بعد فورة “الصيرفة غير الشرعية” في لبنان… ما هو واقع القطاع اليوم؟
بعد أن شهد سعر صرف الدولار في السوق السوداء استقراراً على مدى 6 أشهر، دور الصرافين الشرعيين بات يقتصر على بيع وشراء العملات الأجنبية، أما الصرافون غير الشرعيين فلم يبقَ لهم أي دور يذكر.
كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان”:
أمور كثيرة تغيرت في حياة اللبنانيين من جرّاء الأزمة الاقتصادية والمالية التي يعاني منها لبنان، محال تجارية تحولت إلى مراكز صيرفة، وأشخاص اتّخذوا من نواصي الشوارع مراكز لهم، فمنهم من كان يتنقل بين السيارات، ومنهم من يتمركز في نقطة حاملاً بيده رزمة من العملة اللبنانية ملوحاً بها.
ليس مستغرباً أن يجد أهل الفوضى في لبنان من الأزمة فرصة ثمينة لاقتناصها وبناء منظومتهم الخاصة ليحققوا أرباحاً تفوق ما يجنونه في مهنهم بأضعاف ولكن على حساب الناس.
واليوم بعد أن شهد سعر صرف الدولار في السوق السوداء استقراراً على مدى 6 أشهر كيف نقيّم واقع قطاع الصيرفة اليوم؟
عمل عدنان في قطاع الصيرفة بعد أن أصبح راتبه لا يكفيه لتغطية احتياجاته الأساسية، فوجد من المهنة الرائجة فرصة ذهبية لتحقيق مدخول إضافي.
استطاع عدنان أن يحقق أرباحاً في عزّ الأزمة قبل أن يستقر سعر الصرف خلال الأشهر القليلة الماضية ويضرب سوقه.
ويقول عدنان لـ “هنا لبنان”: “صحيح أنه لا يمكن إلغاء السوق السوداء إلا أنّ مهنة الصيرفة وخصوصاً الصرافين غير الشرعيين فقدت عزّها، فلم تعد أرباحهم كبيرة، ما دفع الكثير منهم إلى هجر المهنة”.
ويتابع: “في السابق كانت ورقة الـ 100 دولار تحقق مليون ليرة ربح للصراف أما اليوم فيقتصر ربحه على 50 ألف ليرة”.
كما يلفت إلى أن “اللبنانيين لم يعودوا بحاجة إلى تصريف كميات كبيرة من الدولارات خصوصاً بعد أن أصبح باستطاعتهم الدفع بالدولار في المحلات التجارية والسوبرماركت وغيرها”.
من جهته، يقول الأكاديمي والخبير الاقتصادري البرفسور بيار الخوري لـ “هنا لبنان”: “شهد قطاع الصيرفة فورة كبيرة منذ بدء الأزمة المالية، إلا أنّ أي فورة عادة ما يكون سببها عمل استثنائي، بمعنى أنه عندما يكون لدينا تحركات وتقلبات واسعة بسعر الصرف يؤدي ذلك إلى زيادة دور الوسطاء كما يحصل في أي سوق بسبب زيادة التداول فيه”.
ويتابع: “في السابق كان لدينا كميات ضخمة من الليرة اللبنانية، إلا أن الاقتصاد اللبناني لم يعد قادراً على استيعابها. فسعر صرف الليرة كان يتدهور والناس كانت تسعى للتخلص من الليرات تجنباً للوقوع بخسائر، ما يعني أنها كانت بحاجة للتوجه إلى سوق الصرافين وهو ما زاد الطلب عليهم حينها”.
كما يلفت الخوري إلى أن لبنان “شهد فورة للصرافة غير الشرعية خلال السنوات الماضية، لأن الصرافين التقليديين الذين يديرون السوق جرى منعهم من التداول بأسعار السوق الحرة أو ما يسمى بالسوق السوداء بسبب الخزعبلات النقدية التي حصلت على مدار الثلاث سنوات الماضية، فالسوق حينها لم يكن منتظماً ما إلى أدى انتشار عدد كبير من الصرافين في الشوارع والساحات العامة وغيرها”.
وبحسب الخوري، “نافست مهنة الصرافة رغيف الخبز في مرحلة من المراحل، ولكن منذ 6 أشهر وحتى اليوم ومع استقرار سعر صرف الدولار في السوق السوداء تغيرت المعادلة، ما أدى إلى عدم ضخ وطبع ليرات جديدة بل اعتماد سياسية تنشيف الليرة، أي سحب الليرة من السوق بأقصى حد ممكن والإبقاء على النقد بتداول لا يتجاوز حجمه الـ 60 ألف مليار أي أنّ قيمته فعلياً أصبحت متدنية جداً وتعادل 600 مليون دولار وهي أقل بكثير من حجمه في السوق بالليرة. لذا من الطبيعي أنّ الحاجة للصرافين غير الشرعيين لم تعد كبيرة طالما أنه لم يعد هناك تذبذب بأسعار الصرف”.
أما بالنسبة لدور الصرافين الشرعيين فيؤكد أن “دورهم تأثر أيضاً خصوصاً وأن جميع الصناديق باتت تقبل الدفع بالعملتين ما يعني أن كل تاجر أصبح باستطاعته أن يكون صرافاً نظراً لتوفر الدولارات في صناديقه، فالقانون أتاح له بيع وشراء العملات على الصندوق”.
وفي المحصلة يقول الخوري “دور الصرافين الشرعيين اليوم يقتصر على بيع وشراء العملات الأجنبية، أما الصرافون غير الشرعيين لم يبقَ لهم أي دور يذكر”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟ | قائد الجيش “رجل المرحلة”.. التمديد أو الإطاحة بالـ1701! |