نتائج حرب غزّة تحسم مستقبل المنطقة.. هل الغلبة للميليشيات؟
أسئلةٌ كثيرةٌ تُطرَح بعد حرب غزّة والتطوّرات التي واكبتها وأعقبتها من دون أيّ إجاباتٍ مقنعةٍ عليها ومنها: لماذا كانت الحرب في غزة الآن؟ لماذا تُركت حماس لمصيرها في المواجهة، واعتمدت باقي قوى الممانعة المساندة؟ أين وحدة الجبهات والساحات؟ وأين سوريا؟
كتب فيليب أبي عقل لـ”هنا لبنان”:
اعتماد إيران ازدواجية المعايير في التعاطي مع الحرب في غزة، والتّواصل مع الأطراف الدولية والإقليمية خصوصاً الجانب الأميركي، يؤكّد أنّها تتخبّط في مواقفها لأنّها لم تحسم خيارها بعد، وهي غير مستعجلة لحسم موقفها من الاتفاق مع إدارة الرئيس جو بايدن الآن بانتظار نتائج الانتخابات الأميركية في تشرين الثاني المقبل. لذلك تلجأ بحسب ما تؤكّد أوساط سياسية في فريق الممانعة إلى سياسة “ضربة على الحافر وضربة على المسمار”، تاركة خطوط التواصل مفتوحة مع الجميع خصوصاً مع إدارة بايدن عبر القنوات الخلفية أو مع حماس وفصائل الممانعة، بعدما تبيّن أنّ الحرب في غزة طويلة وقد تتحوّل إلى حرب استنزافٍ لأذرع إيران العسكرية في المنطقة، تمهيداً للتّسوية المقدِمة للسلام الشامل والعادل.
لقد غيّرت الحرب في غزة مجريات الأمور والمسارات في المنطقة تحضيراً لشرق أوسط جديد وتحالفات دولية وإقليمية جديدة تنبعث من رحم النتائج الّتي قد تُسفرعنها التطورات في أكثرمن منطقة في العالم.
وهناك أسئلة كثيرة تُطرح بعد حرب غزة والتطورات التي واكبتها وأعقبتها من دون أيّ إجاباتٍ مقنعة عليها ومنها: لماذا كانت الحرب في غزة الآن؟ لماذا تُرِكت حماس لمصيرها في المواجهة، واعتمدت باقي قوى الممانعة ومنهم حزب الله المساندة؟ أين وحدة الجبهات والساحات؟ أين سوريا؟ أين دول محور الممانعة؟ هل في الأمر قطبة مخفية أو صفقة ما؟ أين إيران قائدة محورالممانعة؟ إنّ المواقف التي تصدرعن المسؤوليين الإيرانيين من المرشد إلى الرئيس ابراهيم رئيسي إلى وزيرالخارجية حسين أميرعبد اللهيان وصولاً إلى قائد فيلق القدس اسماعيل قاآني، كلّها تعزّز ما يشير إليه مسؤول غربي عن وجود ازدواجية معايير لدى إيران، في حين يبقى السؤال ماذا بعد غزة؟
تتحدث أوساط دبلوماسية غربية عن سيناريوهات عدة يتم التداول بها. لكن حتى الآن لا مشروع واضح ومسار محدد ليُعتمد لدى المجتمع الدولي. لذلك، تنقسم مواقف المسؤولين في الغرب بين مؤيّد لما تقوم به إسرائيل وبين داعم لحماس. غير أنّ الثّابت، كما تقول أوساط دبلوماسية غربية أنّ المسار الّذي ستسلكه التطوّرات في المستقبل يتّجه إلى مشروع تسووي شامل غير واضح المعالم والتفاصيل بعد. إلّا أنّ المعلومات تؤشّر إلى تحالفات جديدة وضوابط ستُفرض على الجميع لتحصين مشروع السلام.
فيما يقول مسؤول عربي أنّ ثمّة أدواراً متوقعة لبعض دول المنطقة لبلوغ المسار التسووي كمقدمة للسلام الشامل، ولكنّها لم تتبلور بشكلها النهائي بعد بفعل غياب دول فاعلة عن المشهد العام والمتغيرات المفاجئة. لذلك يتوقع دخول المنطقة في حرب استنزاف طويلة لحل الأزمات وفق مشروع السلام المرتكزعلى إنشاء دولة فلسطين المستقلّة على أرضها وعاصمتها القدس.
وتسأل أوساط غربية مراقبة من سيصمد في حرب الاستنزاف هذه، الدول أم الميليشيات، أي بشكل أوضح لمن سيكون القرارالحاسم أللدولة ومؤسساتها أم للميليشيات؟ ردًّا على السؤال إيّاه يوضح مسؤول سابق أنّ المنطقة ستشهد في المرحلة المقبلة مواقف جديدة لافتة للدول التي غابت مواقفها عن المسرح السياسي حالياً، فتلعب دوراً ضمن خطة إنقاذية للمنطقة وفق التسوية ومشروع السلام. ولا بدّ في هذا المجال أن يكون لسوريا هذا الدور، فإمّا أن يلعبه النظام الحالي أو غيره في إطارعملية تغيير تتماشى مع التسوية.
وخلال المرحلة الانتقالية هذه، سيقبع لبنان في محطة الانتظار إلى حين تبلور المشهد وتظهّر نتائج التطورات العسكرية في غزة والتفاوض بين الأفرقاء واللاعبين الدوليين. بيد أنّ جهات أوروبية تسأل في هذا المضمار عن قدرته على الصمود في وضعه المأساوي وفي ظلّ الأزمات الخانقة؟ لكنّها تردف، أنّ ثمّة جهداً تبذله خماسية باريس، رغم انشغال دولها بالحرب في غزة لتحريك موضوع الرئاسة اللبنانية المجمّدة بهدف تحصين الساحة وتجنيبها تداعيات التطورات وحرب الاستنزاف، خشية أن يعمّ الفراغ سائر المؤسسات الأمنية والعسكرية والإدارية، لا سيما أنّ ملفّ الاستحقاق العسكري والأمني في قيادة الجيش وقوى الأمن الداخلي يشهد صراعاً داخلياً حادًّا يخشى بعض دول الخارج من أن يؤدّي إلى انهيار لبنان، إذ إنّ الطريق مسدودة حتّى الآن أمام المخارج والصيغ المقترحة، خصوصاً أنّ حزب الله الذي تعتبر أوساط المعارضة أنّه يتحكّم بصيغ الحلّ لدعم موقفه وتعزيز طروحاته وتحقيق مكاسب سياسية يتطلع إليها. لذلك يعزّز تحالفه مع التيار ويدعم طروحات النائب جبران باسيل في موضوع الشغور، في وقت تكشف مصادر المعلومات أنّ رئيس التيار يتحضّر لدورٍ جديد على الساحة.
لبنان أمام مفترق خطير اليوم وأزمته وجودية. فهل يتمّ إنقاذه في ربع الساعة الأخيرة لتتمّ المحافظة على الصيغة النموذجية والعمل على تطويرها وتحصينها وتحسينها لاحقاً، أم سيُترك لينهشه الانهيار ويطيح بالصيغة في مئويتها الأولى لقيامة لبنان جديد يتمّ تركيبه استناداً إلى نتائج التسوية في المنطقة؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
“الغرب” يريد فصل لبنان عن غزّة | بلينكن يخفق في إقناع إسرائيل بالحل.. وهوكشتاين يستطلع أفق المرحلة لبنانياً | باسيل يعد خطّة “انقلابية” تقطع طريق انتخاب عون |