غزَّة… آخر الحروب!
إذا انتهت حرب غزة بشكلٍ لا يعود من الممكن تكرارها، فإن الشرق الأوسط سيكون أمام توثيق آخر الحروب التي هي حرب غزة.
كتب جان الفغالي لـ “هنا لبنان”:
قد يكون العنوان صادمًا، وقد يراه البعض مبالَغًا فيه، ولكن في قراءةٍ للمشهد في المنطقة، فإنّ الوقائع تكاد توصِل إلى قناعة أنّ تاريخ السابع من تشرين الأول 2023، سيشكِّل منعطفًا أساسيًا في الصراع العربي-الإسرائيلي
(وليس في الصراع الإيراني – الإسرائيلي)، انطلاقاً من المعطيات التالية:
آخر الحروب بين إسرائيل والعرب، من دولة إلى دولة، كانت في تشرين الأول 1973 بين إسرائيل من جهة ومصر وسوريا من جهة ثانية. بعد تلك الحرب، لم تندلع حرب بين دولة ودولة بل بين إسرائيل ومنظمات: اجتياح إسرائيل للبنان كان بهدف اقتلاع منظمة التحرير الفلسطينية التي لو كانت في بلدٍ غير لبنان، قيادةً وبنية تحتية عسكرية متكاملة، لكانت الحرب على أرضِ تلك الدولة، من دول المواجهة لإسرائيل، سواء أكانت سوريا أو الأردن. انتهت تلك الحرب بخروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، قيادةً ومقاتلين، إلى تونس.
بعد العام 1982، لم تندلع حروب في المنطقة، فكانت الإنتفاضات الفلسطينية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بدءًا بثورة الحجارة، ثم تطورت هذه الثورات إلى استخدام الأسلحة النارية.
من الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى لبنان، إندلعت حربان، ولكن ليس مع لبنان بل مع حزب الله: عملية “عناقيد الغضب” عام 1996 التي أدت إلى تفاهم نيسان، وكان للرئيس الشهيد رفيق الحريري، من خلال اتصالاته الديبلوماسية، الفضل الأكبر في التوصل إلى هذا التفاهم، وحرب تموز صيف 2006 التي أدت إلى القرار 1701. سبعة عشر عامًا مرت على حرب تموز 2006، كانت الأعوام الأكثر هدوءًا على الجبهة الجنوبية، وتحت سقف الهدوء والتهدئة، كان القرار 1701 واقع تحت ضربات الخروقات سواء من جانب إسرائيل أو من جانب حزب الله، فلقد نص القرار على عدم وجود أي طرف مسلح جنوب نهر الليطاني، باستثناء الجيش اللبناني وقوات الطوارئ الدولية، لكن “المياه تكذِّب الغطاس”، حزب الله تواجدَ “مسلَّحًا” وصولًا إلى الخط الأزرق تحت ألف عنوان وعنوان: من “الأهالي” الذين استهدفوا الجندي الإيرلندي، الذي كان من ضمن دورية من قوة الطوارئ الدولية، والذي تبيَّن لاحقًا أنّ الذين أطلقوا النار هم من حزب الله، بدليل أنّ الذين أوقفوا هم من حزب الله.
ومن “الأهالي” إلى جمعية “أخضر بلا حدود” التي تأكَّدَ أنها “فصيل” من حزب الله.
بعد سبعة عشر عامًا، بدا القرار 1701 كأنه “حبرٌ على ورق”، وهناك محاولة لإنعاشه، ويبدو أن الهامش يضيق شيئًا فشيئًا بين خياري التطبيق الكامل للقرار 1701 أو “فتح جبهة جنوب لبنان” لفرض تطبيقه بالقوة أو الذهاب إلى قرار أكثر تشددًا.
إذا سبقت المساعي الديبلوماسية المدافع في جنوب لبنان، وإذا انتهت حرب غزة بشكلٍ لا يعود من الممكن تكرارها، فإنّ الشرق الأوسط سيكون أمام توثيق آخر الحروب التي هي حرب غزة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
راقبوا الميدان… الحرب في بدايتها | لبنان أمام عشرة أسابيع حاسمة | تدمير تحت الأرض.. دمارٌ فوق الأرض |