هل يسبق انتخاب الرئيس القرار 1701؟
تحولت حكومة تصريف الأعمال بعد مغادرة عون قصر بعبدا، إلى ضحية الكباش بين الثنائي الشيعي وعونيي جبران باسيل، ولكن الغلبة تبقى للثنائي الذي تمكن من اللعب على الحبلين
كتب سعد كيوان لـ “هنا لبنان”:
هل اعتاد اللبنانيون على العيش وتنظيم حياتهم وإدارة بلدهم من دون رئيس للجمهورية؟ أم أنّ هناك طرفاً يصرّ على تعويد اللبنانيين على بقاء لبنان من دون رئيس صاحب قرار تمهيداً لفرض رئيس متواطئ وطَيّع كما حصل عند انتخاب ميشال عون رئيساً بعد فراغ دام نحو سنتين ونصف السنة.
هذا السيناريو تمّ إخراجه بإتقان حينها عبر مقاطعة “حزب الله” والعونيين وأتباعهم من الفريق الممانع (٤٣ نائباً) ما أدّى إلى تطيير النصاب، وبذلك تمكّن رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي كان سبق أن أعلن رفضه انتخاب عون، من الالتزام بحضور كتلته النيابية تغطيةً للتعطيل الذي هو طرف أساسي فيه، ولكنّ الكيمياء بين الرجلين حالت دون انصياع بري لإرادة “حزب الله”.
يومها، تخطّت جلسات المجلس الأربعين جلسة من دون أن يتمكّن المجلس من انتخاب رئيس، قبل أن يقرّر سعد الحريري وسمير جعجع، كلٌّ لأسبابه، الانحياز للتصويت لعون.
أمّا اليوم فقد أصبحت قصّة المقاطعة أسهل على اعتبار أنّ المرشّح ممانع ومتبنّى من طرفي الثنائي الشيعي، ورشّحه هذه المرة بري بذاته، واعتقاداً من الثنائي أنّ اللبنانيين أصبحوا أكثر استعداداً لتقبّل المقاطعة، وأيضاً بسبب مضاعفات الأزمة الاقتصادية وانهيار الليرة اللبنانية التي جعلت اللبنانيين يتلهّون بأزماتهم وأمورهم اليومية من مأكل ومشرب وغيره ما زاد في إحباطهم وقلّة اهتمامهم بالشأن العام.
وكذلك الوضع بالنسبة للحكومة التي تقوم بتصريف الأعمال بعد مغادرة عون قصر بعبدا، وتحولت إلى ضحية الكباش بين الثنائي الشيعي وعونيي جبران باسيل. ولكن الغلبة تبقى للثنائي الذي تمكن من اللعب على الحبلين، مستغلاً عدم التناغم بين نجيب ميقاتي الذي يعرف من هو وأين هو صاحب القرار وباسيل الذي ورث عن حميه عدم حبه لرؤساء الحكومة (السنّة). هذا من جهة، أما من الجهة الثانية فإنّ “حزب الله” يبقي باسيل في غرفة الانتظار رغم انفراط عقد التفاهم بينهما، مستغلًّا حاجة باسيل لطرف شيعي يحتاجه لنوع من التوازن الداخلي بوجه السنّة وحاجة حسن نصرالله لطرف مسيحي يستعمله لأهداف داخلية وخارجية.
ولكن بعد فرض عقوبات أميركية على زعيم التيار الوطني الحر، انتقل الكباش إلى مجلس الوزراء الذي أصبح معقّب معاملات نظراً للحساسية الطائفية. وإذا بحرب غزة تتحول إلى حجة للثنائي الذي يصرّ على زجّ لبنان فيها مدّعياً أنّها حرب على لبنان وأنّ عليه الانخراط في القتال إلى جانب “حماس” التي بدأت أساساً الهجوم، وهي اليوم تطالب بـ “وقف العدوان” الذي تحوّل إلى جحيم وحرب إبادة بالنسبة للفلسطينيين. ولكن الثنائي يتناسى أنّ لبنان بتركيبته وتنوّعه وتعدّديّته يتحوّل إلى اشتباك لبناني-لبناني ثمّ إلى حرب أهلية تقضي على وحدته الداخلية وقدرته على الصمود والحفاظ على تماسكه وموقعه المميز ودوره في دعم القضية الفلسطيني.
الثنائي الشيعي، وتحديداً “حزب الله” يعتبر أنّ أيّ دعم هو فقط في فتح الجبهات والانخراط في القتال، فيما إسرائيل تنخرط في عمليات الاغتيال ضدّ الحزب في عقر داره وضدّ “حماس” وكل الفصائل الأصولية الإسلامية كما فعلت في اغتيال العاروري في الضاحية الجنوبية لبيروت، والطويل وحدرج في الجنوب الذي تحوّل إلى نار ملتهبة تحت قصف نتنياهو، فيما يظنّ نصرالله أنّه بإمكانه مقايضة الرئاسة بغزة أي إيصال فرنجية مقابل عدم توريط لبنان. من هنا أهمية العودة إلى تطبيق القرار ١٧٠١ من أجل لجم إسرائيل وضبط “حزب الله” وسحبه من ما بعد شمال نهر الليطاني.
وهذا وليد جنبلاط الذي رفض في البداية دعم سليمان فرنجية للرئاسة يقول اليوم أن لا مانع لديه، فهل ما زال بإمكانه ممارسة اللعب على التناقضات بين السعودية وإيران، وهل مازال قرار الحزب في يده؟ علماً أن لا فرنجيه غَيّرَ موقفه ولا الأوضاع تغيرت في المنطقة، على العكس فإنّ محور الممانعة الذي تتزعمه إيران محشور إقليمياً خاصة بعد تورّط الحوثيين في الاعتداء على خطوط الملاحة الدولية، فيما تصر الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي الآن على تطبيق القرار ١٧٠١ لفرض وقف إطلاق النار في غزة قبل انتخاب رئيس من أجل حماية لبنان من حرب عبثية يسعى إليها نتنياهو بحثاً عن نصر عسكري وهمي، وهي الحرب التي يريد “حزب الله” و”حماس” توريطنا فيها.
مواضيع مماثلة للكاتب:
برّي يفاوض.. أين المعارضون؟! | “الحزب” السلاح الإيراني الأكثر فعالية للتفاوض | وليد جنبلاط… السهل الممتنع |