“ميدتراك” يخلف بين “الصحة” والصيدليات… والمواطن ضحية
هل يؤدي تطبيق الوزارة نظام الـ Meditrack على الأدوية غير المدعومة قريباً إلى فقدان الأدوية المدعومة من السوق وحرمان المرضى من دوائهم؟
كتبت ناديا الحلاق لـ”هنا لبنان”:
استكمالاً للمرحلة الأولى من مسار تتبع الدواء المدعوم عبر نظام الـ Meditrack تعتزم وزارة الصحة العامة تنفيذ المرحلة الثانية من مسار التتبع للدواء غير المدعوم مع بداية العام الجديد رغم الخلاف القائم بين الوزارة ونقابة الصيادلة حول البرنامج.
وبهدف تأمين خدمات صحية تراعي المعايير العالمية للجودة مع تطبيق الرقمنة التي تضمن الشفافية وحسن استخدام الموارد هل تطبق الوزارة نظام الـ Meditrack على الأدوية غير المدعومة قريباً، في وقت لاقت هذ الخطوة رفضاً كبيراً في أوساط الصيادلة؟ وهل صحيح أنّ هذه الخطوة ستؤدي إلى فقدان الأدوية المدعومة من السوق وحرمان المرضى من دوائهم، وهل سيشجع هذا النظام على التهريب؟ وهل صحيح أن من يرفض اعتماد الـ Meditrack هدفه إبقاء السوق السوداء ناشطة لجني مزيد من الربح ولو على حساب المرضى؟
أسئلة كثيرة حملها “هنا لبنان” للمعنيين بالملف، حيث أكدت مصادر من وزارة الصحة العامة أن “الوزارة تتلقى يومياً عشرات الشكاوى من قبل صيادلة يعترضون على بيع الدواء غير المدعوم بنفس السعر المحدد في الوزارة بحجة أنه غير متوفر، على أن يتم عرضه لاحقاً في صيدلياتهم بأسعار مضاعفة مع إقناع الزبائن بأنه مستورد من الخارج”.
ويتابع المصدر: “كما يعمد بعض الصيادلة إلى التذرع بعدم وجود الأدوية الجينيسية (جينيريك) لديهم، بهدف وضع المريض أمام خيار وحيد هو شراء أدوية الـ Brand بأسعار عالية لتحقيق أرباح إضافية على حساب مرض الناس”.
ويضيف المصدر: “كل ذلك جعل الوزارة أكثر تمسكاً بموقفها من تطبيق نظام الـ Medtrack على الأدوية غير المدعومة لوضع حد لهذه المهزلة ووقف المتاجرة بحياة المرضى”.
ويشدد المصدر على أنّ “من واجبات الوزراة ضبط حركة الأدوية التي تدخل إلى السوق وأيضاً ضبط الفاتورة الدوائية للأدوية المدعومة، مع ضمان عدم انقطاعها سواء المدعومة وغير المدعومة، وتأمينها للجميع بأسعار عادلة تحددها الوزارة تجنباً لاستغلال المريض وزيادة معاناته”.
ويشير المصدر إلى أنّ “هدف الوزارة إيجاد الحلول المناسبة لتنظيم سوق الدواء ومنع التهريب خصوصاً وأنّ نظام التتبع أظهر مدى فعاليته لما يضمنه من مراقبة دقيقة تمنع كل أشكال الاحتكار والتهريب، وعدا عن ذلك ما هو إلا إشاعات لترهيب المرضى وإقناعهم بأن الوزارة تعمل عكس مصالحهم”.
من جهته، يدافع عضو نقابة الصيادلة في لبنان د. سهيل غريب عن مواقف نقابته مؤكداً أن نقابة الصيادلة تؤيد نظام الـ Meditrack ولكن على الأدوية المستعصية وأدوية الأمراض المزمنة والأدوية المدعومة فقط، وهو حق للمواطن بالحصول على دوائه بأسعار عادلة وحق للدولة أن تعرف أين تذهب أموال الأدوية المدعومة، وعندما اقترح وزير الصحة هذا النظام وافقنا عليه، ولكن ما رفضناه هو السماح لصيدليات محددة المشاركة في النظام وليس جميعها”.
ويقول غريب: “بعد بدء المرحلة الأولى من نظام Meditrack وتطبيقه على الأدوية المدعومة طالب وزير الصحة أن يتم توسيع نطاق هذا النظام ليشمل الأدوية المدعومة وغير المدعومة بذريعة أنه مطلوب من قبل منظمة الصحة العالمية كونه معتمد في 130 دولة متقدمة”.
ويتابع: “كمجلس نقابي رفضنا موضوع الربط مع وزارة الصحة، وحتى اليوم لم يتم الرد على أسئلتنا بشكل واضح وصريح”.
وعن أسباب رفض النقابة للربط مع الوزارة يقول: “أولاً، لأن أكثر من 70% من الصيدليات موجودة في الأرياف والمناطق الحدودية من الشمال حتى الجنوب وفي المناطق المواجهة مع العدو، في حين أنّ الربط يتطلب وجود الكهرباء والانترنت باستمرار ونحن لا نضمن تأمينها بشكل دائم في هذه المناطق. ثانياً، لأن الربط سيكون عبر برنامج Software معين، والصيدليات التي ليس لديها هذا البرنامج ستضطر لشرائه بسعر مرتفع ما يزيد من تكاليفها. ثالثاً، نظام الـ Meditrack من شأنه التشجيع على تهريب الدواء خصوصاً وأنّ آفة التهريب ما زالت مستمرة عبر جميع النقاط الجمركية في لبنان”.
أما بالنسبة للحديث عن رفض الصيادلة لهذا البرنامج ونيتهم احتكار الدواء وبيعه في السوق السوداء، فيجيب باستهزاء: “إنه اتهام سخيف جداً ولتتفضل وزارة الصحة بإرسال مفتشيها للبحث في الصيدليات عن الأدوية المخبّأة ولتعاقب المحتكرين والمتلاعبين في حال ثبتت عليهم التهمة”.
ويؤكد غريب أن “تطبيق المرحلة الثانية من نظام Meditrack على الأدوية غير مدعومة سيدفع النقابة لاتخاذ قرارات جريئة دعماً للصيادلة وتأييداً لمواقفهم، مشيراً إلى أنّ رفض قرار الربط الشامل مع وزارة الصحة جاء تنفيذاً لقرار الجمعية العمومية”.
كما ويلفت إلى أنّ “بعض الصيدليات قد تصل إلى مرحلة الإقفال خصوصاً تلك التي لن يعود باستطاعتها تحمل المصاريف أو التي لم تعد تتلقى الأدوية”.
ويختم قائلاً: “التشجيع على الأدوية المهربة والفاسدة لا يختلف أبداً عن غرف الغاز التي كانت موجودة في ألمانيا النازية، إنه إجرام بحق المواطن وبحق لبنان وعلى الوزارة أن تتحمل المسؤولية وأن تدرس خطوتها بشكل جدي كي لا يكون المواطن ضحية قراراتها”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟ | قائد الجيش “رجل المرحلة”.. التمديد أو الإطاحة بالـ1701! |