٢٢ تشرين الثاني… استقلال منقوص ومناقشة للقرار 1701 قد تحمل تقييماً أممياً مختلفاً
هل سيبقى تنفيذ القرار الدولي 1701 حبراً على ورق في حال الحرب وهل سيكون تقييم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في جلسة مجلس الأمن مختلفاً عما سبق بعد أن بدّل من مواقفه حيال الحرب في غزة؟
كتبت شهير إدريس لـ “هنا لبنان”:
في ذكراه الثمانين، يحلّ الاستقلال على لبنان ناقصاً لأسباب كثيرة يتصدرها فراغٌ رئاسيٌّ مُدوٍّ، وتجاذبات وخلافات داخلية تحكمها الشخصنة حول قيادة الجيش في المرحلة المقبلة، وأزمة اقتصادية ومالية متردية، وأوضاع أمنية خطيرة عند الحدود الجنوبية قد تتطور إلى حرب مدمرة على غرار حرب غزة.
لا احتفالات ولا كلمات تؤكد على معاني الاستقلال ووجود لبنان السيد الحر المستقل، وحدها أكاليل الزهر ستنتشر على التماثيل لتكريم رجالات الإستقلال باسم الجمهورية اللبنانية لتؤكد على روحية الإستقلال الشكلي، وزيارة لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى قلعة راشيا، فيما يبقى الجيش اللبناني البوصلة والرهان لحماية لبنان.
وعلى شاكلة السنوات الأربع الأخيرة ستمر المناسبة باهتة ومن دون صخب، وستصل رسائل التهنئة من دول العالم إلى قصر بعبدا الخالي من رئيسه وإلى رئيسي مجلس النواب والحكومة والتي ستشدد على دعم سيادة وإستقلال لبنان وسلامة أراضيه والتي كان أولها من الرئيس الأميركي جو بايدن الذي أكد في رسالته “أن الولايات المتحدة الأميركية ستواصل العمل مع لبنان ومع الشركاء في منطقة الشرق الأوسط بشكل وثيق للحفاظ على السلام ومنع توسع رقعة الصراع”.
كل ذلك في وقت يسيطر فيه التعطيل والنكايات السياسية على كل مفاصل الدولة ومؤسساتها، كما لا يزال لبنان ينتظر تدخلاً ومساعٍ خارجية لإنقاذه ومطالبات دولية من أجل إنتخاب رئيس للجمهورية، ومعاودة مفاوضات صندوق النقد الدولي والقيام بالإصلاحات المطلوبة وتحقيق التعافي الإقتصادي والمالي.
ووسط التجاذبات الحاصلة بين وزير الدفاع وقائد الجيش على خلفية ملف الرئاسة والتعيينات العسكرية أصدر قائد الجيش العماد جوزيف عون أمراً اليوم للعسكريين الذين يقومون بواجباتهم للدفاع عن لبنان في اصعب الظروف، إذ شدد فيه على خطورة الأوضاع في الجنوب مشيراً إلى أنّ المؤسسة العسكرية تعيش مرحلة مفصلية وحساسة في ظل التجاذبات السياسية في حين تقتضي المصلحة الوطنية العليا عدم المساس بها وضمان استمراريتها وتماسكها والحفاظ على معنويات عسكرييها.
وتزامناً مع عيد الإستقلال تعقد جلسة لمجلس الأمن لتقييم مرحلة تطبيق القرار 1701 والذي تجاوزته المواجهات في جنوب لبنان بين حزب الله والعدو الإسرائيلي، وتحمل المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا إحاطة شاملة إلى نيويورك حول التطورات الميدانية جنوباً بعد أن جالت على المسؤولين اللبنانيين وغادرت السبت لتشارك في الجلسة.
مصادر ديبلوماسية مطلعة أكدت لموقع “هنا لبنان” أنّ جلسة مجلس الأمن الأربعاء في 22 تشرين الجاري والتي تعقد كل أربعة أشهر بشكل دوري لن تكون كسابقاتها، إنما قد تشهد هذه المرة اهتماماً دولياً من قبل الدول الأعضاء بضرورة تفعيل مندرجات القرار 1701 وتطبيق بنوده في ظل الأحداث الحاصلة في جنوب لبنان وتعرض قوات اليونيفيل والجيش اللبناني والأراضي اللبنانية ضمن وخارج الخط الأزرق للاعتداءات والخروقات براً وبحراً وجواً والموثّقة بالشكاوى المقدمة من لبنان إلى مجلس الأمن ومنها استهداف المدنيين والصحافيين واستخدام الفوسفور الأبيض عبر سياسة الأرض المحروقة والأسلحة المحرمة دولياً والتي شدد سفير لبنان في نيويورك هادي هاشم على ضرورة إضافتها بعد أن وصلت الشكوى في الوقت الذي كان التقرير قد أعد، إضافة إلى خرق لقواعد الإشتباك بين حزب الله والجيش الإسرائيلي وتدهور الوضع جنوباً وخطورته في حال اتساع رقعة المواجهات. وتشير المصادر إلى وضع أفكار جديدة من شأنها تطوير القرار 1701 إضافة إلى تأثير الرسائل التحذيرية التي وصلت إلى لبنان من بعض الدول الممثلة في مجلس الأمن بضرورة عدم التصعيد والتأكيد على الإلتزام بالقرار الدولي واحترام بنوده وعدم تعريض لبنان لحرب قد تكون مدمرة ستهدد الأمن والإستقرار وسلامة قوات اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان منذ سنوات لا سيما منذ حرب تموز 2006 والتي تعتبر في صلب القرار ومن أهدافه الرئيسية، إذ لا يزال هذا القرار يحمل أهمية كبرى ومن شأنه وضع حدٍّ للتصعيد بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي. وهذا ما أكده مستشار الرئيس الأميركي آموس هوكشتاين بأنّ ما يحصل في غزة يجب أن لا يؤثر على حدود لبنان، والطمأنة التي صدرت عن المسؤولين الإيرانيين بعدم رغبة إيران وحزب الله بالدخول في الحرب.
وأشارت مصادر من التقتهم فرونتسكا قبل مغادرتها إلى نيويورك لموقع “هنا لبنان” أنّ إحاطتها ستكون شاملة وستتضمن الخروقات والإنتهاكات للسيادة اللبنانية إضافة إلى الإضاءة على عمليات حزب الله والتي توسعت خارج نطاق الخط الأزرق واستعملت خلالها أسلحة نوعية، وستحمل الإحاطة أيضاً تحذيراً من خطر استمرار الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية وتأثيره على الوضع اللبناني بشكل عام وستتطرق خلال اجتماع نيويورك إلى زيادة المساعدات الإنسانية.
وكما يحضر القرار 1701 بثقله في مجلس الأمن، كان القرار قد حضر بقوة ومن بوابة قيادة الجيش في عظة بكركي الأخيرة حيث ربط البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بينه وبين التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون حفاظاً على المؤسسة العسكرية والموقع الماروني في ظل المواجهات في الجنوب مؤكداً على أنّ موضوع القيادة مرتبط بحفظ الأمن على كامل الأراضي اللبنانية والحدود بموجب القرار 1701 محذراً من يعطلون لمآرب شخصية من التلاعب باستقرار البلد والمؤسسات وعلى رأسها المؤسسة العسكرية.
وقد يكون لنداء نواب المعارضة والذي شدد على ضرورة تطبيق القرار 1701 والتأكيد على عدم رغبة اللبنانيين دخول الحرب وأن يأخذ حزب الله قرار الحرب والسلم صدى دولي، بعد أن قاموا بتوجيهه للجامعة العربية وعبرها للقمة التي عقدت في الرياض، وبحسب معظم النواب المشاركين فهم ما زالوا ينشطون باتجاه الدول المعنية عبر إرسال ندائهم للبعثات الديبلوماسية وإجراء إتصالات فاعلة للضغط من أجل تحييد لبنان عن الصراعات الدائرة في المنطقة وتنفيذ القرارات الدولية وأهمها القرار 1701 الذي التزم به لبنان لا سيما حزب الله منذ العام 2006 ويبقى الضمانة الوحيدة حالياً لحماية لبنان وحدوده الجنوبية قبل الإنزلاق نحو أمور لا تحمد عقباها.
فهل سيبقى تنفيذ القرار الدولي 1701 حبراً على ورق في حال الحرب وهل سيكون تقييم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في جلسة مجلس الأمن مختلفاً عما سبق بعد أن بدّل من مواقفه حيال الحرب في غزة؟