فيروسات موسميّة تجتاح المجتمع اللبناني… و”الوقاية خير من ألف علاج”!
بعد مرور سنتين تقريباً على تأقلم الناس مع فيروس كورونا الذي اجتاح العالم، وُلدت في الآونة الأخيرة سلالة جديدة من كوفيد 19 وأُطلق على المتحوّر الجديد اسم BA.2.86 ولقّب بـ”بيرولا”
كتبت ريتا صالح لـ”هنا لبنان”:
يشهد لبنان انتشاراً واسعاً لفيروسات موسمية، منها فيروسات الجهاز التنفسي، المسؤولة عن الزكام، إلتهاب الأنف، الأنفلونزا الموسمية، إلتهاب الشعب والقصيبات الهوائية لدى الأطفال، بالإضافة إلى الفيروسات المسؤولة عن إلتهاب المعدة والأمعاء، وخطرها الرئيسي يتمثل في الجفاف لدى الرضع والصغار.
وفي المقابل، وبعد مرور سنتين تقريباً على تقبّل الناس وتأقلمهم مع فيروس كورونا الذي اجتاح العالم، لخطورته وصعوبة التحكم بعوارضه ولا سيّما التنفسية منها، والذي أودى بحياة كثير من الأشخاص في مختلف أنحاء العالم، ممن غلبتهم مناعتهم وتغلّب الموت عليهم، وُلدت في الآونة الأخيرة سلالة جديدة من كوفيد 19، وأُطلق على المتحوّر الجديد اسم BA.2.86 ولقّب بـ”بيرولا”. حدّدت منظمة الصحة العالمية BA.2.86 بأنّه “متحوّر قيد المراقبة”. كما تشير المنظمة إلى أنّ أيّ متحوّر قيد المراقبة، يتسبّب بمرض أكثر خطورة، أو يتهرّب من اللقاحات، أو العلاجات الموجودة يُدرج على قائمة منظمة الصحة العالمية للمتحوّرات المثيرة للاهتمام أو المثيرة للقلق، ولم تحدّد منظمة الصحة العالمية أي متحوّرات مثيرة للقلق. وبالتالي، تنتشر كل فترة سلالة جديدة من كورونا إلى جانب الفيروسات الموسمية المعروفة، وتصبح حديث البشر واهتمامهم، وجزءاً من مخاوفهم الصحية والحياتية وخصوصاً أنّ سلالة كورونا لم تتوقف منذ انتشار هذا “الوباء الجماعي القاتل”.
فما مدى خطورة الفيروسات الموسمية من إنفلونزا وكورونا وغيرها على صحة الكبار والصغار في السنّ؟ وكيف يمكن علاجها والوقاية منها؟
تؤكد طبيبة الأطفال كريستينا لحود لـ”هنا لبنان” أنه من الطبيعي أن تزداد نسبة الفيروسات في فصل الشتاء عند الاطفال وخصوصًا تلك التي تسبب الرشح مثل الـH1N1 والمعروف بالانفلونزا، بالإضافة إلى الـVRS وغيرها. وأضافت أن من العوارض التي يمكن أن تسببها هذه الفيروسات هي، الرشح والسعال، الحرارة المرتفعة، ضيق التنفس ولا سيما عند الأطفال حديثي الولادة، والذين يعانون من الربو، ومنهم من يمكن أن يستعينوا بجهاز التنفس ممّا يستدعي دخولهم إلى المستشفى. كما تسبب سيلاناً للأنف، وجعاً في عضلات الجسم، ويمكن أن تؤثر سلبًا على شهية الاطفال، ممّا يؤدي إلى جفاف الجسم.
وتشير لحود إلى أن عملية الوقاية من الفيروسات مهمة جداً، أولاً يجب اتباع الإرشادات الوقائية مثل غسل اليدين بطريقة جيدة، ثانياً وضع الكمامة، ثالثاً عدم إيصال الأولاد عند المرض إلى المدرسة أو الحضانة لمنع تفشي الفيروس فيما بينهم، شارحةً أن كل جسم يتقبّل الفيروس بطريقة مختلفة عن الآخر، أي أنّ قدرة جسم الطفل تختلف من طفل إلى آخر.
وتنصح لحود بأن يتلقى الاطفال لقاح الإنفلونزا، مشددة على أهميته، بحماية وتجنيب الأطفال من التعرض لهذه الفيروسات، لافتة إلى أنّ فصل الخريف هو الوقت الأفضل للتطعيم ضد الإنفلونزا.
وعن علاج هذه الفيروسات الموسمية، توضح لحود أنهم يعتمدون على علاج العوارض، من تخفيض الحرارة، ومراقبة شهية الطفل، وحركته، مشددةً على أنهم كأطباء لا يصفون المضادات الحيوية أي الـ”Antibiotics” لمعالجة مثل هذه الفيروسات، بل يعتمدون على مخفضات الحرارة وماء الملح أي الـ”Phisiomere”، وغيرها.
وفي المقابل، تؤكد الاخصائية في الصحة العامة الطبيبة ميرنا الفغالي لـ”هنا لبنان” أن كل الكلام والأحاديث والاخبار التي يتم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن انتشار العديد من الفيروسات الخطيرة والمتحورات الجديدة لكوفيد 19 في الآونة الاخيرة للأسف لا تستدعي خلق كل هذا الرعب والخوف والذعر والقلق بين المواطنين، موضحةً أن الوضع بحاجة فقط إلى انتباه على صحة الفرد، لأن الفيروسات الموسمية كانت موجودة قبل كورونا، مثل الإنفلونزا A و B، وكان المواطن يستخدم كل طرق الوقاية لتفادي العدوى، ومنها، عدم الجلوس بالقرب من أي شخص مريض، عدم “العطس” في وجه شخص آخر، وارتداء الكمامة.
وتابعت الفغالي أن علاج الفيروسات الموسمية يعتمد على تناول المشروبات الساخنة، على التدفئة، على تناول البنادول، وذلك لمدة تتراوح بين الثلاثة إلى أربعة أيام، وفي حال لم يصبح المريض بحال أفضل، يجدر به زيارة الطبيب، كي يتم معالجته وتشخيصه عن قرب ويحدد حالته الصحية بشكل مباشر.
وشددت على أنّ انتشار الفيروسات اليوم لا يجب أن يخلق كل هذا الرعب المجتمعي، لأن طرق علاجها كثيرة وموجودة، وليست بفيروس جديد أو غير معروف، كما كان حال أوّل ظهور لوباء كورونا.
وأكدت الفغالي أن لقاح الإنفلونزا موجود وضروري، مشددةً على أنّ كل من أخذ جرعة اللقاح هو محمي من الـH1N1، وفي حال نقلت العدوى إليه فتكون عوارض الفيروس خفيفة على جسمه وسهلة ولا تستمر لوقت طويل. ولفتت إلى أن هذه السنة، خاف اللبنانيون من أخذ لقاح الإنفلونزا، لأن غالبيتهم تخوفوا من الكلام الذي تناولته وسائل التواصل عن لقاح كورونا وتأثيراته الجانبية على صحة الإنسان، موضحةً أن لقاح الإنفلونزا ليس له علاقة بالكوفيد 19 بتاتاً. وأشارت إلى أن أخذ اللقاح لا يفيد في هذا الوقت، ويجدر على الفرد أن يلقح في شهر تشرين الأول.
وعن سلالة كورونا الجديدة، قالت الفغالي أنه حتى اللحظة لا تزال عوارضه مقبولة، وغير مقلقة، إلا عند الاشخاص الذين يعانون في الأساس من ضعف في المناعة أو كبار السن، أو مرضى السرطان، فيجدر بهم مراجعة طبيبهم لتحديد كيفية وطرق العلاج. وعادت وشددت على أن الوضع العام ليس مقلقاً، وكل ما يتم تداوله من أحاديث جانبية بأن هناك فيروسات غير معروفة وخطيرة في لبنان كلام غير صحيح ولا يمت للحقيقة بصلة.
ولا بدّ من الإشارة إلى أن اللقاح الخاص بالإنفلونزا والذي يسمى بالـ “Vaxigrip” متوفر بشكل دائم، عالمياً ولبنانياً، وبأعداد كافية في جميع الصيادلة، وحددت وزارة الصحة العامة كلفته بـ 975.675 ألف ليرة لبنانية أي نحو ١١ دولار.
مواضيع مماثلة للكاتب:
الصحة الإنجابية في خطرٍ كبير… لبنان كالصين: ولد واحد لكل عائلة! | القطاع التعليمي في لبنان عالق بين “الردّين” و”المفاوضات” | أحداث الجنوب تربك اللبنانيين.. إلغاء رحلات ورفع للأسعار! |