الفحم الحجري والبترولي يقضيان على البيئة والإنسان في لبنان!
تنصّ قوانين البيئة العالمية على منع إحراق الوقود النفطي الثقيل على مسافة تقلّ عن 120 كلم من آخر منزل ولكن المصانع في لبنان تستخدم الفحم الحجري والبترولي جنب المناطق السكنية
كتب أنطوني الغبيرة لـ”هنا لبنان”:
ينشط في شمال لبنان استعمال الفحم الحجري والبترولي جنب المناطق السكنية ما يؤثر سلباً على تلك الأخيرة. فالأضرار الناتجة عن ذاك الإستعمال لا تحصى ولا تعدّ، وقد أحدثت عبر السنوات تغيّراتٍ كبرى أرخت بثقلها على صحّة المواطن وسلامة البيئة! ورغم المناشدات والصرخات لم يلقَ المواطن آذاناً مصغية ولا أحد تحرّك.
فما مدى خطورة وقانونيّة استخدام الفحم الحجري والبترولي في لبنان؟
أوضح منسّق لجنة كفرحزير البيئيّة جورج العيناتي في حديثه لـ”هنا لبنان” أنّ معامل الإسمنت في شمال لبنان وتحديداً في منطقتي شكا والهري تستخدم الفحم الحجري والبترولي وتحتاج إلى حرارة مرتفعة جداً تصل إلى 1500 درجة مئوية إذ تستخدم وقوداً ذا كلفة متدنية جداً؛ وهذه المصانع هي الوحيدة في لبنان التي تستخدم الفحم الحجري والبترولي الذي تحاول الدول التخلص منه، فكيف إذا كان ذاك الفحم من نفايات وقود النفط الثقيل!
وتابع: “معامل الإسمنت هي آلة القتل الجهنمية التي تغتال شباباً في ربيع العمر وتقضي عليهم برماد الفحم الحجري المتطاير، وبالمعادن الثقيلة التي تحتويها الصخور الكلسية التي تُحرق بذاك الفحم. تلك المعامل نفسها تقوم بطمر أتربة وأغبرة الإسمنت فوق شرايين المياه الجوفية التي يقوم سكان المناطق السكنية بإستعمالها؛ هذه الأتربة الصناعيّة السامّة تكلّف دول العالم مليارات الدولارات للتخلص منها”.
أمّا عن نسبة الكبريت المسموح به في الفحم الحجري والبترولي والتي تبلغ 6% بحسب ما سمحت به وزارة البيئة في لبنان؛ أشار العيناتي إلى أنّ النسبة المسموحة في أوروبا لا تتعدى واحد ونصف بالمئة ورغم ذلك هذه النسبة تكلّف دول الإتحاد الأوروبي عشرين ألف قتيل سنوياً؛ بينما في الصين يموت نحو 660 ألفَ شخص جرّاء استخدام هذه الأنواع من الفحم.
مُردفاً: “ما يحدث في الكورة يتساوى بالإبادة الجماعية التي تحدث في غزة، لا بل يتغلّب عليها من ناحية الآثار السلبيّة من التشوهات الجينيّة، أمراض إنعدام التركيز لدى الأطفال ومختلف أنواع السرطانات، أمراض القلب والأمراض التنفسيّة، وغيرها”.
المطلوب اليوم من حكومة تصريف الأعمال، هو إيقاف هذه الجريمة وألّا تكون شريكة بها! فالخطوة الأولى التي عليها القيام بها هي استيراد الإسمنت من الخارج وإلغاء الرسوم الفاحشة المفروضة عليه، ومنع الإحتكار الداخليّ، ممّا سينعكس إيجاباً على أسعار الإسمنت في السوق المحلّي كون سعر طن الترابة اليوم غير منطقيّ ومرتفع جداً. وقد سبق أن حدّد وزير الصناعة السابق الدكتور عماد حب الله في حينها طن الإسمنت بنحو 29.5 دولاراً، فلماذا تمّ رفع السعر اليوم إلى 80 دولاراً؟!
كما أنّ على الحكومة منع عمل شركات الترابة الموجودة بين بيوت الناس وفوق المياه الجوفيّة، وختم مقالعها بالشمع الأحمر لا سيّما أنّ هذه المقالع موجودة في أماكن البناء السكنية والزراعية والمدارس ما يشكّل خروجاً عن جميع القوانين اللّبنانيّة، وعليها إلزام شركات الترابة بإعادة المبالغ التي سرقتها من الشعب إلى خزينة الدولة. فالإسمنت لا يزال يُباع مغشوشاً في الأسواق بهدف توفير كلفة الإنتاج، فيتم خلطه بكمية من رماد الفحم الحجري السام، أو التراب الأبيض المطحون غير المعالج وغيرها..
بالإضافة إلى أنه يجب منع إستخدام الفحم الحجري والبترولي على جميع الأراضي اللبنانية كما حصل في الأردن منذ العام 2004، ونقل المصانع من بين البيوت السكنية إلى مناطق نائية كما فعلت قبرص حين نقلت مصانع إسمنت “موني”. وعلى الحكومة أيضاً محاكمة كل من سمح بإستيراد الفحم الحجري والبترولي – الذي يحتوي على نسبة كبريت 6% – إلى لبنان.
من جهةٍ أخرى تنصّ قوانين البيئة العالمية على منع إحراق الوقود النفطي الثقيل على مسافة أقلّها 120 كلم عن آخر منزل، وذلك للمحافظة على البيئة والمناخ.
إنّ إحراق كميّة إضافيّة من الفحم الحجري والبترولي يؤدي إلى قتل المزيد من أهل الكورة والشمال من خلال تطاير الرماد المشبع بمواد مشعّة ومن خلال التعرّض لانبعاثات الزئبق، الفاناديوم، الكروم، النيكل، الرصاص، الخارصين، السيليكون، النحاس، والكادميوم واكاسيد الكاربون، الكبريت، النيتروجين وذلك بحسب دراسة علمية سبق أن أجريت في الأردن!