طلائع إيران الفلسطينية تستكمل احتلال لبنان
على الرغم من كل ما تفعله أدوات إيران من تجنيد لمرتزقة فلسطينيين فلن تستطيع أن تحوّل جنوب لبنان إلى ما كان يعرف بـ “فتح لاند” أو “ممر عرفات”
كتب محمد سلام لـ “هنا لبنان”:
بإطلاق بدعة “الطلائع” تعمل إيران على تهجير 115 ألف شخص يعيشون “ضمن” 12 مخيماً للاجئين الفلسطينيين في لبنان من دون احتساب الفلسطينيين المنتشرين خارج المخيمات المسجلة لدى الأونروا.
تهدف إيران إلى إكمال احتلال الشق المسلم من لبنان الواقع تحت احتلالها أصلاً ولم يكن خارج سيطرتها فيه سوى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، ولا يبقى خارج سيطرة إيران في لبنان سوى المناطق ذات الأغلبية السكانية المسيحية، باستثناء بعض الجيوب التابعة للتيار العوني المتحالف مع حزب الاحتلال الفارسي.
تجربة إيران في السيطرة على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين باعتبارها خزان قوة أسقطتها حركة فتح في مخيم عين الحلوة حيث خاضت معارك شرسة ودامية لأكثر من شهر انتهت بمنع الإسلامويين التابعين لإيران من السيطرة عليه.
لكن مع حملة التجييش والتجنيد لقاء بدل التي بدأتها أدوات إيران، يُتوقع أن يتراكم عدد المجندين لدى المحور الفارسي استناداً إلى تفشي العوز وتفاقم الفاقة في المناطق الشعبية المكتظة سكانياً.
إيران لا تحتاج إلى تجنيد المزيد من المرتزقة السنّة، فلديها فائض من بلطجية الشوارع ومروجي المخدرات ومتعاطي الممنوعات المنضمين إلى عصابة ما يسمى سرايا المقاومة للاحتماء بمظلة حزب الإحتلال الفارسي من الملاحقة.
أما الدروز فهم خارج خطة التجنيد الإيرانية منذ تجلّت بأبهى صورها وحدتهم في قتال وهزيمة محاولة حزب الإحتلال الفارسي غزو الجبل الدرزي في 11-14 أيار العام 2008.
ويحذّر مرجع رفيع في جامعة الدول العربية من أن تجنيد فلسطينيي لبنان تحت مظلة إيران سيكشف عورة مخيمات اللاجئين ويعرضها للإنتقام “والقصف السجادي” الإسرائيلي، أي القصف التدميري الشامل من دون تحديد أهداف معينة، ما ينتج عنه آلاف الضحايا والمهجرين، علماً بأنّ مخيمات الفلسطينيين في لبنان لم تتعرض لأي اعتداء إسرائيلي في حرب تموز-آب العام 2006 بين إسرائيل وحزب الاحتلال الفارسي لأنها كانت تحت مظلة السلطة الوطنية الفلسطينية شريكة إسرائيل في التفاوض على مستقبل السلام بين الطرفين.
أما الآن، يقول المصدر الذي شارك في العديد من المفاوضات الإقليمية والدولية المتعلقة بالوضع الفلسطيني، فإنّ الميزانية الهائلة التي خصصتها إيران لتمويل تجنيد فلسطينيي لبنان ستمكنها من تعرية المخيمات من أي غطاء، ما يرمي في حضن لبنان، الغارق أساساً تحت ثقل مليوني ونصف مليون نازح سوري، أكثر من 490 ألف لاجئ فلسطيني مسجلين لدى الأونروا لغاية شهر آذار 2023 إضافة إلى 31 ألف لاجئ فلسطيني من سوريا، فماذا سيفعل لبنان وكم يتحمل الحضن اللبناني من الأثقال غير اللبنانية التي صارت تقارب 3.5 مليون شخص في بلد لا يزيد عدد سكانه “المقيمين” عن 4،5 مليون شخص؟
وكشف المصدر أنّ أتباع إيران ينفذون خطة تجنيد مرتزقة فلسطينيين في 3 من مخيمات اللاجئين هي مخيمي البص والبرج الشمالي قرب مدينة صور الجنوبية كما في مخيم برج البراجنة في ضاحية بيروت الجنوبية ويعرضون مخصصات مالية “هائلة” تتراوح بين 500 وألف دولار، إضافة إلى عمليات تجنيد مرتزقة بين الفلسطينيين المنتشرين خارج المخيمات والذين يستحيل تحديد عددهم نظراً لعشوائية انتشارهم وعدم إلزامية تسجيلهم لدى أي دائرة، بما فيها الأونروا.
كما أنّ نجاح خطة إيران في فتح جبهة فلسطينية- عربية- سنية ضد إسرائيل من جنوب لبنان برعاية إيرانية- شيعية سيؤدي حتماً إلى الإطاحة بمفاعيل قرار مجلس الأمن الدولي 1701 الذي يحظّر التواجد العسكري لغير الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة في المنطقة الممتدة من الخط الأزرق جنوباً إلى مجرى نهر الليطاني شمالاً التي يستخدمها حزب الإحتلال الفارسي بمثابة ثكنات ومخازن ذخيرة لقواته وأتباعه من محور الممانعة الناشط تحت مظلته.
هذا الواقع سيدفع باتجاه انسحاب اليونيفل وفتح باب هدم لبنان على مصراعيه انطلاقاً من جنوب لبنان الذي تحوله إيران إلى ساحة مستباحة.
ويتساءل الدبلوماسي العربي: فماذا سيفعل لبنان الرسمي غير “التندر” في المؤتمرات الدولية بأنه ملتزم بمفاعيل القرار 1701، وبمفاعيل أساسه الأممي أي القرار الدولي 1559 الذي يحلّ جميع الميليشيات المسلحة وهو ما طالب به وأقره أيضاً إتفاق الطائف الذي يفاخر لبنان بأنه أقره وضمه إلى دستوره لكنه لا ينفذ شرطه الإلزامي القاضي بحل الميليشيات خوفاً من سطوة حزب الإحتلال الفارسي الحاكم الفعلي للدولة اللبنانية، خصوصاً مع نجاحه في إيصال من يواليه إلى رئاسة الجمهورية نتيجة تحالف بعض خصومه السياسيين المزعومين معه لقاء منافع تحاصصية فسادية الطابع والفعل.
ولكن، وعلى الرغم من كل ما تفعله أدوات إيران من تجنيد لمرتزقة فلسطينيين فلن تستطيع أن تحوّل جنوب لبنان إلى ما كان يعرف بـ “فتح لاند” أو “ممر عرفات” وهي التسمية التي كان يطلقها الإعلام الإسرائيلي والغربي عموماً على المنطقة التي نشطت منها فصائل منظمة التحرير الفلسطينية والجبهة العربية المشاركة في الثورة الفلسطينية، ومنها الحركة الوطنية اللبنانية، في مقاتلة إسرائيل عبر “نقاط عبور” حددتها إتفاقية القاهرة لعام 1969 التي قدّمها في 3 تشرين الثاني من ذلك العام قائد الجيش العماد إميل بستاني بتكليف من الرئيس شارل الحلو للرئيس المصري جمال عبد الناصر بحضور ياسر عرفات.
“نقاط العبور” هذه والطرقات المتبعة من قبل مجموعات الفدائيين لتنفيذ عملياتهم هي التي أطلق عليها الإعلام الإسرئيلي والغربي صفة “فتح لاند” و”ممر عرفات” التي لم ترد كما يعتقد بعض الجهلة، في نصّ اتفاق القاهرة الذي أُعِدّ كحلٍّ وسط بسبب خرق لبنان بعمليات فدائية عشوائية من خارج أيّ نص أو قانون يرعى هذا الأداء لاتفاقية الهدنة مع إسرائيل التي ترجع إلى العام 1949.
يذكر أنّ إسرائيل لم تهاجم لبنان في حرب الأيام الستة عام 1967 لأنه كان ملتزماً باتفاق الهدنة فيما كانت جبهات مصر والأردن وسوريا ناشطة بعمليات فدائية ضد إسرائيل ما أدى إلى احتلال مساحات من أراضيها.
وبما أنّ بدعة الطلائع لا تتمتع بأي غطاء قانوني يتيح لها العمل العسكري من جنوب لبنان، كما لا تتمتع حماس بأي صيغة قانونية أو معاهدة تنظّم تواجدها في لبنان، فلن تعمد إسرائيل إلى إطلاق صفة “حماس لاند” أو “ممر أبو عبيدة”، على مرتزقة إيران الفلسطينيين، لكنّ المهمة يقوم بها الإعلام الموالي للإحتلال الفارسي، وللأسف بعض الإعلام اللبناني الجاهل لتفاصيل إتفاق القاهرة وظروفه.
بغض النظر عمّن يتسبب بماذا، صار لبنان واقعياً أرضاً مستباحة تتناتشها إسرائيل وقوى الإحتلال الإيراني إضافة إلى فيلق المرتزقة الجديد المسمى طلائع على نسق تسمية “طلائع حرب التحرير الشعبية-قوات الصاعقة” وهي الفصيل الفلسطيني الذي كان تابعاً لقيادة الرئيس السوري حافظ الأسد وقتل قائده زهير محسن “إغتيالاً في مدينة كان الفرنسية حيث كان يمضي إجازة” ويقال أنه قتل في كازينو في 25 تموز 1979، إضافة إلى “طلائع البعث” التابعة للقيادة القطرية لحزب البعث الأسدي في سوريا.
ولا تتوفر دراسة تحدد من هو الفصيل الفلسطيني الذي قتل العدد الأكبر من الفلسطينيين، هل هو من فلسطينيي الأسد، كما الصاعقة وقوات أحمد جبريل وغيرها، أم من فلسطينيي إيران كحماس والجهاد الإسلامي؟
ويقول الدبلوماسي العربي إنّ معلومات توافرت له عن حركة شاحنات تنقل مقاتلين وذخائر مصندقة دخلت لبنان من أحد المعابر غير الشرعية في القطاع الشرقي-الشمالي من سهل البقاع ناقلة عناصر “وحمولة في صناديق كبيرة” وتوجهت إلى منطقة غير مأهولة في أحد الأودية المجاورة للحدود مع سوريا.
وأوضح أنه يُعتَقد أن القافلة نقلت عناصر وذخائر تابعة لحزب الإحتلال الفارسي بعدما تبلغت قيادتها من نظام دمشق أن تعليمات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحظّر عملهم العسكري ضد إسرائيل من الأراضي السورية.
وختم الدبلوماسي العربي قائلاً بتهكّم: لا داعي لأن نسأل أحداً في السلطة اللبنانية: هل عَلمتَ أو سَمحتَ بدخول من دخل… إلى الساحة المستباحة؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
لا يطلب وقف النار إلا الخاسر | هديتان من سوريا في نفس اليوم | فوز ترامب أسقط مهمة هوكشتاين في لبنان |