انطباعات لودريان: الحزب من يعطل إنتخاب الرئيس.. ولقاء باسيل أقصر لقاء غير مجدٍ
بعد لقاءاته خرج لودريان بانطباعٍ أساسيٍّ أنّ قضيّة التّعطيل في الملفّ الرئاسي سببها تصلّب “الحزب” في مسألة انتخاب رئيس الجمهورية وتمسّكه بمرشحه سليمان فرنجية وعدم الإقتناع بمرشح ثالث
كتبت شهير إدريس لـ”هنا لبنان”:
كعادته جال الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان على القيادات السياسية في لبنان، فيما استقبل البعض منهم في قصر الصنوبر على مأدبة غداء، أما الطبق الرئيسي والهدف من زيارته ومهمته في الجولة الرابعة فلم يكن فقط الاستحقاق الرئاسي وتنفيذ القرار 1701، إنّما كان عنوانها أمنياً بامتياز وهو التمديد لقائد الجيش والدعم الفرنسي لبقائه في منصبه وعدم حصول الشغور في قيادة المؤسسة العسكرية، فيما جاء ملف الرئاسة كبند ثانوي ولم يحمل بشأنه أيّ جديد سوى الدعوة للدفع باتجاه إنتخاب رئيس للجمهورية، وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد استبق زيارة موفده ووضع لها الإطار الأمني بالتشديد في رسالة الإستقلال للرئيس نجيب ميقاتي على “أنّ فرنسا تدرك أنّ لديها مسؤولية فريدة تجاه لبنان وهي مسؤولية تترجم من خلال الدور الذي نضطلع به ضمن قوات حفظ السلام اليونيفيل، داعياً إلى عدم استخدام أيّ طرف الأراضي اللبنانية بشكل يتعارض مع مصالحه السيادية” قائلاً: “علينا اليوم تجنب الأسوأ، لذلك أحثكم على مواصلة جهودكم في هذا الاتجاه”.
هذا التطور اللافت في الموقف الفرنسي جاء على خلفية التخوف من إمكانية الفراغ في قيادة الجيش في ظلّ الوضع الأمني في جنوب لبنان تزامناً مع حرب غزة، ومساندة حزب الله لحماس في حربها مما يعكس الإهتمام الفرنسي بالحفاظ على الاستقرار جنوباً لا سيما أنّ القوات الفرنسية موجودة بقوة وفاعلية في عداد قوات اليونيفيل.
كل الأنظار كانت شاخصة إلى لقاء لودريان مع مسؤولي حزب الله عقب الموقف الفرنسي الداعم لإسرائيل، لكن اللقاء مع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد بحضور مسؤول العلاقات الدولية عمار الموسوي كان له وقعه بحسب مصادر مقربة من حزب الله، إذ برأيها أنّ مجرد الإستقبال والزيارة تعتبر مهمة لجهة أنّ الحزب قد تجاوز الموقف السلبي من مواقف فرنسا الأخيرة، وفي ما خصّ التمديد لقائد الجيش فقد أكّد حزب الله للودريان على أهمية حسم الموضوع لكنّ القرار بهذا الشأن لم يتّخذ بعد. وأشارت المصادر إلى أنّ الثنائي الشيعي، أمل وحزب الله، أكد للموفد الفرنسي أنّ مصير قيادة الجيش لا يتوقف على شخص، مع التأكيد أن لا مشكلة لديهم في مسألة التمديد ولن يكونوا حجر عثرة أمام ذلك، وقد ظهر ذلك جلياً في كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري بإمكانية الدعوة إلى جلسة تشريعية في حال لم يتم التوصل إلى حل في مجلس الوزراء، وبلغ الثنائي لودريان بحسب المصادر أنّ المشكلة ليست عنده إنما عند أصدقائه المسيحيين الموارنة وأبرزهم التيار الوطني الحر. وفي الشأن الرئاسي فقد تلقى لودريان وعداً من حزب الله بإعادة البحث في ملف الرئاسة.
وقد تأكد لودريان من مسألة الخلاف على التمديد لقائد الجيش لدى زيارته رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في ميرنا الشالوحي حيث استمر اللقاء زهاء خمس دقائق وسادته أجواء متوترة وخلاف حاد على خلفية طرح التمديد لقائد الجيش، إذ أكد باسيل أنّ التمديد مخالف للدستور وأنّ موقفه ليس شخصياً تجاه العماد جوزيف عون، فيما أشارت مصادر مواكبة للودريان أنه وصف لقاءه بباسيل “بأقصر لقاء غير مجدٍ يجريه في تاريخ جولاته”.
مسألة التمديد لقائد الجيش جوزيف عون وأهمية بقائه في منصبه والتي يدعمها كل من الجانب الفرنسي والأميركي والسعودي والقطري لاقت ترحيباً من قوى المعارضة لا سيما من حزب الكتائب والقوات وبعض النواب المستقلين والتي تتناغم مع موقف البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، وهو ما ظهر خلال لقاء لودريان مع رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع حيث أبلغه بأنّ هناك خطراً جدياً على لبنان وأنّ على الحكومة تحمل المسؤولية وتطبيق القرار 1701 والحدّ من خرقه. فيما كان لقاء رئيس حزب الكتائب سامي الجميل لتصفية القلوب كما أعلن مشدّداً على أنّ “الهاجس بما يتعلق بلبنان وأمنه كبير ونحن في حالة حرب ونحتاج لمؤسسة عسكرية وطنية جامعة تستطيع حماية لبنان وقادرة على لعب دور مهم في تطبيق القرار 1701 وتثبيت سيادة لبنان على أراضيه كافة، وأن تكون هذه المؤسسة العسكرية قوية ومستقرة وغير خاضعة للاهتزازات، وقال “نرفض تعيين قائد جيش جديد من دون رئيس للجمهورية ونحن مع تأجيل تسريح قائد الجيش إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية ونتشارك هذا الهاجس مع كلّ أصدقاء لبنان”.
أما نواب كتلة تجدد فأكّدوا للودريان على عدم السماح بحصول أيّ تدخلات سياسية في عمل المؤسسة العسكرية مع ضرورة تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جوزيف عون لمنع الفراغ في قيادة الجيش وحماية هذه المؤسسة الوطنية، عدا عن تأكيدهم على تنفيذ القرار 1701 بكل بنوده والتنسيق الكامل مع قوات اليونيفيل.
وبعد لقاءاته على مدى يومين وبحسب مصادر ديبلوماسية لموقع “هنا لبنان” خرج لودريان الذي يريد الحفاظ على دوره ودور بلاده الديبلوماسي في لبنان بانطباع أساسي أنّ قضية التعطيل في الملف الرئاسي سببها تصلّب حزب الله من مسألة انتخاب رئيس الجمهورية وتمسكه بمرشحه سليمان فرنجية وعدم الإقتناع بمرشح ثالث والذي طرحه لودريان على الأفرقاء السياسيين ترجمة لمواقف اللجنة الخماسية. وفي ما يتعلق بالتمديد لقائد الجيش فإنّ فرنسا تدعم هذا الأمر بقوة تناغماً مع الموقف السعودي والأميركي، كما تبدي انزعاجها من الدور القطري في طريقة التعاطي مع هذا الملف.