كلّنا نريد جبران باسيل!
إذا استعرضنا مواقف مختلف القوى من رئاسة الجمهورية نرى أنّه ربما هناك موقفٌ أو اثنان فقط واضحان في رفضهما لفرنجية، فيما لا يختلف الآخرون كثيراً عن باسيل، والأسوأ من عدم اتّخاذهم موقفاً واضحاً وطرح مرشّح جدّيّ، أنّهم لا يعرفون من يدعمون
كتب سعد كيوان لـ “هنا لبنان”:
كلّنا نريد أن نستخدم جبران باسيل على قياسنا وهوانا ونختبئ وراءه لتبرير موقفنا وإيصال رسائلنا، فهناك من يريده كما هو وآخر عكس ذلك، وثالث يريده وسطيًّا يجمع أكثر من موقف وإن كانا متناقضين، ورابع يريد جبران مساوِمًا كما أجاد هده اللعبة منذ 2005 عندما وقّع التيّار العوني اتّفاقه مع حزب الله وكان جبران أحد المشاركين والموقّعين على ورقة التفاهم بينهما.
وقد استمرّ جبران باسيل بلعبة المساومة طيلة هذه الفترة محافظاً فقط على العلاقة مع حسن نصرالله الذي قام بنفس الدور، كما يحاول الآن أن يحافظ على العلاقة مع التيّار رغم الخلاف بينهما حول موضوع الرئاسة. كما أظهر باسيل أنّه يُتقن لعبة الغزل حول الموقف دون القطيعة مع أحد منذ الاجتماع الذي دعاه عليه نصرالله بحضور سليمان فرنجيّة الحليف اللّدود منذ أكثر من سنة وسبعة أشهر.
ولكن طيلة هذه الفترة كان باسيل يُصوّب سهامه ضدّ قائد الجيش جورف عون كمرشّح رئاسيّ ومرسلاً رسائل نحو فرنجية، إلى حين اللقاء معه مؤخّراً، ومؤكّداً على حساسية الموقف من الجيش ومعتبراً أنّ الجيش قبل ميشال عون لم يكن له دور ولم يكن مسيّساً وبالتالي لا يمكن أن ينخرط بدور سياسي عامّ بعيداً عن عون!
وإذا استعرضنا مواقف مختلف القوى من رئاسة الجمهورية نرى أنّه ربما هناك موقفٌ أو اثنان فقط واضحان في رفضهما لفرنجية، فيما لا يختلف الآخرون كثيراً عن باسيل، والأسوأ من عدم اتّخاذهم موقفاً واضحاً وطرح مرشّح جدّيّ، أنّهم لا يعرفون من يدعمون.
فالأطراف البقاعية أو الشمالية كالنّوّاب السُّنّة الذين ينتظرون أو لا ينتظرون الموقف السعودي فيما السعودي يقول علناً أنّه غير مهتمٍّ بمن سيصبح رئيساً في لبنان، أمّا بعض النّوّاب المستقلّين من البقاع أو الشمال فيطرًحون موقفاً وعكسه وينقلبون عليه خلال أيّام، مبرّرين ذلك بمراعاتهم للموارنة وكأنّ رئيس لبنان هو صنع للموارنة أو يُنتخب فقط من الموارنة فهم عمليًّا يعطون الحقّ لجبران باسيل في موقفه الذي يعتبر أنّ فرنجيّه أو قائد الجيش لا يُمثّلان الموارنة ولا شعبية لهما.
هذا التعاطي يعيد رئاسة الجمهورية وكلّ تركيبة النظام إلى ما قبل اتفاق الطائف، الذي لم يشارك فيه ميشال عون بل حاربه ورفضه وخاض معركةً شرسةً ضدّه، وذلك من منطلق طائفي وما زال جبران يعارضه من هذا المنطلق مغلّفاً موقفه بطرحٍ سياسيٍّ يلقى شعبيّةً ربّما في الشارع الماروني رفضاً لفرنجيه وما يمثّل من موقف سياسي في صفّ الممانعة وانحيازه العلني والصريح مع بشار الأسد. ولكنّ فرنجية اليوم وبعد أن استوعب على ما يبدو حساسية هذا الموقف والعداء الماروني للموقف من النظام السوري، ابتعد عنه مفضّلاً عدم الخوض فيه، فيما يُظهر باسيل ذكاءً سياسيًّا أفضل بابتعاده عن طرح الموقف السوري حاليًّا، فيُراوغ كعادته في الموقف رغم أنّه كان قد أعلن أنّه سيتوجّه إلى دمشق خلال الحملة الرئاسية غير أنّ الرياح تجري أحياناً بما لا تشتهي السفن.
ولكنّ ميكافيلية باسيل لا حدود لها، وهي ومغطّاة ومدعومةٌ من قائده وصانعه ميشال عون الذي يتنقل وهو في عمر التسعين (مواليد ١٩٣٣) مرافقاً صهره في مهرجاناته أينما حلّ للتمسّك بالشعبية والحفاظ عليها إذ إنّ عون خارج السلطة ليس كما كان داخل السلطة وباسيل زعيم الأكثرية لم يبقَ على حاله، فبات يُحاول ممارسة معارضة معزولة ومليئة بالمناورات والمساومات ليس فقط على الصعيد السياسي عبر شلّ الكثير من القوى، وإنما أيضاً يمارس معارضة معزولة داخل تياره مسنودة من زعيمه وحميه حتى إشعارٍ آخر فيما الانهيار يتوسّع في أكثر من منطقة حتّى في عقر داره البترون.
وقد بدأ جبران بالتوسّع بالفساد عبر شبكات التجارة والصفقات، والشراء بأسماء أقرباء أو بأسماء مستعارة في كافّة المجالات، فيما أخصامه نوّابًا ووزراء يتفرّجون ويُمارسون الخدمات اليومية والشخصية.
مواضيع مماثلة للكاتب:
برّي يفاوض.. أين المعارضون؟! | “الحزب” السلاح الإيراني الأكثر فعالية للتفاوض | وليد جنبلاط… السهل الممتنع |