تأجيل محاكمة عيّاد يثير قلق الدولة الإيرلندية

تأجيل الجلسة بالتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لمقتل الجندي شون روني ترك انطباعاً سلبياً لدى الإيرلنديين، وأثار الخوف من المماطلة في إجراء محاكمة عادلة وشفّافة

كتب يوسف دياب لـ “هنا لبنان”:

كلّ التوقعات التي سبقت جلسة محاكمة محمّد عيّاد، المتهم بـ “قتل الجندي الإيرلندي شون روني بالاشتراك مع 6 آخرين فارين من العدالة”، أوحت بأنّ الجلسة لن تنعقد ومحكوم عليها بالتأجيل، وهو ما أعاد إلى الأذهان حادثة مقتل النقيب الطيار في الجيش اللبناني سامر حنّا بإسقاط طائرته العسكرية قرب موقع عسكري لـ “حزب الله” في منطقة سجد العام 2009، الذي تغيّب المتهم بقضيته مصطفى المقدّم عن جلسات محاكمته ورفض المثول أمام المحكمة العسكرية لعشر سنوات إلى أن أعلن مقتله في سوريا.
فقد عقدت المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد الركن خليل جابر، جلسة لمحاكمة عيّاد وجاهياً ومحاكمة ستّة آخرين متوارين عن الأنظار، غير أنّ الجلسة التي تغيّب عنها المتهم لم تدم أكثر من عشر دقائق، إذ حضر وكيله القانوني المحامي محمد حمود وتقدّم من هيئة المحكمة وأبرز تقريراً طبياً يفيد بأنّ موكله يلازم المستشفى لتلقي العلاج، وعندما سأله رئيس المحكمة “هل لديك صورة تثبت أنه في المستشفى؟”، أجاب بالنفي، هنا قبلت المحكمة المعذرة الطبية وأرجأت الجلسة حتى السابع من حزيران المقبل. علماً أنّ الجلسة أتت بعد شهر واحد على إطلاق سراح عيّاد لقاء كفالة مالية قدرها مليار و200 مليون ليرة لبنانية.
صحيح أنّ الجلسة طارت، لكن ما ميّزها حضور كلّ من: سفيرة جمهورية إيرلندا في القاهرة وبيروت نوالا أبوبراين، المستشار القانوني لوزارة الدفاع الإيرلندية المحامي جو كرم، القنصل الفخري العام لإيرلندا جورج سيام وممثل الدائرة القانونية لقوات “اليونيفيل” في جنوب لبنان المحامي يوسف صفير. وفيما رفضت السفيرة الإيرلندية التعليق سلباً أو إيجاباً على إرجاء المحاكمة، كشف المحامي جو كرم لـ “هنا لبنان”، أنّ “الحكومة الإيرلندية تراقب عن كثب مجريات المحاكمة، وهي تطلب تحقيق العدالة في الجريمة التي أودت بحياة أحد جنودها في لبنان”، لافتاً إلى أنّ “الشعب الإيرلندي يعتبر أنّ الجندي شون روني قتل من أجل تحقيق المهمّة السامية لكتيبة بلاده، وهي مهمّة حفظ السلام والأمن في جنوب لبنان”.
وأسند القضاء العسكري إلى محمد عيّاد والمتهمين المتوارين عن الأنظار: علي خليفة، محمد علي حسن سليمان، حسين حسن سليمان، مصطفى حسن سليمان، علي حكم ومحمد مزهر، جرائم تفيد بأنهم “أقدموا ليل 14 كانون الأول 2022، وفي منطقة العاقبية ـ جنوب لبنان، على تأليف مجموعة من الأشرار بقصد ارتكاب الجنايات على الناس والأموال والنيل من سلطة الدولة وهيبتها، وعلى التنسيق فيما بينهم في مشروع جرمي واحد، أدى إلى قتل الجندي الإيرلندي ومحاولة قتل رفاقه من عناصر الكتيبة الإيرلندية العاملة ضمن قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل)، بإطلاق النار عليهم من أسلحة حربية غير مرخصة، وتخريب الآلية العسكرية، كما أقدم عناصر مجموعة أخرى (لم تعرف هوياتهم) على مهاجمة آلية عسكرية ثانية تابعة للكتيبة الإيرلندية ومصادرتها وترهيب عناصرها عبر إطلاق النار فوق رؤوسهم من أسلحة حربية وتصويرهم”.
ترك تأجيل الجلسة انطباعاً سلبياً لدى الإيرلنديين، خصوصاً وأنّ دفع المحاكمة لحوالي سبعة أشهر، تزامن مع الذكرى السنوية الأولى لمقتل الجندي شون روني، التي أحيتها الحكومة الإيرلندية وكذلك قوات “اليونيفيل” في الجنوب اللبناني، وأثار الخوف من المماطلة والتلكؤ في إجراء محاكمة عادلة وشفّافة تنتظرها الدولة الإيرلندية. غير أنّ مصادر المحكمة العسكرية قالت لـ “هنا لبنان” أنه “لا داع للتشكيك بالإجراءات المتبعة، وأن رئيس المحكمة العسكرية العميد خليل جابر، يطبّق الأصول القانونية التي يعتمدها في كلّ القضايا”. وأكدت المصادر أنّ “كثافة الجلسات تحتّم على المحكمة التأجيل لأشهر وليس لأي اعتبار آخر”.
وتواظب السفيرة الإيرلندية على متابعة مجريات هذه المحاكمة شخصياً، وكذلك وزارة الدفاع الإيرلندية عبر ممثلها القانوني وأيضاً قوات “اليونيفيل”، وبرأي مصادر مواكبة لمجريات المحاكمة “ثمة قلق من إطالة أمد المحاكمة بسبب الغياب المتكرر للمتهم”. وأوضحت المصادر لـ”هنا لبنان” أنّ “تبرير المحكمة العسكرية لقرار الإفراج عن المتهم عيّاد لدواعٍ صحيّة قد يكون مفهوماً، لكن ما هو غير مفهوم أنّ قوات “اليونيفيل” والجانب الإيرلندي لم يطلعا على حقيقة هذا الأمر وعلى التقارير الطبية التي تبرر الإفراج عنه”، معتبرة أنّ “إعلان الدولة اللبنانية بكل أجهزتها أنها عاجزة عن توقيف باقي المتورطين في حادثة قتل الجندي شون روني غير مفهوم، وهذا يكشف أنّ هؤلاء الأشخاص يحظون بحماية سياسية، وممنوع توقيفهم ومحاكمتهم”.

مواضيع مماثلة للكاتب:

سجناء أنصفتهم الحرب!

توقيف “عميل” زوّد “الموساد” بمعلومات عن “الحزب”

وكلاء سلامة مرتاحون لمسار التحقيق.. رُبّ ضارّة نافعة