحلاتهم إلى لبنان ما سيعرقل حركة تدفق العملة الصعبة إلى البلاد وحكماً سيؤثر على عمل المطاعم والملاهي الليلية.
ووسط سيناريوهات ضبابية تفرض نفسها على المشهد في الجنوب، وعلى الرغم من أنه يتعذر إجراء تحليل شامل ودقيق للخسائر أثناء اندلاع الصراعات إلا أن خبراء اقتصاديون يقدرون الخسائر بالمليارات في حال انزلق لبنان إلى الحرب.
من جهته، يقول الخبير الاقتصادي مازن دكاش لـ “هنا لبنان”: “إذا انزلق لبنان إلى الحرب، ستكون العواقب وخيمة على الاقتصاد وعلى الشعب بشكل عام، الحروب تؤدي عادةً إلى دمار كبير في البنية التحتية، مما يعيق النشاط الاقتصادي، وتكاليف إعادة الإعمار يمكن أن تكون هائلة وتتجاوز المليارات، خصوصاً في بلد مثل لبنان الذي يعاني بالفعل من مشاكل اقتصادية كبيرة”.
ويتابع: “الحرب تؤدي أيضاً إلى انخفاض في الاستثمار الأجنبي والسياحة، وهما مصدران رئيسيان للدخل في لبنان، مشيراً إلى أن العواقب الإنسانية، مثل فقدان الأرواح والنزوح الجماعي للسكان، تكون مأساوية وتترك أثراً طويل الأمد على المجتمع”.
بالإضافة إلى ذلك، تؤثر الحرب سلباً على الأسواق المالية والثقة الاقتصادية، مما يؤدي إلى انخفاض قيمة العملة المحلية وارتفاع التضخم. هذا يزيد من صعوبة الحياة اليومية للمواطنين، خصوصاً في ظل ارتفاع أسعار السلع والخدمات، بحسب دكاش.
ويلفت إلى أن “قطاع الخدمات في لبنان، الذي يشكل جزءًا كبيرًا من الاقتصاد، حيث يتأثر بشكل كبير في حالة الحرب ومن الآثار المحتملة يعدّد: أولاً: انخفاض السياحة: الحرب تؤدي عادة إلى انخفاض حاد في السياحة، وهي مصدر رئيسي للدخل في لبنان. الفنادق، المطاعم، والمعالم السياحية ستعاني من انخفاض الطلب.
ثانياً، تعطيل الخدمات المالية والمصرفية: القطاع المصرفي، الذي يعد ركيزة أساسية في الاقتصاد اللبناني، قد يواجه تحديات كبيرة بسبب الأوضاع الأمنية المتقلبة وانعدام الاستقرار.
ثالثاُ، تأثير على الخدمات الصحية والتعليمية: الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم ستعاني أيضًا، حيث يمكن أن يؤدي الدمار ونقص التمويل إلى تراجع جودة هذه الخدمات.
رابعاً، انقطاع الخدمات اللوجستية والنقل: النقل واللوجستيات ستواجه صعوبات كبيرة، مما يؤثر على حركة البضائع والأشخاص داخل البلاد وعبر الحدود.
خامساً، زيادة البطالة: مع تراجع النشاط الاقتصادي، سيزيد معدل البطالة، خصوصاً في القطاعات الخدماتية التي تعتمد بشكل كبير على الاستهلاك والطلب الداخلي والخارجي.
سادساً، تأثير على الاتصالات والتكنولوجيا: البنية التحتية للاتصالات قد تتضرر، مما يؤثر على توفر وكفاءة خدمات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
بشكل عام، الحرب ستؤدي إلى اضطراب شديد في قطاع الخدمات في لبنان، مما يعقد مسار التعافي الاقتصادي للبلاد، كما وأن الحروب والنزاعات تؤثر بشكل عميق ومطول على الصحة النفسية للأفراد، وفي لبنان، سيكون هذا التأثير شديدًا نظراً للتحديات الاقتصادية والاجتماعية الحالية.
وبحسب التقديرات فإنّ الخسائر الاقتصادية للحرب في لبنان قد تصل إلى مليارات الدولارات. إذ قدر بنك لبنان والمهجر أن الحرب قد تؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 10٪، وارتفاع معدلات البطالة إلى 20٪، وتضخم الأسعار بنسبة 50٪.
توقعات د.جهاد الحكيم الأستاذ المحاضر في الاقتصاد والأسواق المالية والعالمية لا تختلف عن تقديرات دكاش إذ يرى أنه “لو خاض لبنان حرباً حقيقية أشبه بحرب تموز فهنا لم يعد الموضوع يتعلق بالاقتصاد فحسب بل بالوجود اللبناني الذي يصبح على المحك، فلبنان المنهار اقتصادياً ومصرفياً لم يعد لديه أي قطاع يعّول عليه سوى السياحة التي تعتبر متنفساً له، فإذا ضرب القطاع السياحي الذي كان قد بدأ بالتعافي إلى حد ما والذي يشكل مصدر دخل لكثير من القطاعات والأفراد، مع ضرب ما تبقى من القطاع الصناعي ومن اقتصاد المعرفة فستكون الخسائر على لبنان لا تعد ولا تحصى”.
ويشرح: “ضرب السياحة يكون من خلال ضرب البنى التحتية وهو ما يعني دمار لبنان بأكمله، خصوصاً وأن لا إمكانية لإعادة البناء والإعمار، وسيكون للدخول في حرب شاملة تداعيات كثيرة وستكون الخسائر بالجملة”.
ويشير إلى أن “لولا الحرب الدائرة على الحدود من الممكن أن يسجل لبنان نمواً إيجابياً بعد ارتفع معدل النمو في البلد المنهار خلال أول 6 أشهر من العام 2023، ولكن بسبب الأوضاع والتطورات على الجبهة الجنوبية من المتوقع أن يسجل لبنان صفر نمواً خلال نهاية العام الجاري إن تطورت الأمور، لأن الحرب ستقضي على ما تبقى من قطاعات سياحية وصناعية وإنتاجية وبنى تحتية وغيرها.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟ | قائد الجيش “رجل المرحلة”.. التمديد أو الإطاحة بالـ1701! |