الحكومة “تغرف” من المؤسسات السياحية.. موازنة “كارثية” على ما تبقى من هذا القطاع!


خاص 23 تشرين الثانى, 2023
الحكومة

استحدثت موازنة 2024 رسوماً جديدة على المؤسسات السياحية، إذ رأت فيها الحكومة باباً سهلاً لتحصيل الإيرادات لتغطية نفقاتها وعجزها، من قطاع استطاع مواجهة الأزمة الإقتصادية والتأقلم معها والخروج بأقل خسائر ممكنة، فأثار شهيتها لتحصيل الأموال منه عبر فرض المزيد من الضرائب


كتبت ريمان ضو لـ”هنا لبنان”:

موازنة العام 2024 لا تتضمن نفحة إصلاحية وليست على قدر الطموح والصعوبات وبلا رؤية إقتصادية وأرقامها غير واقعية، هكذا وصف رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان الموازنة للعام المقبل.
ففي المادة 40 من الموازنة، استحداث رسوم جديدة على المؤسسات السياحية على أنواعها، رأت فيها الحكومة باباً سهلاً لتحصيل الإيرادات لتغطية نفقاتها وعجزها، من قطاع استطاع مواجهة الأزمة الإقتصادية والتأقلم معها والخروج بأقل خسائر ممكنة، فأثار شهيتها لتحصيل الأموال منه عبر فرض المزيد من الضرائب كتلك التي فرضتها على رخص وإجازات الاستثمار الصادرة عن وزراة السياحة، ورخص التدخين، ورخص المرآب إضافة إلى الرسوم غير المباشرة كالرسوم البلدية، وعلى المياه والكهرباء.

وفي هذا الإطار، شبّه نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر، وشبّه ما تقوم به الحكومة في موازنتها من تدمير القطاع السياحي بما يفعله بنيامين نتنياهو في غزة، وأشار في حديث لـ “هنا لبنان” إلى أنّ الحكومة بدل دعم القطاع السياحي الذي تمّكن من جذب الإستثمارات، وتأمين فرص العمل للشباب اللبناني، تسعى إلى تأمين إيراداتها من هذا القطاع عبر موازنة تفتقر إلى أي رؤية اقتصادية أو خطة إصلاحية.
وهذه الحكومة، يقول الأشقر، تحولت إلى “محاسبجية” ترصد من تمّكن من تحقيق بعض الأرباح في فصل الصيف حتى تستولي عليها، وباتت كلصٍّ يراقب من يمتلك الأموال للإنقضاض عليه وسرقته.
يبرز في كلام الأشقر عتب واضح على وزارة السياحة والوزير المعني، الذي لم يقم بأي خطوات لدعم القطاع السياحي، والذي يبدو موافقاً ضمنياً على ما ورد في الموازنة إذ لم يعترض أساساً عليها.
ولفت الأشقر إلى أن الموازنة مرفوضة جملة وتفصيلاً وإذا وافق عليها مجلس النواب أو أقرّتها الحكومة، فذلك سيؤدي إلى تدمير البلد، وخصوصاً القطاع السياحي بتحميله أعباءً إضافية لا قدرة له قادر على تحمّلها.

ومن جهته، أوضح الخبير الاقتصادي خالد بو شقرا لـ “هنا لبنان” أنّ “فرض الضرائب على القطاع السياحي يأتي استكمالاً لما بدأته الحكومة مع نهاية العام الأول من الإنهيار الاقتصادي عام 2020، عندما أصدرت القرار 893 الذي يجيز احتساب الضريبة على القيمة المضافة على السلع المستوردة والمباعة بالدولار، بحسب سعر صرف السوق وليس بحسب سعر الصرف الرسمي، ومن ثم امتدت هذه العمليات لتطال الرواتب المدفوعة بالدولار. واليوم تواصل الحكومة الالتفاف على الأزمة من خلال البحث عن تحصيل الواردات لتغطية النفقات والتفتيش عن المؤسسات والأفراد والقطاعات التي استطاعت تخطي الأزمة في هذا البلد من أجل تحميلها كلفة الانهيار، بدلاً من إقرار الإصلاحات المطلوبة.
وبحسب بو شقرا، فإنّ موازنة العام 2024 مجرد استنساخ لموازنة العام 2023 ، ولكن بفارق بسيط فالحكومة بعثرت بنودها وأرقامها ووضعتها في الموازنة الجديدة أملاً بإقرارها في مرسوم كما هي، من دون أي تعديلات من المجلس النيابي.
وأشار بو شقرا إلى أنّ القطاع السياحي الذي حقق عائدات كثيرة، يثير شهية الحكومة بفرض ضرائب عليه بشكل مباشر وغير مباشر، ومن الضرائب غير المباشرة الضريبة على القيمة المضافة والرسوم على السلع المستوردة، وعلى المياه والكهرباء، والرواتب والأرباح. إلّا أنّ اللافت هي الزيادات الضخمة على رسوم تسجيل الشركات، فتسجيل شركة أشخاص تضاعف خمسين ألف مرة، وشركة الأموال تضاعف 150 ألف مرة. وهذه الضرائب ستزيد العبء على القطاع السياحي وستحدّ من الاستثمار في هذا القطاع.
وأوضح أنّ “فرض الضرائب في أوقات الإنكماش، يؤدي إلى عكس المرجو منه، بحيث تنخفض نسبة تسديد الضرائب، لأن المؤسسات قد تقفل أبوابها أو يتراجع عملها”. وفي هذا الإطار يشير إلى أنّ “معظم المؤسسات السياحية، من مطاعم فنادق وباتيسري وملاهي ليلية، أصبح عملها موسمياً، فعلى سبيل المثال الإشغال الفندقي تراجع إلى 5 و 10 % أي بنسبة تسعين في المئة وكذلك المطاعم، كما أنّ القطاع السياحي الذي كان يشمل 8500 مؤسسة دائمة و4500 مؤسسة موسمية، أصبحت معظم مؤسساته موسمية، وانخفضت نسبة اليد العاملة من 120 ألف بين موسميين ودائمين، إلى أقلّ من خمسين ألفاً.
وبالمنطق الاقتصادي وفي وقت الأزمات، يقول بو شقرا، “لا يتم وضع موازنات ضرائبية إنكماشية، إنما موازنات تحفيزية للإستثمارات الجديدة، خصوصاً أنّه لا يوجد حتى الساعة أرقام واضحة لدى وزارة المال، وبحسب مسؤولين في لجنة المال والموازنة، عن قيمة ما ستجبيه من إيرادات عبر هذه الضرائب.”

الأكيد أنّ هذه الموازنة تسعى إلى الإجهاز على ما تبقى من مؤسسات صامدة وبقيت “واقفة على رجليها” في ظل هذه الأزمة. فالحكومة، ومعها النواب، يدركون أنّ استحداث ضرائب ورسوم جديدة في هذا الوضع الإقتصادي والإجتماعي لا يسمن ولا يغني.
وإذا كانت لجنة المال والموازنة قد قررت إعادة النظر بالضرائب المفروضة على المؤسسات السياحية وفقاً لقواعد العدالة الإجتماعية والتناسب بين حجم المؤسسة وتحفيز الإقتصاد، كما ذكرت، لذلك فإن من المرجح أن تتنصل اللجنة، ومعها المجلس النيابي، من هذه الموازنة، وترمي الكرة في ملعب الحكومة، التي قد تلجأ إلى إصدار الموازنة بمرسوم، بعد 31 كانون الثاني، انطلاقاً من المادة 86 من الدستور التي تنص على أنّه في حال لم يبتّ مجلس النواب مشروع الموازنة نهائياً يحق لمجلس الوزراء أنّ يصدر مرسوماً يجعل هذه الموازنة نافذة، وإن كان البعض يرى أنّ أمام ذلك عقبات دستورية أيضاً، في غياب رئيس الجمهورية، والحاجة إلى توقيع 24 وزيراً وما هو متعذر حالياً بحسب الخلافات السياسية.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us