الشامي يكرّر خطيئة حسان دياب.. هل يحمل الاقتصاد المزيد من الدمار؟
الشامي الذي يحمل لواء “القضاء على المصارف” لم يشرح ماهيّة الخطة الاقتصادية لتعافي لبنان، وأضاع بدل ذلك وقتاً ثميناً دون أن يقدّم حقًّا ولا باطلاً، في حين كان الأجدى أن يستنبط حلولاً جدية قائمة على دراسات مدعّمة بالوثائق لانتشال لبنان من الوضع الراهن
كتبت كارول سلوم لـ”هنا لبنان”:
لم يتوقف نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي منذ تسلمه الملف الاقتصادي والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي عن إظهار موقف العداء تجاه المصارف، محملاً إياها مسؤولية الانهيار المالي في البلاد. وقد عكست معظم مواقفه هذه الروحية التي وإن كانت تنمّ عن شيء فهو الانتقام من القطاع المصرفي الذي صُنّف على مدى الأعوام بأنّه العمود الفقري للبلد. فلماذا الإصرار على تحطيمه ومواصلة نهشه من خلال قرارات تدميرية، وكأنّ المصارف هي التي غامرت بالبلد وأهله وأوصلته إلى هذا الانهيار. ألم تكن السياسات الخاطئة وقرار التخلف عن تسديد الالتزامات هي السبب الرئيسي في الأزمة الاقتصادية وتمدّدها؟!
غابت عن نائب رئيس الحكومة الحقائق التي يعرفها الجميع، وسارع إلى ترتيب قسم من مشروع قانون إعادة تنظيم المصارف ولا سيما ما يتعلق باليوروبوندز محاولاً تمريره في الحكومة. الشامي الذي يحمل لواء “القضاء على هذه المصارف” لم يشرح ماهية الخطة الاقتصادية لتعافي لبنان، وأضاع بدل ذلك وقتاً ثميناً دون أن يقدّم حقًّا ولا باطلاً، في حين كان الأجدى بحسب مراقبين، أن يستنبط حلولاً جديّة قائمة على دراسات مدعّمة بالوثائق لانتشال لبنان من الوضع الراهن. فها هو يغيب مرّاتٍ ومرّةً يحضر بشكل مكثف، ومتى فعل ذلك لا يتمكن من إيصال الرسالة.
يتحرك الشامي عندما يشاء ويسارع فوراً إلى القول أنّ على المصارف تحمّل الخسائر الناجمة عن الانهيار المالي للبلاد، ولا يتوانى عن ترداد مقولته الشهيرة عن المصارف، علماً أنّها لم تتنصّل من أية مسؤولية لكنّها لن تقبل أن تكون الضحية الوحيدة أو المتهم الرقم واحد في سرقة مدخرات المواطنين.
أما هنري شاوول الذي لاحقته قضايا فساد في وزارة المال وفق ما سرب في الإعلام، فيشدّ على يد الشامي في ما يعتبره محاسبة لجمعية المصارف وها هو ينضم إليه في تحميلها المسؤولية، متناسياً ارتباط اسمه بالتزوير والانقلاب على الحقائق.
وفي هذا الإطار، تقول مصادر مصرفية لـ “هنا لبنان” أنّ الشامي يدير حملة ممنهجة ضدّ المصارف ويريد إظهار نفسه في موقع البطل الخارق مع أنه لا يملك أيّ جواب شافٍ على كيفية إدارة الأزمة، مكتفياً بتسجيل لقطات عن لقاءاته مع وفد صندوق النقد سواء بالمباشرة أو عبر تقنيات الزوم أو غير ذلك، وتلفت إلى أنّ الملف المتصل بإعادة هيكلة المصارف يفتقر إلى دراسة جدية وإنّ طرحه بهذا الشكل يشكّل ضربة للقطاع المصرفي الذي لطالما شكل رافعة الاقتصاد وفق شواهد التاريخ، معلنةً أنّ تحميل طرف واحد المسؤولية خطأ في حين أنّ الدولة شريكة في مسألة الودائع أيضاً، فهل يجوز تدمير هذا القطاع من أجل إرضاء مطلب دولي أو للخروج إلى الرأي العام للقول: نحن من نحمي الأموال والودائع، في حين أنّ التحليلات الاقتصادية تتحدّث عن “هيركات ممنهج في الموازنة”؟
وتسأل هذه المصادر ما إذا كان المقصود بالطرح الذي تقدم به الشامي إلهاء الجميع عن مشروع الموازنة والضرائب، وتؤكد أنّ فقدان المنطق في مقاربة نائب رئيس الحكومة أكثر من واضح، إذ يواصل التفنن في العمل للانقلاب على قطاع حيوي وعلى جمعية المصارف التي يشير مشروع قانون إعادة هيكلة المصارف إلى وضعها في موقع المسؤول عن الأزمة التي نتجت عن تخلف الدولة عن تسديد التزاماتها، وهذا قرار يتصل بالرسميين دون سواهم، كما أنّ رأيها غُيِّب.
وتعرب المصادر عن اعتقادها أنّ القانون المقدم يحمل بصمات الشامي فيما هو نسخة طبق الأصل عن المشروع الذي قدمته حكومة الرئيس حسان دياب، وتشير إلى أنّ الخطا الذي ارتُكب هو عدم معالجة موضوع حملة اليوروبوندز، فكيف تنادي الحكومة والشامي بالمشروع وهناك جزء لم يحلّ في هذا السياق؟ فضلاً عن وجود تناقض بين ما تضمّنه المشروع حول عدم جواز المسّ بأصول الدولة في حين أنّ هناك شريحة من النواب تنادي بردّ الودائع من خلال استخدام هذه الأصول.
في كل الأحوال، أخطأ الشامي الذي يُعدُّ جزءاً لا يتجزأ من المنظومة التي استدانت من المصارف والمودعين ولم تردّ الأموال، وتريد اليوم الإيقاع بالمصارف.