حرب إسرائيل الاستخباراتية
ما نفذته إسرائيل بالأمس القريب، بحق صالح العاروري في الضاحية الجنوبية، والقيادي في الحزب “جواد” كان حلقة في مسلسل طويل، ليس من المتوقع أن ينتهي في وقت قريب
كتب أسعد بشارة لـ”هنا لبنان”:
ليس جديداً ما نفّذته إسرائيل من اغتيالات على الساحة اللبنانية، فسلوك الاغتيال طال كلّ الساحات، ووصل إلى أوروبا وتونس، وكان لبيروت النصيب الأكبر منها، قبل الحرب الأهلية وبعدها، حيث اغتيل أبو حسن سلامة، والقادة الفلسطينيون الثلاثة في فردان، وكان إيهود باراك قائد مجموعة الاغتيال.
اغتالت إسرائيل خليل الوزير أبو جهاد، في منزله بتونس، في عملية ضخمة شاركت فيها سفن حربية وسفن إنزال، وكوماندوس بحري، ولم يكن يومها لسلاح الدرون القاتل، إمكانية لتنفيذ هكذا عمليات.
كما اغتالت إسرائيل، مؤسس حماس الشيخ أحمد ياسين، والقيادي عبدالعزيز الرنتيسي، واغتالت الأمين العام السابق لحزب الله السيد عباس الموسوي، في بلدة تفاحتا في الجنوب، وما نفذته بالأمس القريب، بحق صالح العاروري في الضاحية الجنوبية، والقيادي في حزب الله “جواد” كان حلقة في مسلسل طويل، ليس من المتوقع أن ينتهي في وقت قريب.
الواضح أنّ إسرائيل قد أعدت لائحة أو بنك أهداف، تستنسخ فيها تجربتها مع عملية ميونخ، حيث قامت بعد تلك العملية التي استهدفت الرياضيين الإسرائيليين، بتصفية معظم قادة أيلول الأسود، ولاحقتهم في أكثر من بلد عربي، وهو سلوك الهدف منه، إشعار الخصم بأنّ عليه أن يعد الأيام المتبقية من عمره.
لكن السؤال الأهم يتعلق بتحديد المدى الذي ستبلغه الحرب الاستخباراتية والاغتيالات، وهل ستقتصر على استهداف المحور الحليف لطهران؟ وهل هذا المحور قادر على الرد على كل اغتيال باغتيال، أو بعملية أمنية موجعة، كالتي أدت منذ سنوات إلى اغتيال وزير السياحة السابق رحبعام زئيفي.
والسؤال أيضاً هل ستكون هذه الحرب هي الوجه الآخر للمواجهة العسكرية أو البديل عنها، في مرحلة ما بعد عملية طوفان الأقصى وما تلاها من نتائج؟
تمارس إسرائيل استدراجاً لتوسيع الاشتباك مع حزب الله، بما يتجاوز قواعد المواجهة المحدودة، والهدف من التوسيع، وضع المطلب الإسرائيلي بإبعاد حزب الله عن الخط الأزرق، موضع التنفيذ على وقع الاغتيالات والضربات النوعية، وهذا التصعيد يسير بوتيرة عالية تواكب مهمة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين، ويطمح لاستباقها، في تحذير من أنّ إسرائيل لن تقبل العودة إلى ما قبل 7 أكتوبر، دون ضمان أمن الحدود.
تعيش المنطقة واقعاً مختلفاً يتجاوز كل محطات الصراع العربي الإسرائيلي دقة، من العدوان الثلاثي إلى حرب الأيام الستة إلى حرب يوم الغفران إلى اجتياح العام 1982، كلها محطات شهدت معارك عسكرية محدودة زمنياً، بما يختلف عن حرب الأسابيع والأشهر التي ستعيشها المنطقة، بكل ما تحمل هذه الحرب من احتمالات، لن تبقي الشرق الأوسط على ما كان عليه مساء السادس من أكتوبر.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | لبنان على موعد مع أشهر صعبة | ترامب اللبناني |