شعبان العصامية.. ضحية تدخلات قوى ردّاً على فتح ملفات أخرى في وزارة التربية
التدخلات السياسية ألبست رئيسة دائرة المعادلات في وزارة التربية أمل شعبان تهماً باطلة لأنها قررت محاربة الفساد في مركز عملها وتحديداً في ملف شهادات مزورة لطلاب عراقيين
كتبت كارول سلوم لـ “هنا لبنان”:
ما يظهر من معطيات في قضية رئيسة دائرة المعادلات في وزارة التربية أمل شعبان يؤشر إلى أنّ ما يجري هو في الحقيقة إلباس تهمة باطلة بحقها، فقط لأنها قررت محاربة الفساد في مركز عملها وتحديداً في ملف شهادات طلاب عراقيين، الذي فتح منذ فترة طويلة ولم يظهر فيه المتهمون الحقيقيون.
ومؤخراً تحرك الملف بعدما تمّ توقيف شعبان من قبل النيابة العامة المالية بتهمة تقاضي رشاوى مالية مقابل معادلة شهادات لطلاب عراقيين، وبعد التحقيق معها وموظفين في مكتبها الوزارة، قرر قاضي التحقيق في بيروت أسعد بيرم إخلاء سبيلها لقاء كفالة مالية قدرها ١٠٠ مليون ليرة لبنانية، إلا أنّ أياديَ خفيةً دخلت على الخط من أجل تعليق القرار. وينتظر أن تبتّ الهيئة الإتهامية بشأن إخلاء السبيل أو إبقاء شعبان قيد التوقيف، وذلك بعدما استأنف المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم قرار القاضي بيرم وأحاله أمام الهيئة الإتهامية لحسم الأمر.
وهنا ترى مصادر مطلعة على الملف لموقع “هنا لبنان” أنّ شعبان سيدة عصامية ومشهود لها بكفها النظيف وتتابع عملها بكلّ دقة وهي إلى جانب منصبها في ملف المعادلات تتولى رئاسة دائرة الامتحانات في وزارة التربية، وهذا أكبر دليل على أنّها تحظى بثقة القيّمين عليها فضلاً عن أنّها نجحت في أحلك الظروف بإتمام المهمات الموكلة إليها، وكانت مثالاً للتفاني في مهنتها، ولعل السؤال الأبرز الذي يطرح نفسه هو ما إذا كان هناك من تأثير سياسي من قوى معينة أرادت الردّ على فتح ملفات أخرى من خلال الضغط لفتح ملف التربية وتحديداً المعادلات، وتكون شعبان أو غير شعبان ضحيتها؟
وإذ تشدّد المصادر على أنّ الكلمة الفصل للقضاء، ترى أنه لا يجوز اتهام مسؤولة مثل أمل شعبان بناءً على إفادات غير دقيقة فقط لأنّ هناك من أراد أن يشهّر بها وأن يضعها في موقع المتهم، في حين أنها بعيدة كلّ البعد عن اقتراف أيّ خطأ صغير حتى، لافتة إلى أنه هناك ربما من أراد الانتقام من شعبان بسبب نزاهتها ووقوفها ضد المخالفات المرتكبة، فأتى على ذكر اسمها في التحقيق، مدّعياً أنها تقاضت رشاوى في حين أنّ ما جرى في تغيير إفادة الموظف في أمانة سر المعاملات ما قبل الجامعية رودي باسيل يستحق التوقف عنده والتدقيق به واستكمال معطياته كما يجب.
وفي السياق نفسه، يوضح الصحافي المتخصص في الشؤون التربوية الدكتور ابراهيم حيدر في حديث لـ “هنا لبنان” أنّ هناك تركيزاً على التحقيقات في مخالفات متراكمة في وزارة التربية وإنّ وزير التربية لا يتدخّل في الموضوع وأعطى المجال أمام التحقيقات في قضايا فساد ورشاوى داخل وزارته، ويؤكّد أنّ التحقيق مستمر منذ ثلاثة أشهر وإنّ التوقيفات طالت ٢٣ شخصاً بعضهم من خارج وزارة التربية، ومن بينهم سماسرة ومندوبون متورطون في معادلات طلاب عراقيين، ومؤخراً جرى توقيف شعبان بموضوع المعادلات وليس بموضوع الامتحانات، وهذا التوقيف ناتج عن كلام قدمه أحد الموقوفين يتهم فيه شعبان بتورطها بقبض رشاوى ووفق المعلومات تبين أنّ هناك التباساً في الاتهامات الموجهة ضدّ شعبان والناتجة عن تغيير إفادة الموقوفين فمرة تراجع عن أقواله ومرة بدّلها ومرة أخرى قدّم إفادة مخالفة. وبحسب ما سُرّب، ثمة تناقضات في هذه الإفادات مما يؤشر إلى أنّ ما من دلائل في تورّط شعبان بالرشاوى المرتبطة بالمعادلات وتزوير شهادات.
وأكّد حيدر أنّ شعبان معروفة في الوسط التربوي بأنها عصامية ورفضت الكثير من الإغراءات، وبالتالي فإنّ التدقيق قائم على إفادة معينة.
ولفت حيدر إلى أنّ متابعة المخالفات في وزارة التربية أمر جيد ولكن يجب أن تكون مستندة على وقائع حقيقية ووثائق وإفادات، حكماً هناك مخالفات وهذه الرشاوى مستمرة منذ سنوات وتتراكم لا سيما في ملف معادلة شهادات الطلاب العراقيين ومشاكل مرتبطة بالجامعات والتعليم والشهادات وهناك علامة استفهام لماذا الآن فتحت ملفات المخالفات في الوزارة وليس من زمن طويل، مشدداً على أنّ هناك محميات سياسية وطائفية قائمة وموجودة وهي صاحبة القرار في بعض الأمور والفساد الذي حصل هو نتيجة تدخلات سياسية وطائفية تفرض نفسها.
وأشار حيدر إلى أنه لا يمكن استباق كلمة القضاء لكن لا بدّ من التدقيق الفعلي والسليم وعدم الاستناد إلى إفادات متناقضة ووهمية، معلناً أنّ وزير التربية أعطى كل التسهيلات بشأن ملف المخالفات.
وكرر حيدر القول أنّ بنية الوزارة تضم تركيبة سياسية وطائفية وفيها تدخلات ومحميات، وعلى الرغم من محاولات الإصلاح إلا أنها تصطدم بالقوى المتحكمة داخل الوزارة، مؤكداً في ردٍّ على سؤال أنه ربما يكون هناك دفع سياسي من قوى معينة رداً على ملفات أخرى فتحت في وزارة التربية وقد تكون أمل شعبان أو غيرها ضحيتها.