موازنة 2024 “ملغومة” وبنودها تهدّد “الصحّة”
كثيرة هي البنود الكارثية التي وردت في موازنة 2024 ومن أبرز إقرار قانون عبر نصّ غير واضحٍ يقضي بفرض غرامة استثنائية بقيمة 10% على شركات الأدوية التي استفادت من الدعم ما أثار حالة استنكار لدى الشركات المعنية
كتبت ناديا الحلاق لـ”هنا لبنان”:
تباهت الحكومة بإنجازها موازنة 2024 غير الإصلاحية “ببنودها الناقصة” فكانت الغاية منها تصحيح الأسعار التي كانت موضوعة في الموازنة السابقة من أجل زيادة إيرادات الدولة على حساب المواطن.
كثيرة هي البنود الكارثية التي وردت في موازنة 2024 ومن أبرز عللها كان اقتراح فرض غرامة أو ضريبة استثنائية بقيمة 10% على شركات النفط التي استوردت السلع المدعومة واعتبارها أنها استفادت من الدعم الذي أمّنه مصرف لبنان خلال عامي 2020 و2021، وأيضاً إقرار قانون ضمنها عبر نصّ غير واضحٍ يقضي بفرض غرامة استثنائية بقيمة 10% على شركات الأدوية التي استفادت من الدعم أيضاً ما أثار حالة استنكار لدى الشركات المعنية.
وبحسب مصادر خاصة فإنّ الضرائب التي أقرّت في موازنة 2024 وضعت بطريقة عشوائية دون أن تطرح على النواب بل أتت في إطار المزايدات التي تمتهنها أكثرية الكتل التي أيدتها وصوتت لصالحها. ولم تفرّق بين فقير وغني ولم تتضمن أي دراسة عميقة ما قد يزيد الهوة بين المواطن والدولة.
فإقرار موازنة 2024 من شأنه أن يفتح على اللبنانيين أبواب جهنّم ويهدّد حياة آلاف اللبنانيين.
وفي هذا الإطار يقول نقيب مستوردي الأدوية جوزيف غريب لـ “هنا لبنان”: “إن سياسة الدّعم، كانت سياسة رسميّة اعتمدتها الدّولة اللبنانية، التي قرّرت أن تدعم سلعًا حيويّة عديدة من بينها الدواء. وقد ساهمت هذه السياسة في مساعدة المستهلك على تحمّل ثمن السّلع في ظلّ الأزمة وانهيار الليرة اللبنانية وانخفاض القدرة الشرائية. من هنا اقتصر دور الشركات المستوردة ولا يزال على تسهيل عملية وصول الدواء المدعوم إلى المستهلك وتطبيق سياسة الدولة، حسب التسعيرة القانونيّة التي تحدّدها وزارة الصّحة العامّة حصراً”.
ويشير غريب إلى أنّ “الشركات طوال هذه الفترة عملت تحت مظلة سياسة اعتمدها لبنان رسميّا، وهي لم تستفد بتاتاً من الدعم الذي أفاد المستهلك الذي اشترى الدواء حسب السعر المحدّد من وزارة الصحّة، أي بجزء بسيط من قيمته الفعليّة. وبالتالي فإنّ الشركات العالميّة المصنّعة هي التي استوفت ثمن الأدوية المدعومة خارج لبنان ما أدى إلى تعرّض قطاع الدواء إلى هبوط حادّ وغير مسبوق في المبيعات”.
ويشير إلى أنّ “عشوائية البنود المضافة على موازنة 2024 دون أن تدرسها اللجان ودون إجراء أي دراسة عميقة وحقيقية عليها أمر مرفوض”.
ويتساءل غريب عن “الهدف من هذه الضريبة خصوصاً وأنه لا يمكن فرض الضرائب مع مفعول رجعي، ولو اعتبرنا أنها غرامة فيجب أن تُحدد المخالفة المتعلقة بها”.
ويشدد غريب على “عدم إمكانية تحقيق الإيرادات دون الأخذ بعين الاعتبار النتائج المدمرة التي من شأنها أن تصيب قطاع الدواء في لبنان. لافتاً إلى أن هذا البند عشوائي وغير مدروس ومجحف بحق الشركات، لأنه في حال تمّ فرض غرامات إضافية عليها، ستكون نتيجتها الحتمية تعليق الاستيراد ووضع قطاع الدواء في لبنان أمام خطر غير مسبوق”.
ويتساءل: “كيف يُمكن فرض غرامات على شركات خاصة وشرعيّة تحترم القوانين، وتبيع حسب التسعيرة القانونيّة وضمن الآلية التي اعتمدتها الدولة؟ مشدداً على أن أرباح الشركات المستوردة واضحة، وآلية بيعها للأدوية محدّدة من قبل وزارة الصّحة العامّة. وهذه الأرباح التي تحققت كانت فعلياً على أساس سعر صرف 1500 ل.ل، أي اقلّ بكثير من الكلفة التشغيلية للشركات. حيث يتم الحصول عليها وفقاً لنظام “ميدتراك” وهو نظام تتبّع دقيق للتوزيع، ومن خلاله يمكن مراقبة عمليّات البيع وصرف الأموال، وبتعقّب كلّ حبّة دواء ابتداءً من المستودعات ووصولًا إلى المستهلك النهائي، وهو ما يؤكد أنّ كلّ أرباح الشركات قانونية بالكامل، ولا سبب مقنع لفرض أيّ غرامات عليها”.
وطالب غريب “المعنيين إيجاد الحلول بأسرع وقت ووقف كل المشاريع العشوائية التي تضر بالمواطن بالدرجة الأولى وتهدد أمنه الصحي وتحرمه الحق في الحصول على الدواء وإلا فنحن على أعتاب أزمة دواء غير مسبوقة”.
أما في ما يخص قطاع المستشفيات وبعد أن أعلن تجمع الشركات المستوردة للنفط التوقف عن تسليم واستيراد المحروقات، أصدرت نقابة المستشفيات في لبنان بياناً ناشدت فيه باستثنائها من هذا القرار حفاظاً على حياة المرضى.
إذ يؤكد نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون أنّ قرار وقف تسليم المحروقات ستكون له تداعيات خطيرة على المستشفيات وقد يؤدي إلى إيقافها عن العمل، خصوصاً وأن عملها يعتمد بالدرجة الأولى على المازوت لتشغيل المولدات الكهربائية”.
ويطالب هارون “الشركات باستثناء المستشفيات منه حرصاً على صحة وأرواح المواطنين”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟ | قائد الجيش “رجل المرحلة”.. التمديد أو الإطاحة بالـ1701! |