باسيل يعد خطّة “انقلابية” تقطع طريق انتخاب عون
بعد ضربة التمديد “الأمني” التي سدّدها له الحلفاء الأقربون، يعكف نائب البترون على إجراء قراءة متأنية لطبيعة التقاطع السياسي الذي أفضى إلى التمديد خشية تكرار السيناريو ذاته رئاسياً
كتب فيليب أبي عقل لـ “هنا لبنان”:
على مسافة من جميع القوى السياسية بما فيها حليف تفاهم مار مخايل، يقف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل. فبعد ضربة التمديد “الأمني”، التي سدّدها له الحلفاء الاقربون قبل خصومه في السياسة، وفتحوا باباً كان يمكن أن يغلَق للأبد أمام وصول غريمه قائد الجيش العماد جوزف عون إلى قصر بعبدا، يعكف نائب البترون على اجراء قراءة متأنية للمرحلة بكل تفاصيلها، وبشكل خاص لطبيعة التقاطع السياسي الذي أفضى إلى التمديد، خشية تكرار السيناريو نفسه رئاسياً، ذلك أنّ خطوة من هذا النوع من شأنها أن تكسر ظهره وتسهم في إطفاء ما تبقى من شعلة شعبيته المتجهة انحدارياً وفق استطلاعات الرأي. إذ أنّ شريحة واسعة مما تبقى منها تميل إلى الجيش أكثر من ميلها لباسيل الذي شنّ حملة يندى لها الجبين على القائد عون ليتبيّن بالدليل القاطع لاحقاً أنّ كل الاتّهامات التي كيلت له لا تمتّ إلى الحقيقة بصلة وليست إلا مجرد أنانيات ومحاولات مغرضة لتشويه صورته الناصعة وسمعته النظيفة.
في قراءته لما جرى، يعتبر باسيل أنّ خطوة التمديد لقائد الجيش، عبر تقاطع سياسي بين الرئيس نبيه بري، وبكركي والقوات اللبنانية والحزب الاشتراكي وحزب الله من خلال دعم حركة بري، ومشاركة دار الفتوى، لشمول التمديد مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، فتحت الطريق أمام تحالف رباعي يضم بري ووليد جنبلاط وسمير جعجع، ودار الفتوى، يسعى للاتفاق على مرشح رئاسي توافقي. ويقف حزب الله وراء هذا التحالف، إذ يسعى بري بحنكته المعهودة إلى تأمين مطالب وشروط الحزب وتوفير الضمانات المطلوبة له ولسلاحه. والأهم أنّ التمديد إياه أعاد وصل خطوط الاتصال بين عين التينة ومعراب، حيث يتولى نائب قائد القوات اللبنانية النائب جورج عدوان تأمين التواصل مع الرئيس بري، عبر مستشاره علي حمدان، بالتوازي مع لقاءات بعيدة من الأضواء بين بري وعدوان.
وفي هذا المجال يدرك باسيل أنّ بكركي ليست بعيدة عن أجواء هذا التطور. إلّا أنّ الخطوة هذه غير مضمونة النتائج والسؤال يُطرح حول إمكان نجاح بري وجعجع في بلورة تقاطع رباعي لانتخاب رئيس، من خلال اختيار العماد جوزف عون أو سليمان فرنجية. وهنا يراقب باسيل بدقة ما يجري، حتى إذا فشلت محاولة التقاطع على مرشح ثالث وفاقي حيادي، ولم تتأمن ظروف إيصال مرشح غير عون وفرنجية، وفي حال بدت حظوظ العماد عون متقدمة، يدخل مباشرة على الخط فيلجأ إلى دعم فرنجية لمنع انتخاب جوزف عون، وقطع الطريق على وصول مرشح ثالث قد يكون من حصة القوات أو المعارضة ومحسوباً عليها، فيختار السيئ بدل الأسوأ، نسبة لتداعيات الأمر عليه.
إنّ الانقلاب هذا في حال حصوله، ولا تستبعد أوساط مطلعة إمكانية تحوله واقعاً، سيكون عرابه حزب الله الذي سيستقبل باسيل في الضاحية كاستقبال الابن الضال ويجمعه وفرنجية لإنجاز الصفقة، استناداً إلى تسوية تتناول أدق التفاصيل، مقابل تأمين التيار الوطني الغطاء الماروني لوصول فرنجيه إلى بعبدا، وهو ما لا يمكن لبكركي أن تعارضه. إنّ صفقة تفاهم باسيل- فرنجية برعاية حزب الله، إذا حصلت، ستتم عبر “المايسترو”، الرئيس بري وستتضمن تفاصيل دقيقة، منها مثلاً شراكة باسيل للعهد وحصته في الحكومة، وفي الإدارة بتقاسم الموظفين المسيحيين مع فرنجيه. وبذلك يعزز باسيل وضعه السياسي ويتحضر لتسلم رئاسة الدولة بعد فرنجيه برعاية وضمانة حزب الله والرباعية، بعد أن يحل هو فيها بدل سمير جعجع. وقد يتأمن نصاب الجلسة ونصاب الانتخاب لفرنجية من خلال الـ65 صوتاً، إلا إذا طرأت تطورات خارجية عطلت الانقلاب وحالت دون دخول باسيل الرباعية مكان القوات.
إنّ احتمال حصول تطورات، وفق ما تقول أوساط قريبة من أحد المرشحين، يتوقف على الظرف الإقليمي الذي سيتم فيه الانتخاب، وموازين القوى ونتائج حرب غزة واليوم التالي بعد الحرب الذي يجري البحث فيه راهناً، ورضوخ إسرائيل لحل الدولتين. بالفعل، الاتصالات بدأت بعيداً من الأضواء لقيام التحالف الرباعي على أن تسبق هذه الخطوة جلسة تقويم وتفاهم وتنسيق بين الرئيس بري والزعيم الدرزي الجنبلاطي، إذ يحرص بري على تحالفه مع جنبلاط وعلاقته المميزة معه وهو لن يفرط فيها في هذا الظرف الدقيق، وقد يقرران وفق أوساط مراقبة اسم الحليف المسيحي، في التحالف بين جعجع وباسيل. قد تكون حظوظ الأول متقدمة لأنه يحظى بدعم بكركي كونه معها على الخط نفسه والتوجه السياسي ذاته، ولعلاقاته الخارجية الواسعة لا سيما مع السعودية. تبعاً لذلك، ترى أوساط مراقبة أنّ حظوظ عون الرئاسية قد ترتفع لأكثر من اعتبار. فوصوله لن يشكل انتصاراً لفريق وتحدياً لأحد، لا بل يعزز دور المؤسسات ويفعلها. فبإمكان عون تدوير الزوايا مع حزب الله عبر قنوات تنسيق وتعاون محددة، لكنها فعالة، تساعد على النهوض بلبنان من خلال تسهيل الحزب مهمة عون من ضمن صفقة التفاهم على الخطوط العريضة والعناوين الوطنية، فالتنازل من أي فريق تفرضه مقتضيات اتفاق الحل وليس أي شيء آخر.
وتنقل أوساط دبلوماسية مطلعة على بعض تفاصيل الحلول وصفقة التسوية الشاملة في المنطقة، بأن المبادرة الأميركية التي قد يحملها مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن والطاقة آموس هوكشتاين المتوقع أن يزور لبنان اليوم، تدعو إلى انتخاب رئيس في أسرع وقت وقبل الربيع، إذا أمكن، وهو سيقدم المساعدة حيث يجب لاستعجال الانتخاب ما يؤمن الاستقرار والهدوء على جبهة الجنوب، في وقت تسعى واشنطن لوقف العمليات العسكرية في غزة. وقد يكون ملف ترسيم الحدود البرية من خلال حسم النزاع حول النقاط المتنازع عليها وعددها 13 والاتفاق على انسحاب إسرائيل من منطقة الغجر ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا الملف الأساس الذي سيعمل عليه هوكشتاين مقدمة لتطبيق القرار 1701. وتختم الأوساط: إنّ وصول عون إلى بعبدا، يعيد ثقة الداخل والخارج بلبنان الدولة خصوصاً أنّ انتخابه يعيد الطمأنينة إلى اللبنانيين وقد يترافق وفق الأوساط مع خطة اقتصادية مالية لإنقاذ لبنان.
مواضيع مماثلة للكاتب:
“الغرب” يريد فصل لبنان عن غزّة | بلينكن يخفق في إقناع إسرائيل بالحل.. وهوكشتاين يستطلع أفق المرحلة لبنانياً | مبادرة مصرية لإنهاء الحرب في غزة.. ومبادرة أميركية لانتخاب رئيس ضمن مهلة زمنية |