“الحزب” وحيداً.. وداعاً لـ “الثلاثية”
بات مسلّماً به أنّ نهاية حرب غزة ستكون بداية حرب لبنان إذا لم يتم تداركها قبل فوات الأوان، وباب الإنقاذ الوحيد هو القرار 1701.
كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:
كان مفهوماً قبل حرب غزة أن يتحدث “حزب الله” عن “الثلاثية الذهبية”، أي معادلة “جيش وشعب ومقاومة”. أما اليوم، وبعد دخول تلك الحرب شهرها الثالث، ومثلها المواجهات على الحدود الجنوبية، فمن غير المفهوم أن يستحضر أحد الآن هذه “الثلاثية”.
هذا ما فعله عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل الله خلال جولة له في مدينة بنت جبيل السبت الماضي. فهو قال: “في لبنان نحن نمتلك إن شاء الله القوة الكبيرة المتمثلة بمعادلة المقاومة والجيش والشعب”. وأتى كلام النائب فضل الله في سياق الرد على كل ما يطرح حالياً حول تنفيذ القرار 1701، لجهة خروج “الحزب” كتنظيم مسلح من منطقة عمليات القرار الواقعة بين حدود لبنان الجنوبية ومجرى نهر الليطاني الذي يبعد نحو 30 كيلومتر تقريباً عن الحدود.
يؤكد فضل الله أنّ “الحزب” باقٍ في منطقة القرار الدولي ولن يخرج منها، واصفاً ما يطرح على هذا الصعيد بأنّه من باب “الأوهام”. وللتوضيح، إنّ أول من أثار انسحاب “الحزب” من منطقة جنوب الليطاني ولا يزال، هي إسرائيل. والأخيرة دعت تحديداً، إلى انسحاب قوات “الرضوان” التي تعتبر قوات النخبة في “الحزب” من هذه المنطقة. وسرعان ما شاع أنّ هناك تبنّياً دولياً لهذا المطلب، وتحديداً من فرنسا والولايات المتحدة الأميركية اللتين هما من أعضاء اللجنة الخماسية من أجل لبنان.
لنسلم جدلاً، أنّ إسرائيل وحدها التي تطالب بانسحاب “الحزب” خارج منطقة الليطاني الحدودية. فهل هذا الأمر يقلّل من مخاطر ما ينتظره لبنان عموماً والجنوب خصوصاً في مجرى حرب غزة وامتدادها إلى الحدود بين لبنان وإسرائيل منذ 8 تشرين الأول الماضي بقرار من “الحزب”؟
يجادل البعض، وبينهم “التيار الوطني الحر”، أنّ “المقاومة” التي يمثلها “الحزب” قد نصّت على مشروعية سلاحها بيانات وزارية صدرت سابقاً، وبينها البيان الوزاري لحكومة تصريف الأعمال الحالية. لكن هذا الجدال، ينتهي حكماً عندما يصل الأمر إلى القرار الدولي 1701 الذي ينهي كل ما يتعارض معه أمثال بيانات وزارية لا تلزم مجلس الأمن. علماً أنّ هناك الكثير ليقال، فالبيانات الوزارية المشار إليها، قد أتت في حقبة تلزيم لبنان أولاً للوصاية السورية ثم لاحقاً للنفوذ الإيراني.
في القرار 1701، هناك معادلة ذهبية أخرى تنص على وحدانية سلاح الشرعية ممثلة بالجيش. وهذا السلاح بمؤازرة سلاح “اليونفيل”، يعمل على بسط سيادة الدولة في منطقة الليطاني، ويكفل أمن الشعب المقيم في المنطقة. وإذا أراد أحد الذين يهيمون بالأمين العام حسن نصرالله، كما نُقِل يوماً عن رئيس “التيار” النائب جبران باسيل، أن يسأل: وماذا يبقى لـ “الحزب” في معادلة القرار الدولي؟ سيأتيه الجواب من نص الـ 1701، وفيه أنّ كل من يحمل تذكرة الهوية اللبنانية، بمن فيهم عناصر “الحزب”، هو من الشعب الذي يكفل القرار الدولي سلامته، شرط ألّا يكون حاملاً للسلاح الذي لا يخضع للدولة التي يحمل جنسيتها.
يعترف كثيرون، أنّ هناك صعوبات جمّة تعترض إعادة منطقة جنوب الليطاني إلى حظيرة الشرعيتين اللبنانية والدولية. ومن بين هؤلاء، رسل فرنسا الذين يأتون إلى لبنان تباعاً كي يحذروا من الخطر المحدق بوطن الأرز. وبات مسلّماً به، أنّ نهاية حرب غزة ستكون بداية حرب لبنان إذا لم يتم تداركها قبل فوات الأوان. وباب الإنقاذ الوحيد من هذه الحرب هو في الذهاب سريعاً إلى تسليم مقادير الأمور إلى القرار 1701.
إنه زمن حرب ناشبة في غزة، وأخرى يجري التحضير لها في لبنان بمواجهات دامية على الحدود الجنوبية. لكن النائب فضل الله وأقرانه في قيادة “حزب الله”، ما زالوا يرفعون سقف التحدي. ومثل قيادة “الحزب”، يرتفع أيضاً صوت ممثلي حركة “حماس” في لبنان، الذين لم يعد لهم منبر يطلون منه إلّا لبنان. وكل هذه النبرة العالية هدفها شحذ الهمم وتحذير إسرائيل من مغبة الذهاب إلى حرب جديدة في لبنان. لكن، وللأسف فإنّ كل ذلك لا يغيّر من واقع خطر نشوب حرب تستهدف لبنان.
في أي حال، يقول فضل الله أيضاً، وفي سياق الرد على تهديد الدولة العبرية ووعيدها، إنّ إسرائيل “هُزمَت في عام 2006”. وللعلم، فإنه بموجب هذه “الهزيمة” ولد القرار 1701. وفي هذا القرار نص على أن يكون الجيش اللبناني ممسكاً بزمام الأمن بمؤازرة قوات الأمم المتحدة. ما يعني أنّ “الثلاثية الذهبية” التي يتحدث عنها فضل الله لم يعد لها وجود في منطقة الليطاني. كما يعني أنّ “حزب الله” صار وحيداً بعدما وجهت حرب غزة وتداعياتها إلى “الثلاثية” تحية الوداع.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل بري وابتسامة لاريجاني | “مرشد” لبنان و”بطريرك” إيران | تفليسة “تفاهم” مار مخايل في عملية البترون |