يوم رضع جبران حليب الدستور
أسمَعَ باسيل لودريان كلمات ليست كالكلمات فحواها “إنّ أحداً لن يجبرنا على تغيير موقفنا (المعارض للتمديد) حتى لو بقينا وحدنا. هو التمديد مخالفة، وتعيين الضابط العوني الأعلى رتبة من صلب القانون؟!
كتب عمر موراني لـ “هنا لبنان”:
سارع حائط الصدّ في الفريق البرتقالي سليم عون إلى التقاط اللحظة التاريخية، واضعاً كل حنكته السياسية بتغريدة هذا نصّها: “قرأنا في صحف اليوم أنّ اللقاء بين لودريان ورئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل، والذي استمر أقلّ من 10 دقائق خرج بعده الزائر الفرنسي غاضباً من الجلسة التي وُصفت بـ”الحامية”. إيه يللي بيزعل على مهلو بيرضى”. إنتهت فقشة المهندس عون النائب في البرلمان اللبناني.
من دون “كفوف” وجّه الرجل الذي لا ينام لكمة قوية إلى حنك وزير خارجية فرنسا السابق جان إيف لودريان في اللقاء الذي جمعهما في اليوم الأخير من تشرين الثاني، خرج بعده مبعوث اللجنة الخماسية دائخاً متكئاً على “ميرنا” (الشالوحي) غير مصدّق “إنو هالشب هالقد قوي”.
بحسب محاضر “المنازلة الكبرى”، بين فخر السياسة اللبنانية وبين الزائر الأوروبي المحنّك، انتفض باسيل كالنمر الجريح لحظة سأله لودريان رأيه في خيارالتمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون، الذي يحظى التمديد له بتوافق لبناني وبدعم عربي وربما دولي. بدا واضحاً من سؤال لودريان جهله بالخلفية الدستورية التي تطبع سلوك صهر ديغولنا، جبل بعبدا وصخرة الرابية، معطوفة على تراكم خبرات في الشؤون الجيولوجية والعقارية والقانونية. الصهر بحر.
كيف تجرّأ وسأل. مش عارف حالو مع مين عم يحكي؟
رضع النائب/ الصهر حليب الدستور في العام 1970،أي قبل “السنينيية”. بعد الفطام واظب على شرب حليب السباع قبل أن ينتقل إلى البيض المخفوق بزبدة القانون وذلك في أول مشيه، وقبل النطق بكلمة papa كان أنهى مطالعة “روح الشرائع” لمونتسكيو.
سنة ولادة جبران باسيل مات موريس الجميل مطمئن النفس ومات أنور الخطيب مرتاح البال. حصلت في البترون معجزة ألا وهي ولادة فقيه دستوري. وها نحن بعد 53 عاماً نقطف ثمارها اليانعة.
أسمَعَ باسيل لودريان كلمات ليست كالكلمات فحواها “إنّ أحداً لن يجبرنا على تغيير موقفنا (المعارض للتمديد) حتى لو بقينا وحدنا. فاذهبوا ومدّدوا له ولا تنتظرونا”. هو التمديد مخالفة، وتعيين الضابط العوني الأعلى رتبة من صلب القانون؟
كلام باسيل عبّر عن موقف سيادي بامتياز يُستشفّ منه أنّ معجزة العصر الحديث متمسك بالدستور، نصاً وروحاً؛ الدستور اللبناني نفسه الذي أعطى لفيلق القدس صلاحيات واسعة على الساحة اللبنانية، وأعطى للمقاومة الإسلامية الحق الحصري بامتلاك ترسانة صواريخ أصغرها المدعو “بركان”. وأعطى الدستور كذلك مهلاً طويلة لانتخاب رئيس الجمهورية شرط ألّا تتعدى السنتين وخمسة أشهر، وأعطى رئيس الجمهورية حصة وزارية بشرط أن يكون قد أتم الثامنة والسبعين، وأعطاه حق “تنييم” المراسيم في جارور مكتبه ورمي مفتاحه في البحر، وأعطاه الحق في تأجيل الإستشارات النيابية الملزمة إلى أن يروق مزاجه، وأعطاه الحق في تجيير صلاحيات الحكومة إلى المجلس الأعلى للدفاع، والصلاحية الاستنسابية في الدعوة إلى انتخابات فرعية كما أعطى الثنائي الشيعي/الوطني حق الفيتو والتعطيل الحكومي والمجلسي، وعلاوة على ذلك، خص الدستور اللبناني رئيس مجلس النواب بقصر.
الدستور قلت يا صاحب السعادة؟ ماذا بقي منه في بلد مخطوف، معطّل، مفكك، مفلس بسبب سياستكم الخرقاء ومصالحكم الخاصة؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
مش كل صهر سندة ضهر | شبيحة “الحزب” بالمرصاد | أبو الجماجم |