فلسطين من قضية إلى فتنة؟
ورط “الحزب” جنوب لبنان مدعياً أنها المشاركة في معركة التحرير مع “حماس” وإذ به يحوّلها إلى معركة ضد المسيحيين بادعائه على مطرانين مارونيين بحجة أنهما يتعاملان مع إسرائيل لمجرد وجودهما بين أبناء رعيتهما الموارنة
كتب سعد كيوان لـ “هنا لبنان”:
منذ ثلاثة أشهر تفرّدت “حماس” بمعركة خاصة مع نتنياهو باسم فلسطين ضمّنتها شعارات إسلامية ومضموناً وأفقاً إسلاميين ما أعاد إلى الذاكرة نهج الإخوان المسلمين. ولحقتها إيران التي تسوسها وترعاها معلنة أن ما قامت به “حماس” هو عملية انتقام من قتل قاسم سليماني الذي اغتاله الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الذي يستعد للعودة إلى السلطة في الولايات المتحدة. ثم ورط “حزب الله” جنوب لبنان مدعياً أنها المشاركة في معركة التحرير مع “حماس” وإذ به يحوّلها إلى معركة ضد المسيحيين. فها هو يدعي على مطرانين مارونيين بحجة أنهما يتعاملان مع إسرائيل لمجرد وجودهما بين أبناء رعيتهما الموارنة، في الوقت نفسه تنكشف منصة لإطلاق صواريخ مجهزة في خراج بلدة رميش المسيحية من أجل استدراج إسرائيل التي لا تقصر لردة فعل على مسيحيي الجنوب أو لصبغهم بتهمة العمالة كما مطارنتهم، فقد اتهم البطريرك الراعي بالعمالة عندما توجه لزيارة القدس والأراضي المقدسة الموارنة في أيار ٢٠١٤، ممهداً لعملية بحث عما يعتبره وجوداً لجواسيس وعملاء في المناطق المسيحية في الجنوب رغم الجولة التي قام بها الراعي قبل نحو شهر إلى الجنوب وتحديداً إلى صور وقرى مسيحية حيث حث أهلها على الصمود والبقاء في قراهم وشدّد على حق الفلسطينيين في أرضهم ووطنهم مطالباً بحلّ الدولتين.
في المقابل تسعى “حماس” لتوسيع الشرخ الفلسطيني عبر دعوتها لتشكيل حكومة فلسطينية ومحاولة جمع التنظيمات والحركات المشابهة لفرض حكومة ذات طابع إسلامي في غزة والكلام عن الديموقراطية متجاهلة أن هناك تنظيمات أقدم وأعرق في العمل والنضال الفلسطيني، وتحديداً حركة فتح التي أسسها وتزعمها ياسر عرفات، الذي كان السبّاق في انفتاحه على “حماس” وتواصله مع مؤسسها الشيخ أحمد ياسين الذي اغتالته إسرائيل. وبعد انتخابات ٢٠٠٦ بدل أن تحاول “حماس” التي حصدت مقاعد لافتة في البرلمان الفلسطيني الحديث لتطوير العمل البرلماني المشترك وتثبيت دعائم قيام الدولة الفلسطينية الناتجة عن اتفاق أوسلو (١٩٩٣) لجأت إلى فرض سياستها بالقوة وتفردها بالسلطة فكان الانقلاب الذي مارسته في قطاع غزة في ٢٠٠٧ بعد وفاة عرفات (٢٠٠٤) وفتكت بفتح وصفّت كوادرها ورمتهم بشوارع غزة، وتتكلم اليوم عن الديموقراطية في الساحة الفلسطينية وتخوض معركة دموية أصبح عدد الفلسطينيين فيها نحو ٢٢ ألف قتيل و٥٦ ألفاً من المصابين من دون تحقيق أي هدف ولو سياسي مرحلي غير تشريد الفلسطينيين وقتل أطفالهم ونزوحهم من دون مأكل ولا مشرب وإقامتهم في العراء! فهل هذه التجربة الديموقراطية التي تريد “حماس” إقناع الفلسطينيين بها؟ وهل هي التجربة التي يريد “حرب الله” أن يقدمها للبنانيين، وهل يريد أن يقيم دولة إسلامية في جنوب لبنان أو على أرضه؟
إنّ الدولة الفلسطينية المرتجاة محاصرة الآن بقوى أمر واقع في فلسطين ولبنان في حين أن السعودية في طريقها نحو الانفتاح والدولة المدنية. وهذه مصر رفضت الدور الذي لعبه الإخوان المسلمون في مرحلة الربيع العربي وإسقاط حكم مبارك عبر خوضها معركة أزاحتهم عن السلطة، وقد لقيت دعم القوى الممانعة في حين يحاول الإخوان أي “حماس” فرض معركتهم في فلسطين، اما إسرائيل فلا تفرق بين مسلم ومسيحي كما تفعل هذه الأيام في جنوب لبنان عبر قصفها المستمر للقرى المسيحية. أما الإسلام العقائدي… فهم اليوم يضعون الأرض والبشر في لبنان بخدمتهم تطبيقاً للأوامر الآتية من طهران كما أعلنوا، فهل القصد أسلمة لبنان والقضية؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
برّي يفاوض.. أين المعارضون؟! | “الحزب” السلاح الإيراني الأكثر فعالية للتفاوض | وليد جنبلاط… السهل الممتنع |