عقبات مزدوجة تعترض وقف النار في غزة… هل تكسر واشنطن قرار الحزب بفتح الجبهة؟
هل ستمارس واشنطن مع خماسية باريس الضغط لانتخاب رئيس سريعاً وكسر “قرار” الحزب بتأجيل انتخاب رئيس إلى ما بعد اتضاح معالم التسوية والسلام الشامل، لإبقاء ملف الاستحقاق ورقة ضغط قوية بيد إيران في مفاوضاتها مع أميركا لتثبيت دورها في المنطقة؟
كتب فيليب أبي عقل لـ “هنا لبنان”:
يزداد الضغط الدولي والإقليمي على أطراف الصراع في المنطقة خصوصاً إسرائيل ومحور الممانعة، بعد استئناف المعارك ورفض تمديد الهدن الإنسانية، لوقف العمليات العسكرية وإكمال إطلاق جميع الأسرى والرهائن لدى الطرفين من دون شروط، وبدء المفاوضات لإنهاء الصراع العربي انطلاقاً من حل الدولتين.
عقبات كثيرة، ما زالت تعترض الجهود الدولية لوقف إطلاق النار واعتراف إسرائيل بقيام دولة فلسطينية مستقلة، أولها إسرائيلي من خلال إصرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته على مواصلة الحرب لإنقاذ سمعة إسرائيل العسكرية، وتجنب مثوله وبعض أعضاء حكومته أمام القضاء للمحاسبة، لأنه سيدفع ثمن الضربة الموجعة والأقسى في تاريخ إسرائيل، إضافة إلى إصرار تل أبيب على إنهاء الآلة العسكرية لحماس وحزب الله كشرط لضمان الحماية قبل عودة سكان مستوطنات الغلاف وحدود لبنان إليها، وتطبيق القرار 1701 لمنع وجود سلاح ومسلحين جنوبي الليطاني أي في المنطقة الدولية لليونيفيل والجيش والقوى الامنية الشرعية، ورفض حلّ الدولتين والإصرار على حلّ الدولة الواحدة، إسرائيل فيها يهود وفلسطينيون، واعتبارها دولة يهودية لضمان استمراريتها بوجه النمو الديموغرافي الفلسطيني لاحقاً.
أما ثاني العقبات ففلسطيني، من خلال الإصرار على قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس، ورفض الاندماج بدولة إسرائيل اليهودية، والإصرار على دور لحماس في المفاوضات، ورفض الشروط الإسرائيلية في أن تكون دولة فلسطين منزوعة السلاح، إضافة إلى تحميل فصائل الممانعة إسرائيل مسؤولية المجازر والخراب في غزة والضفة وإلزامها بالتعويض وفرض عقوبات عليها عبر محكمة العدل الدولية.
في هذا السياق، تتزامن زيارة وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية أنتوني بلينكن الرابعة إلى إسرائيل، مع مشاركة مدير المخابرات المركزية ومستشار الأمن القومي، في اجتماعات تعقد في قطر مع نظرائهم الإسرائيليين والعرب والفلسطينيين للضغط لوقف إطلاق النار وانتزاع اعتراف إسرائيلي بحل الدولتين، في وقت تمارس ضغوط عربية على الفلسطينيين باستعجال مواكبة التطورات واستباق المفاوضات بتجديد السلطة الفلسطينية من خلال مشاركة شخصيات ووجوه جديدة أفرزتها المرحلة الأخيرة تمثل كل التنظيمات والفصائل الفلسطينية في سلطة جديدة تكون الممثل الشرعي الوحيد والحقيقي للشعب الفلسطيني، تمثله في المفاوضات لحل الصراع. تواكب هذه الجهود ضغوط لمنع توسيع رقعة المعارك، ووقف إطلاق النار على كل الجبهات والعودة إلى الهدن الإنسانية ومنع فتح جبهة الجنوب المضبوطة حتى الآن بقرار إيراني، ورغبة من بعض فصائل الممانعة خصوصاً حزب الله بإبقاء الجنوب في حال غليان مضبوطة، ليبقى ورقة قوية بيد إيران يدعم موقفها في المفاوضات مع الجانب الأميركي.
وفي السياق، يقول دبلوماسي غربي أن المرحلة المقبلة ستكون عرضة لتجاذب بين تيارين: الأول، تيار متطرف إسرائيلي فلسطيني، بإكمال الحرب لتتمكن إسرائيل من إنهاء مفاعيل آلة حماس العسكرية، وضمان سلامة المستوطنات، وسعي الفلسطينيين إلى إضعاف قدرة الجيش الإسرائيلي “الذي لا يقهر”، بعد أن كبدته حماس خسائر في الأرواح والعتاد، الأمر الذي يساعد ويسهل محاسبة نتنياهو وفريقه السياسي لفشله في القضاء على حماس وحزب الله. الثاني، تيار دولي عربي يجهد لوقف الآلة العسكرية والبدء في المفاوضات لسلام شامل وحل الدولتين. إنّ المفاوضات ناشطة ومستمرة في قطر في هذا المجال، وقد أحرزت بعص التقدم من دون الإفصاح عنه لأنها تجري بعيداً من الإعلام وفي الغرف الأمنية المغلقة.
وسط هذه المشهدية الإقليمية، تمت الزيارة الرابعة للمبعوث الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان باسم خماسية باريس كما أعلن، وقد نفى وجود أيّ تباين أو تباعد في مواقف أعضائها مؤكداً على الرؤية الواحدة الموحدة. ووضعت زيارته تحت عنوان أمني يتلخص “بمنع توسيع رقعة المعارك وعدم إدخال لبنان في الحرب، وإشعال جبهة الجنوب وهي جبهة مساندة، وفق ما قال حسن نصرالله، خوفاً من تداعيات الرد الإسرائيلي التدميرية وفق المسؤولين، وتنفيذ القرار 1701، مع الالتزام بمنطقة منزوعة السلاح، والتمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون بانتظار انتخاب رئيس، لضمان الاستقرار في المؤسسة الأمنية الأم الضامنة للأمن والاستقرار وإبعادها عن التجاذبات السياسية لمنع تصدعها، في وقت يبقى دورها الأساس لحفظ الأمن الذي تحتاجه فرنسا والدول المشاركة في اليونيفيل لضمان سلامة جنودها، كما تحتاجه أوروبا لمنع تدفق المهاجرين السوريين والمتطرفين إليها تجنباً لزعزعة الاستقرار.
في غضون ذلك، أكدت أوسط لودريان وجود إجماع للتمديد لقائد الجيش، بما في ذلك الثنائي الشيعي وفق أوساط سياسية في 8 آذار، باستثناء جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر، ولذلك كان لقاء الـ12 دقيقة بين لودريان وباسيل عاصفاً وحامياً، بسبب تمسك باسيل برفض التمديد للقائد، عندها وقف لودريان وأنهى الاجتماع وغادر.
وفي تعليق على نتائج زيارة لودريان، يقول دبلوماسي غربي “تبقى العبرة في التنفيذ، لقد سبق للقوى السياسية في لبنان أن تعهدت أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الالتزام بالمبادرة التي أطلقها في السفارة الفرنسية في لبنان في أعقاب انفجار مرفأ بيروت، وسرعان ما تنصلت القوى من تعهداتها.
فهل ستمارس واشنطن مع خماسية باريس الضغط لانتخاب رئيس سريعاً وإنهاء كل الإشكاليات القائمة في التعيينات والمحافظة على استقرار المؤسسات، وكسر “قرار” حزب الله بتأجيل انتخاب رئيس إلى ما بعد اتضاح معالم التسوية والسلام الشامل، وإلى ما بعد الانتخابات الأميركية، لإبقاء ملف الاستحقاق ورقة ضغط قوية بيد إيران في مفاوضاتها مع أميركا لتثبيت دورها في المنطقة؟
الأسابيع المقبلة ستحمل الجواب اليقين.
مواضيع مماثلة للكاتب:
“الغرب” يريد فصل لبنان عن غزّة | بلينكن يخفق في إقناع إسرائيل بالحل.. وهوكشتاين يستطلع أفق المرحلة لبنانياً | باسيل يعد خطّة “انقلابية” تقطع طريق انتخاب عون |