حزب الله يجهض مبادرة الدول الخمس
لا يبدو أنّ “الحزب” مستعجل لإنهاء الفراغ الرئاسي، إلا إذا استطاع إيصال مرشحه بموافقة عربية ودولية، وفي المقلب الآخر تنتظر القوى المعارضة، دون استعجال أيضاً، وفي حساباتها انتظار تغيير كبير آتٍ، لا بدّ سيقلب الكثير من المعادلات وتوازنات القوى
كتب أسعد بشارة لـ”هنا لبنان”:
المشهد الداخلي بعد استئناف مجموعة الخمس مهمتها الصعبة بات يمكن اختصاره بالآتي:
أولاً: أبلغ حزب الله الدول الخمس، أن لا تفاوض على سحب ترشيح رئيس المردة سليمان فرنجية، وبهذا يكون قد أقفل الباب نهائياً أمام الخيار الثالث، الذي بات مسلماً به بين الدول الخمس. سيؤدي هذا الإقفال، إلى تعثر مهمة اللجنة، التي اختصر عمل سفرائها في بيروت، باجتماعات وجولات لن تسفر عن انتخاب رئيس في القريب العاجل، أي في شهر شباط، كما كانت تأمل هذه الدول، وبهذا سيواجه لبنان خطر الحرب الوشيكة، بفراغ رئاسي، وباستمرار الشلل الاقتصادي.
ثانياً: لم يصدر عن الدول الخمس، لا في السر ولا في العلن، أي إشارات، إلى إمكان استعمال أسلحة الضغط المناسبة، ومنها سلاح العقوبات على المعطلين، وهو السلاح الوحيد الممكن والمتوفر، القادر على تغيير مواقف بعض الكتل ورؤسائها، وبانعدام التهويل باستعمال هذا السلاح، لن يجبر أي ضغط سياسي المعطلين، على إعادة النظر بموقفهم، وسيبقى مفتاح مجلس النواب وقصر بعبدا بيد حزب الله وحلفائه، ولو طال الفراغ لسنوات.
ثالثاً: بعدم قبول حزب الله الانتقال إلى البحث المبدئي برئيس الخيار الثالث، تبقى قوى الاعتراض على موقفها المتمسك برفض انتخاب فرنجية، وسيكون هذا معبراً إلى الفراغ الطويل الأمد، الذي ارتبط جزء من أسبابه، بالحرب الدائرة في غزة، وبنتائجها المحتملة على لبنان.
هذا الفراغ المديد سيكون اختباراً لرهانات من كل الأطراف لترجمات متضاربة، تبعاً لتطور مسار الحرب ونتائجها، فكل الاحتمالات تجري على ايقاع هذه الحرب، وما ستؤدي إليه.
خرقت إيران الصبر الاستراتيجي في البحر الأحمر، والحدود الأردنية، وهذا ما سيدفع الولايات المتحدة الاميركية إلى الانتقال من التواطؤ الاستراتيجي في العلاقة مع طهران، إلى توجيه ضربة تنقذ ماء وجه إدارة بايدن، العالقة بين الحفاظ على معادلة اللاحرب، والاضطرار إلى الرد على التجرؤ الإيراني، الذي قد ينعكس سلباً على نتائج الحزب الديموقراطي في الانتخابات الأميركية.
هذا ما سيعطي إسرائيل المزيد من القدرة على الاندفاع نحو الحرب، مع كل ما يعنيه ذلك من توريط لأميركا في مواجهة كبيرة، لن تستثني إيران.
في وسط المنطقة التي باتت مؤهلة للاشتعال، يقبع لبنان كملف متواضع الأهمية، ولكن على جانب كبير من التأثير في مسار الحرب، وينتظر جميع الأطراف في الداخل جلاء غبار المواجهة، لتقريش نتائجها في المعادلة الداخلية. لا يبدو أن حزب الله مستعجل لإنهاء الفراغ الرئاسي، إلا إذا استطاع إيصال مرشحه بموافقة عربية ودولية، وفي المقلب الآخر تنتظر القوى المعارضة، دون استعجال أيضاً، وفي حساباتها انتظار تغيير كبيرٌ آتٍ، لا بد سيقلب الكثير من المعادلات وتوازنات القوى.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | لبنان على موعد مع أشهر صعبة | ترامب اللبناني |