“البلاك فرايداي” في عزّ الأزمة… عروضات تحرّك ركود الأسواق
التخفيضات التي وصلت إلى 70% والتي أعلنت عنها معظم المحلات التجارية كسرت حالة الركود التي ضربت الأسواق اللبنانية خصوصاً بعد الحرب الإسرائيلية على غزة والتي انعكست توترات في جنوب لبنان
كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان”:
انطلق يوم الجمعة الماضي “البلاك فرايداي” أو ما يعرف بـ “الجمعة الأسود” والذي يكون عادة في أواخر شهر تشرين الثاني وهو بداية موسم شراء هدايا عيد الميلاد، في المحلات والأسواق التجارية اللبنانية، عبر تخفيضات كبيرة أعلنت عنها معظم المحلات عن طريق الإعلانات أو الرسائل النصية ووسائل التواصل الاجتماعي. التخفيضات التي وصلت إلى 70% شملت الملابس والإلكترونيات والإكسسوارات والألعاب والهواتف الذكية ومنتجات التجميل والأثاث وحتى وصلت إلى عروض الأكل في المطاعم وغيرها من المنتجات، وامتد هذا الحدث التجاري الضخم إلى صفحات “الأونلاين” المتنوعة.
وقد نال هذا اليوم صدى واسعاً وأحدث حركة تجارية لافتة مقارنة بالسنوات الماضية، فكسر حالة الركود التي ضربت الأسواق التجارية خصوصاً بعد الحرب الإسرائيلية على غزة والتي امتدّت لتشمل حدود لبنان الجنوبية.
ويقول صاحب إحدى محلات الملابس لـ “هنا لبنان”: أتى هذا اليوم بعد أن شهدت الأسواق اللبنانية أوضاعاً مزرية وشللاً في حركة البيع، فكان “البلاك فرايدي” متنفساً كبيراً للعديد من أصحاب المحال التجارية، إذ شهدت إقبالاً على الشراء لم يكن متوقعاً، فارتفعت مبيعاتها مقارنة بالأيام الماضية، ما أدى الى انتعاش الأسواق رغم الظروف الصعبة”.
أما مارك وهو صاحب صفحة “أونلاين” لبيع الملابس الرياضية فيقول أنه “استغل هذا اليوم ليقدّم لزبائنه حزمة مغرية من البضائع بتخفيضات تناسب الجميع لاستقطابهم من جديد وفعلاً زادت مبيعاته بحدود الـ 50% بعد أن كانت صفحته “مجمّدة”.
من جهتها، تؤكد يمنى وهي متسوقة تحضّر ليوم عيد الميلاد: “أنها تنتظر “الجمعة الأسود” منذ شهرين كي تشتري هدايا الميلاد بأسعار مخفّضة، وبالطبع استطاعت الحصول على كل ما تريد بأسعار مدروسة تناسب ميزانيتها”.
أما من وجهة نظر إقتصاديين، يؤكد المختص في الشأن الاقتصادي ربيع ياسين لـ “هنا لبنان” أنّ “الأسواق عموماً ليست بأفضل حالاتها خصوصاً بعد الأزمات المتتالية التي أصابت لبنان منذ العام 2019 والانهيار المالي والاقتصادي، بالإضافة إلى جائحة كورونا وتفجير مرفأ بيروت في 4 آب التي أثّرت على الأسواق وأصابتها بشلل تام، ما دفع التجار إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل الصمود في محاولة لاستعادة عافيتها ونشاطها”.
ويتابع: “رغم الظروف الصعبة شهد لبنان خلال صيف 2023 موسماً سياحياً جيداً، مقارنة بالمواسم الماضية مع توافد السياح والمغتربين إليه وهو ما انعكس إيجاباً على الأسواق التجارية والمطاعم والمقاهي والفنادق”.
ويضيف: “بعد موسم الصيف استبشر التجار خيراً وزاد أملهم فعوّلوا على موسم الأعياد وهو ما أكدته الحجوزات قبل أن تأتي الحرب الإسرائيلية على غزة وتداعياتها على المنطقة وتحديداً لبنان لتقضي على كل شيء، فتغيرت المعادلة لناحية التوقعات ما خلق نوعاً من الخوف لدى التجار، ورغم كلّ المحاولات بقيت الحركة في الأسواق اللبنانية معدومة حتى أتى “البلاك فرايدي” وأعاد لها الحياة ولو نسبياً”.
وهنا نوّه ياسين “بدور القطاع الخاص الذي يحاول بكل الطرق تحريك العجلة الاقتصادية ومنع لبنان من الانهيار، لافتاً إلى أن التجار استغلوا هذه المناسبة والتي امتدت لأيام بهدف زيادة مبيعاتهم وإعادة الحركة إلى الأسواق، ومن دون أدنى شك نجحت في ذلك نوعاً ما”.
ولكن السؤال الأهم هل هذا الحدث كافٍ لإنعاش الاقتصاد، يجيب ياسين: “بالتأكيد لا، “البلاك فرايداي” ليس كافياً، ولن يشكّل عامل الخلاص للبنان كونه حدث آني ومؤقت، على أمل أن تكون هذه الأيام التي شهدها لبنان باباً لمرحلة أفضل خصوصاً في فترة الأعياد كي تستعيد المؤسسات التجارية والسياحية بعض زخمها”، داعياً المغتربين للعودة إلى لبنان خلال فترة الأعياد خصوصاً وأن توقعات دخول حرب شاملة أصبحت بعيدة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
خسائر القطاع الزراعي وصلت إلى 70% ..”والحبل على الجرار” | تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟ |