الانتخابات البلدية والاختيارية باتت أمراً ملحاً… ولكن لا نيّة سياسية لإجرائها!
كما عند كلّ استحقاق في لبنان، تنقسم القوى السياسية بين مؤيّد ومعارض ويبدأ تقاذف المسؤوليات. فهل ستؤجّل الانتخابات البلدية والاختيارية للسنة الثالثة على التوالي؟ وفي حال تمّ تأجيلها ما هي عواقب ذلك على البلد؟
كتبت ريتا صالح لـ”هنا لبنان”:
بعد الانهيار الاقتصادي الكبير الذي يعصف بلبنان منذ تشرين الأول من العام 2019، تواجه المجالس البلدية والاختيارية مشاكل سياسية، مالية ولوجيستية في ظل إمكانيات ضئيلة، تعيق عملها في تأدية دورها الإنمائي، في إنشاء المشاريع وتحسين وضع المناطق اللبنانية. وبالتالي يعاني الكثير من المجالس البلدية اليوم من الشلل والتعطيل، نتيجة الشح المالي الكبير وعجز البلديات عن الاستمرار على هذه الحال من دون دعم الدولة. بالإضافة إلى معاناة المخاتير المستمرة من الشحّ في الطوابع والأوراق الرسمية التي يستخدمونها لتلبية طلبات المواطنين وتسيير أعمالهم الضرورية.
أمام التمديدين الأخيرين للمجالس البلدية والاختيارية تُعد هذه الانتخابات الاستحقاق الديمقراطي الثاني بعد الانتخابات البرلمانية والتي تحصل بالتصويت والاقتراع، بحيث أنّ ولاية المجالس البلدية والاختيارية تبلغ 6 سنوات خلافًا لولاية البرلمان وهي 4 أعوام.
إلّا أنّ الوضع العام في البلد أدّى بالقوى السياسية إلى التمديد للمجالس البلدية والاختيارية لسنتين على التوالي، وذلك بسبب عدم قدرة الحكومة اللبنانية على تمويل الانتخابات من جهة، والإضراب المستمر لمعظم موظفي القطاع العام الذين يطالبون بتحسين رواتبهم، ورفضهم قيمة المستحقات التي تسددها لهم الدولة لقاء هذا العمل من جهة أخرى، بالاضافة إلى غياب الإرادة السياسية لإنجاز هذا الاستحقاق الوطني.
وكما في كل استحقاق في لبنان، تنقسم القوى السياسية بين مؤيد ومعارض، ويبدأ تقاذف المسؤوليات. فهل ستؤجل الانتخابات البلدية والاختيارية للسنة الثالثة على التوالي؟ وفي حال تمّ تأجيلها ما هي عواقب ذلك على البلد؟
يؤكد البروفيسور هاني صافي الأستاذ في كلية الإعلام لـ”هنا لبنان” أن إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية أمر مهم جداً، أولاً، لأن الانتخابات الأخيرة قد حصلت في العام 2016 إذ أنّ الفترة قد طالت، ثانياً، هناك ضرورة لتجديد طاقم البلديات، خصوصاً بعد المراحل الكثيرة التي مرّ بها اللبنانيون، من ثورة ووضع اقتصادي صعب وتوازنات سياسية مختلفة والحرب التي نواجهها اليوم في الجنوب وغيرها من الأمور، وبالتالي الشعب اللبناني بحاجة إلى التغيير، وكل الأمور التي مرت على الناس أصبحت تؤثر على خياراتهم. كما وأن هناك وافدين جدد على اللوائح الانتخابية وغالبيتهم من الشباب، وهم يريدون الإدلاء برأيهم، مشدداً على أن كل هذه الأمور تشير إلى أهمية وضرورة إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في موعدها وعدم تأجيلها. وأضاف صافي أن البلديات تلعب دوراً أساسياً. وقال أنه وبالرغم من أن عدداً كبيراً من الناس اليوم يطالبون باللامركزية الموسّعة، فعمليًا البلديات هي أكبر مثال على اللامركزية الموسّعة، وهي بحد ذاتها سلطات لامركزية، بحيث أن كل منطقة لديها سلطاتها الخاصة، أي أن رئيس البلدية مع المجلس البلدي هم سلطات قائمة بحد ذاتهم يستطيعون أخذ قرارات كبيرة من حيث الإعمار، الفن، البيئة، الاجتماع والثقافة وغيرها، إذاً إجراء الانتخابات أمر مهم جدا لتحريك أمور تتعلق بحياة المواطن، مؤكداً أنه من المهم أن تبقى البلديات مستمرة وفعّالة.
وفي حال تم تأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية للمرة الثالثة، رأى صافي أنه في حال لم تجرَ الانتخابات فنكون قد مددّنا للوضع القائم حالياً، خصوصاً وأن هناك عدداً كبيراً من البلديات أصبحت مستقيلة وملحقة بالقائمقام أو المحافظ، وبالتالي هذه البلديات أصبحت مشلولةً، وقرارها لم يعد بيد أبناء المنطقة. وشدد على أنه يجب وبإلحاح الإصرار على إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية لاصطلاح العمل البلدي وعدم الدخول في التأجيل تحت أي “مسمّى كان”، لأن أصحاب النفوذ وغاياتهم هي الحفاظ على ناسهم وعدم إجراء الانتخابات.
وعما إذا كان للدولة القدرة على إجراء الانتخابات، قال صافي: يكثر الكلام في الظرف الحالي أنه على المستوى الأمني والمالي واللوجيستي وعلى مستوى الدولة ككل، ليس من السهل أن تجرى الانتخابات البلدية والاختيارية، ولكن إذا تمّ دفع مبلغ من المال لإجراء تلك الانتخابات فهذا الأمر لن يشكل كارثة، خصوصاً وأنّ الدولة قادرة على الاستعانة ببعض المؤسسات، كالأجهزة الأمنية، وموظفي القطاع العام، وذلك لتسيير إجراء الانتخابات، معتبراً أن كلفة إجرائها ليست باهظة. كما رأى صافي أنه إذا كان هناك
إرادة لدى الحكومة لحصول الانتخابات فسيكون هناك تمويل لها، مضيفًا أنه يمكن للدولة أن تستعين بمؤسسات دولية لمساعدتها ولا سيّما أن هناك رغبة كبيرة لديهم بأن يبقى مفهوم الديمقراطية فعّال في لبنان. وأشار إلى أنه إذا كان هناك نيّة للحكومة بإجراء الانتخابات فتجد ألف حلّ للأمور المعرقلة. واعتبر أن لا الوضع الأمني ولا حتى المالي ولا النفسي يمنع حصول الانتخابات. وختم صافي أنه ليس هناك نيّة سياسية بإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية.
مواضيع مماثلة للكاتب:
الصحة الإنجابية في خطرٍ كبير… لبنان كالصين: ولد واحد لكل عائلة! | القطاع التعليمي في لبنان عالق بين “الردّين” و”المفاوضات” | أحداث الجنوب تربك اللبنانيين.. إلغاء رحلات ورفع للأسعار! |