زيارة عبداللهيان والرسائل المفتوحة… إلتزموا الهدنة
من الواضح أنّ ايران تسعى مع حلفائها في لبنان لإفساح المجال كي يكون الحل إقليمياً بالتفاهم مع السعودية ..
كتبت ناديا الحلاق لـ”هنا لبنان”:
في مرحلة حساسة وعلى وقع استمرار المواجهات وتصاعدها بين حزب الله وقوات الجيش الإسرائيلي على الجبهة الجنوبية، حطّ وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان يوم أمس في بيروت عقب الإعلان عن هدنة مؤقتة بين “حماس” و “إسرائيل” في غزّة تشمل تبادل أسرى ورهائن.
هذه الزيارة تحمل رسائل عدة، فبعدما كان من الصعب رسم سيناريو واضح لما بعد “حرب غزة”، وسط غياب الأهداف السياسية لحركة حماس وتشابك المصالح الإقليمية والدولية في المنطقة، أتت الزيارة الإيرانية إلى لبنان لـ”تهدئة الجو” والتأكيد على أنّ الميدان في الجنوب لم يعد كما كان من قبل، وذلك بعد إقرار وزير الخارجية الإيراني بأنّ الهدنة في غزّة أمر جيد ولكن الأهم من ذلك هو العمل للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار.
وبحسب مراقبين فإنّ عبد اللهيان يسعى إلى التهدئة تجنباً لتوريط إيران بحرب في غزة تكلفها حرباً مع الأميركيين والأوروبيين.
المحلل السياسي يوسف دياب يوضح لـ “هنا لبنان” أنّ “زيارة وزير الخارجية الإيراني من حيث التوقيت تحمل دلالات ومضامين مهمة، خصوصاً وأنها أتت عشية تنفيذ الاتفاق الذي توصلت إليه حركة حماس مع إسرائيل بخصوص تبادل الأسرى والدخول بهدنة إنسانية لمدة 4 أيام”.
ويضيف: “لا شكّ أنّ الإيراني لديه سباق ما بين التصعيد الحاصل على الأرض والمساعي السياسية والدبلوماسية لوقف إطلاق النار في غزة، وبالطبع إيران لها مصلحة بوقف إطلاق النار لاعتبارها أنّها تربح بالنقاط في غزّة من خلال صمود حركة حماس، وبالتالي إن أدى هذا الصمود إلى وقف إطلاق نار بتدخل دولي كبير فهي ستعتبر أنّها حققت انتصاراً شبيهاً بانتصار العام 2006 وبالتالي تستطيع أن تجيّر انتصارها لمحور المقاومة الذي تقوده على مستوى المنطقة”.
ويتابع دياب: “زيارة عبد اللهيان لها هدفان أوّلهما التأكيد أنّ إيران في قلب المعركة مع إسرائيل، أما الأهم فهو القول لحزب الله أنّ العمليات التي ينفذها في جنوب لبنان يجب أن تكون مدروسة جداً وأن لا تمتدّ إلى عملية واسعة النطاق أو ضربة مؤلمة تبرر لإسرائيل الدخول بالحرب، وبالتالي فإن الإيراني منذ البداية لا يريد الدخول بحرب، ويعمل على كبح الحزب كي لا يتورط بحرب ويورّط إيران معه”.
وبرأي دياب فإنّ “إيران تعلم أنّ تورطها في حرب مع إسرائيل يعني دخولها بحرب مع الأميركيين الموجودين في أساطيلها في البحر ومع الأوروبيين أيضاً، وبالتالي فإنّ ظروف المعركة وظروف اللعبة العسكرية مختلفة عن السابق”.
وفيما بات واضحاً أنّ عبد اللهيان يريد التأكيد على أهمية الاستقرار في المنطقة وعدم الذهاب إلى حرب مفتوحة، وذلك من خلال رسائل الضغط التي أرسلها للأميركيين كي يدفعوا بإسرائيل نحو القبول باتفاق إطلاق النار، يبقى الأهم، هو محاولة الجانب الإيراني قطف ثمار العملية العسكرية واستثمار ما تمّ تحقيقه، في السياسة لمصلحة الدور الإيراني ولمصلحة الحزب وسلاحه.
في هذا السياق يعتبر الخبير في أسلحة الدمار الشامل العقيد المتقاعد أكرم سريوي، أنّ تزامن زيارة وزير خارجية إيران إلى لبنان مع الإعلان عن التوصل إلى اتفاق هدنة بين إسرائيل وحماس، يحمل دلالة واحدة وهي التهدئة، وخاصّة على جبهة جنوب لبنان، وهي الجبهة التي لم يشملها الاتفاق القطري بشكل واضح.
ويتابع في حديث لـ”هنا لبنان”: “أما في ما يتعلق بالبعد الإقليمي للزيارة، سيّما وأنّ لبنان يمثل ساحة اشتباك إيراني- أميركي وإيراني -إسرائيلي، فإنّ عبد اللهيان ومن بيروت أراد إيصال رسالة للأميركيين ومحورها أنّه لا يمكن تجاهل إيران في أيّ حلّ نهائي للمنطقة وإذا كانت الهدنة المؤقتة وصفقة تبادل بعض الأسرى تمت بوساطة قطرية ومصرية بعيداً عن إيران فهذا لن يكون حال وقف إطلاق النار والحل النهائي للحرب على غزة”.
أما على محور العلاقات الإيرانية – السعودية فإن عبد اللهيان، وفق سريوي، يريد التأكيد على المساحة المشتركة والبحث عن حلول مرضية للطرفين، خاصّة لناحية رئاسة الجمهورية والفراغ المحتمل في قيادة الجيش.
ليختم بالقول: “من الواضح أنّ ايران تسعى مع حلفائها في لبنان لإفساح المجال كي يكون الحل إقليمياً بالتفاهم مع السعودية، بعيداً عن التأثير الأميركي”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟ | قائد الجيش “رجل المرحلة”.. التمديد أو الإطاحة بالـ1701! |