أونصات مزورة في السوق اللبناني… والقضاء يتحرك
تحوّل سوق المجوهرات في لبنان إلى سوق كبير وتنافسي يُقدّر حجمه بأكثر من 600 مليون دولار، ما أثار شهية المزورين والمهربين فعمدوا إلى تزوير الذهب وإدخاله الى لبنان عبر المعابر غير الشرعية
كتبت ريمان ضو لـ”هنا لبنان”:
لجأ اللبنانيون بعد الانهيار الاقتصادي وفقدان الليرة قيمتها والتقلب المتسارع في سعر صرف الدولار، إلى الادخار والاستثمار بالذهب كملاذ آمن لأموالهم، ونشطت تجارة الذهب وارتفع مستوى الإقبال على شرائه خصوصاً الذهب غير المصاغ كالليرات والأونصات على اعتبار أن شراء الأونصات أفضل بكثير من ادخار المال ولا يتأثر بتقلب العملات، وقد تحوّل سوق المجوهرات في لبنان إلى سوق كبير وتنافسي ويُقدّر حجمه بأكثر من 600 مليون دولار. واستناداً إلى “الدولية للمعلومات” استورد لبنان في العام 2019 سبائك ذهبية بقيمة 476 مليون دولار إلى أن وصل الرّقم إلى 1.130 مليار دولار في الأشهر الثمانية الأولى من العام 2023 فقط، مقارنة مع 926 مليون دولار في العام 2022.
وقد أثار هذا القطاع شهية المزورين والمهربين فعمدوا إلى تزوير الذهب، وإدخاله إلى لبنان عبر المعابر غير الشرعية وبيعها لدى محال الذهب والمجوهرات، ربما في بعض الأحيان بسعر أقل من الأونصات اللبنانية أو المستوردة السويسرية الأصلية.
ووجود أونصات ذهب مزورة في الأسواق اللبنانية ليس جديداً، وسبق وألقت القوى الأمنية القبض في السنوات الماضية على عدد من العصابات المزوّرة والمروّجة للأونصات، خصوصاً أن تزوير الأونصات تجارة مزدهرة حول العالم.
وفي الشهرين الماضين، لاحظ بعض أصحاب محال المجوهرات ارتفاع نسبة بيع الأونصات بشكل لافت، وفي بعض الأحيان بسعر أقل من السعر المعتمد، مما دفع بعضهم إلى التأكد من مصدرها ومن تركيبتها، ليتبين لهم أنّها مزورة.
يقول صاحب أحد محال المجوهرات لموقع “هنا لبنان” إنّ بعض المحال الكبرى في لبنان تملك ماكينات متخصصة قادرة من خلال الفحص الفني على كشف الذهب المزيّف والتلاعب في عياراته، مشيراً إلى أنّه في معظم الأحيان يلجأ المزورون إلى التخفيف من عيار الذهب وخلطه بنوع آخر من المعادن، ويلفت صاحب المحل إلى أنّ عدداً من الصاغة والمواطنين وقعوا ضحية التزوير الذي يتم بشكل متقن وبحرفية عالية، ويصعب على التاجر كشفها نظراً لطبيعة التقنية التي استخدمت في عملية التزوير إلا من خلال الفحص الفني، إذ يتم الحفاظ على الشكل والوزن والسماكة واللون، مما قد يدفع ببعض المواطنين إلى الوقوع في الفخ.
في لبنان أربعة معامل لتصنيع الأونصات والليرات الذهبية، جميعها تتمتع بمواصفات عالمية، وقد عمدت إلى اتخاذ سلسلة تدابير لتفادي التزوير، لحماية أصحاب محال المجوهرات، وذلك عبر وضع الأونصات والليرات بغلاف يحمل رقماً تسلسلياً يسَجِّله المصنع عند تسليم القطعة لصاحب المحل أو التاجر، الذي بدوره يسجّله على فاتورة الزبون عند بيع القطعة.
وقد علم موقع “هنا لبنان” أنّ الجهات الأمنية والقضائية باشرت تحقيقاتها في هذا الملف واستمعت إلى عدد من أصحاب محال الذهب والمجوهرات الذين كانوا قد أبلغوا عن عمليات تزوير، كما طالبت الأجهزة القضائية من نقابتي أصحاب تجار الذهب والمجوهرات ونقابة الصاغة والجوهرجية تقديم أي معلومات يملكونها حول هذا الملف، علماً أن وزارة الاقتصاد ومديرية حماية المستهلك لم تتبلغ بأي شكوى من هذا النوع.
وبحسب المعلومات، فإنّ هذه الاونصات المزورة تم تهريبها إلى لبنان وتصنيعها يتمّ في بعض المعامل في دول عربية، ويتم إدخالها بطريقة غير شرعية وبيعها في الأسواق اللبنانية.
ومن جهته، ينفي رئيس نقابة تجار الذهب والمجوهرات في لبنان نعيم رزق ” وجود أونصات مزوّرة في لبنان، فالمعامل اللبنانية التي تنتج الأونصات معروفة، كما أنّ أكثر من 700 محل لبيع الذهب في لبنان، يلتزمون ببيع الأونصات اللبنانية المحلية الصنع أو المستوردة الموثوقة”.
وعن وجود أونصات مزورة في الأسواق اللبنانية، يقول رزق “سمعنا بذلك من الإعلام، وبعض المهربين يقومون بعرضها أرخص من سعر السوق، موضحاً أنّ كل أونصة يفترض أنّ تملك رقماً تسلسياً محفوراً عليها يسمح لأي راغب بشراء الذهب بالتأكد من صحتها.”
وعن كيفية تزوير هذه الأونصات يقول رزق إن “للذهب عيارات، فيلجأ المزوّر على سبيل المثال إلى التقليل من عيار ألف أو 995 في أي أونصة، وإن كان قد حافظ على الشكل والوزن واللون والأرقام والمنحوتات التي تتطابق تماماً مع الأونصة الأصلية”.
ويتمنى النقيب على أي شخص عدم استسهال شراء الأونصات أو الليرات الذهبية من خارج محال الصاغة، وشراءها من المحال المرخّصة والحصول على فواتير وأرقام تسلسلية.
حتى الملاذ الآمن الذي لجأ إليه اللبنانيون لإدخار أموالهم، طاله التزوير. ومرة أخرى يدفع اللبناني ثمن تفلت الحدود وعدم ضبط المعابر غير الشرعية، فوقع ضحية المزوّرين والمهربين الذين شكلوا عصابات عابرة للحدود.
مواضيع مماثلة للكاتب:
المحكمة العسكرية ضحية “الكيدية” | مسؤولون لبنانيون للوفود الديبلوماسية: الأولوية للترسيم البري بدل الالتهاء بالقرار 1701 | إيلون ماسك يثير الخلافات بين اللبنانيين.. أسئلة وشكوك حول خدمة ستارلينك |