في اليوم العالميّ لذوي الاحتياجات الخاصة… الدولة غائبة
بين مجتمعٍ منهارٍ بقطاعاته ودولة متخلّفة عن إعطاء شعبها أبسط حقوقه؛ ما علاقة الدولة بمؤسسات رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة؟ وهل أصبح مجتمعنا أكثر وعياً؟
كتب أنطوني الغبيرة لـ”هنا لبنان”:
منذ واحدٌ وثلاثين عاماً يحتفل العالم باليوم العالميّ لذوي الإحتياجات الخاصة. في لبنان هناك مئة ومؤسسة تعنى برعاية وتأهيل الأفراد الّذين يعانون من صعوباتٍ متعدّدة. ورغم الإزدياد الهائل بعدد الحالات تضمّ هذه المؤسسات في كفنها فقط إثني عشر ألف شخصاً!
وبين مجتمعٍ منهارٌ بقطاعاته ودولة متخلّفة عن إعطاء شعبها أبسط حقوقه؛ ما علاقة الدولة بمؤسسات رعاية ذوي الإحتياجات الخاصة؟ وهل أصبح مجتمعنا أكثر وعياً؟
الناشط الإجتماعي الدكتور في العلاج الفيزيائي روجيه زيادة مدير إحدى مؤسسات الرعاية بذوي الإحتياجات الخاصة، إستهلّ حديثه لـ “هنا لبنان” بالإشارة إلى أنّ تحديد هذا اليوم كيومٍ عالميّ، هدفه تسليط الضوء على حاجات هذه الشريحة من المجتمع بالإضافة إلى زيادة الوعي بقضايا هذه الفئة ودمجها بالحياة الإقتصادية والسياسية والإجتماعية.
وأردف: “بحسب الفقرة القانونية لدراسة أنجزت في العام 2022، تبلغ نسبة الأفراد الذين يعانون من إحتياجاتٍ خاصة 15% في لبنان بمعدل شخص على كل سبعة أشخاص وهي نسبة جداً مرتفعة، بينما بحسب وزارة الشؤون الإجتماعية هناك مئة وأربعة عشر ألف شخصاً حاصلين على بطاقة إعاقة من قبلها سواء كانت تلك الإعاقة جسدية، عقلية، بصرية، سمعية، طيف التوحّد، الخ.
الصرخة التي تطلقها مؤسسات الرعاية الإجتماعية، تتجلى من خلال مُناشد المسؤولين والدولة اللبنانية بمساعدتها. فالدولة شريك لتلك المؤسسات بالعمل الإجتماعي منذ ما قبل إنشاء وزارة الشؤون الإجتماعية أي منذ مصلحة الإنعاش، وكونها لا تملك مؤسسات رعائية أخذت على عاتقها موضوع التمويل.
بحسب زيادة، الدولة متخلّفة منذ أكثر من عامين عن دفع مستحقات المؤسسات، ومع إنهيار العملة اللبنانية فقدت هذه المستحقات قيمتها، فلم تعد تشكل فرق في موازنة أي مؤسسة. ومع أزمة المصارف وتحديد سقف السحوبات زادت المشكلة تعقيداً؛ فالحصول على مبلغ تسعة مليون ليرة من الحساب المصرفيّ لمؤسسة إجتماعية لا يكفي لدفع رواتب موظفيها ولا لسدّ حاجات الأفراد التي تعتني بهم.
مُكملاً، في هذا اليوم نطالب الدولة بتطبيق القانون 220/2000 الذي يفتقد إلى مراسيم تطبيقية، وهو يكفل ويضمن حقوق ذوي الإحتياجات الخاصة ويعطيهم إمتيازات كبرى خاصةً من ناحية الإنخراط في سوق العمل بحسب إحدى فقراته التي تشير الى كوتا 3%، بما معناه أنّ على كل المؤسسات أن توظف نسبة من ذوي الإحتياجات الخاصة بين موظفيها.
هذه الشريحة من المجتمع بحسب زيادة ليست من أولويات الدولة اللبنانية، بالمقابل معظم الدول تعطي هؤلاء الإخوة في الإنسانية أفضلية على غيرهم سواء من ناحية عدم توفر الوسائل الصحيحة لممارسة حقهم يوم الإنتخاب، أو بطاقة حصولهم على طبابة على حساب وزارة الصحة كما كانت قبل الأزمة.
وعن سبب تقبّل المجتمع لذوي الإحتياجات الخاصة وبعد الحملات التوعويّة والثقافية التي إنتشرت في المجتمع اللبناني مع ضعف حملات التهميش والتنمّر. والتقبل الأساسي يبدأ من الأسرة فمع تقبل الأهل لأبنائهم يستطيعون فرض هذا التقبل على المجتمع. لذلك دعا زيادة لاعتماد الدمج التدريجي الذي يبدأ من المنزل فالمدرسة وصولاً الى سوق العمل، وهذا ما وصفه بحُلم المستقبل!
بدورها أشارت الإختصاصيّة في الإستشارات النفسية والعلاج الإيحائيّ رانيا نصّار الى أنّ الإعاقة كانت تعتبر في الماضي مرض وكان يُنبذ الفرد حينها، بينما اليوم ومع إنتشار الوعي وتقدم العلم وتغير المعتقدات، تغير مفهومها وأصبح تقبل الأشخاص لذوي الإحتياجات الخاصة أكبر. فنحن لا نختار أن نولد مع إعاقة أو من دونها!
وتابعت: “هناك جزء من هؤلاء الأفراد لديهم نسبة ذكاء فائقة، وأصبح إنخراطهم بالمجتمع أكبر من خلال دخولهم مجالات عدّة كالتمثيل مثلاً. والذي يميز الإنسان عن باقي الكائنات الحية هو الإحساس، فالإنسان يبقى إنساناً بمجرد تمتّعه بالإحساس سواء كان إنساناً عادياً أو لديه صعوبة معيّنة؛ لذا من واجبنا، إحترام ومحبة ومساعدة بعضنا البعض.