لودريان في بيروت.. لإعادة إنعاش المؤسسات اللبنانية ومنع انزلاق لبنان إلى الحرب
إيفاد لودريان إلى بيروت يعني أنّ حراكاً جديداً في الاستحقاق الرئاسي يلوح في الأفق، وذلك بعدما باءت جميع محاولات التوصّل إلى حلّ في هذا الملف بالفشل، بما في ذلك الحوار
كتبت كارول سلوم لـ”هنا لبنان”:
منذ الإعلان عن زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان المرتقبة إلى بيروت، أسئلة كثيرة طرحت عن فحوى هذه الزيارة ومدى ارتباطها بالاستحقاق الرئاسي فضلاً عن توقيتها في ظل الأحداث على جبهة الجنوب. ومما لا شكّ فيه بأنّ هذه الزيارة للودريان بعد انقطاع، تحمل في طياتها تأكيداً فرنسياً على الوقوف إلى جانب لبنان لا سيّما أنه جرى التداول بمناخ يشير إلى انسحاب فرنسي من هذا الدعم.
ومعلوم أنّ إيفاد لودريان إلى بيروت يعني أنّ حراكاً جديداً في الاستحقاق الرئاسي قد يشق طريقه بعدما باءت المحاولات بالوصول إلى حل في هذا الملف بالفشل، بما في ذلك الحوار. وفي زيارته الأخيرة كان حديث عن الاسم الجامع للرئاسة وتركيز على الجلسات المتتالية لانتخاب رئيس للبلاد، في ذلك الوقت تحرك مسعى قطري يدفع في سياق الترويج للخيار الثالث رئاسياً ومن بين الخيارات قائد الجيش العماد جوزف عون بعد تعذر انتخاب مرشحي كل من قوى المعارضة والممانعة.
محطة جديدة للموفد الرئاسي الفرنسي في بيروت بعد زيارات ثلاث حاول فيها العمل على إنجاز هذا الاستحقاق، فما هي أهدافها؟ وهل هي استطلاعية فقط أم أنها تمهد لمبادرة جديدة على الخط الرئاسي؟
في هذا السياق، ترى مصادر سياسية مطلعة لموقع “هنا لبنان” أنه لا يمكن توقع أي شيء قبل معرفة مضمون الزيارة وما يطرحه لودريان الذي ظل ينسق في المسألة الرئاسية مع اللجنة الخماسية وتشير إلى أنّ جزءاً من الزيارة يتصل على الأرجح بأهمية استقرار لبنان وحرص فرنسا على هذا الأمر والجزء الآخر الحض على الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية.
ومن جهته يشدد الكاتب والمحلل السياسي الأستاذ الياس الزغبي في حديثه لـ”هنا لبنان” على أن الإعلان عن زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان قد يكون مفاجئاً بعد مرحلة استبعاد لمدة أسابيع، وهذا الأمر يحمل دلالاته المتعددة ليس فقط في مجال الضغط لمنع انزلاق لبنان إلى الحرب، لأنّ فرنسا سبقت سواها إلى التحذير من هذا الأمر، بل قد تكون عودة لودريان مرتبطة بأساس مهمته أي ترتيب اتفاقات لمعالجة الفراغ الرئاسي وإعادة إنعاش المؤسسات اللبنانية.
ويضيف الزغبي: ربما لن تكون جعبة لودريان ممتلئة بأفكار جديدة ولا لائحة أسماء جديدة للرئاسة، ولكنه يحمل بالتأكيد تقاطعاً عربياً- دولياً حول أهمية انتخاب رئيس للبنان استباقاً لأيّ تطور سلبي يكون وقعه كارثياً إذا لم تكن هناك مؤسسات شرعية فاعلة وعلى رأسها رئيس الجمهورية. ومعلوم أنّ باريس أعادت تموضعها في الشأن الرئاسي اللبناني وتخلت عن معادلتها السابقة القائمة على مقايضة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة وتسمية اسمين لهما. فيوم الأربعاء من هذا الأسبوع سيبين طبيعة المهمة الجديدة للودريان بعد استبيان نوعية اللقاءات التي سيجريها والأسئلة التي سيوجهها بالطبع على غير سياق أسئلته السابقة التي لم تنتج أيّ تطور أو تقدّم في الملفّ الرئاسي. واللافت في عودته أنّها تتزامن مع إعادة تحريك المسعى القطري عبر موفد للدوحة إلى بيروت والأهم من ذلك أن هذه الزيارة تتزامن مع بدء وضع تطورات وإخراجات للحرب في غزة في اتجاه البحث عن تسوية مستقرة و مستدامة كي لا تكون الحرب بمآسيها ونتائجها الخطيرة حلقة إضافية من الحروب السابقة التي أنتجت تسويات جزئية وموضعية، ولم تبلغ مستوى إيجاد حل للقضية الفلسطينية، موضحاً أنّ اتصالات لودريان مع المملكة العربية السعودية وقطر والولايات المتحدة الأمريكية هي لدراسة حركته الجديدة على إيقاع تطورات غزة والانفراجات الموضعية عبر هدنة تبادل الأسرى والأكيد أنّ لبنان سيكون على خريطة هذه التسوية ليس على حسابه كما كان يحصل في السابق، بل لإعادة إحياء حضوره عبر المؤسسات التي سيتم الاتفاق على إعادة إنتاجها. وهنا يمكن القول أنّ مستقبل لبنان على المدى المتوسط سيكون أفضل من واقعه الراهن لأنّ كل قوى الضغط التي كانت تعيق تعافيه السياسي والاقتصادي بدأت تنحسر وبالتحديد يمكن أن نعاين بوضوح انحسار الضغط المسلح الذي كان يمارسه حزب الله على الوضع الداخلي اللبناني، ليس بفعل خياره وقراره بل بفعل انخراط مرجعيته الإيرانية في مفاوضات التسوية الدائرة بين بعض العواصم، واضطرار طهران إلى القبول بالحل العربي للقضية الفلسطينية أي حل الدولتين وإعادة الشرعية الكاملة إلى منظمة التحرير الفلسطينية والتحضير لقمة سلام دولية برعاية الأمم المتحدة تضع مسارات الحل في المدى المتوسط، بحيث تكون هذه الحرب الدائرة راهناً هي آخر حروب القضية الفلسطينية.
ورداً على سؤال عما يحكى عن تزكية اسم للرئاسة، من هنا واسم من هناك، فالمعلومات تشير إلى غياب الترويج هذه المرة لاسم معين بل للأساس أي الضغط على مجلس النواب كي يلتئم في جلسة مفتوحة عبر دورات متتالية لانتخاب رئيس الجمهورية بغض النظر عن الشرط المسبق الذي وضعه الثنائي الشيعي سابقاً أي إجراء الحوار في مجلس النواب قبل جلسة الانتخاب.