القضاء ينصف المصارف ويحمي حقوق المودعين.. قرار مجلس شورى الدولة ملزم ونهائي
نطق مجلس شورى الدولة بقرار العدل وأنصف المصارف كما يجب، والأنظار تتركز على التعاطي المستقبلي مع هذا الإجراء ودور السلطة التنفيذية في هذا السياق
كتبت كارول سلوم لـ”هنا لبنان”:
بقرار صادر عن مجلس شورى الدولة ومؤلف من ثماني وعشرين صفحة فولسكاب، أنصف القضاء اللبناني المصارف اللبنانية بعد إبطال قرار الحكومة في إلغاء التزاماتها بالعملات الأجنبية تجاه هذه المصارف. هذه الخطوة عكست ثقة بالمسار القضائي، وتأكيداً على حقوق المودعين حيث جاءت واضحة وضوح الشمس ومفصلة بالمواد القانونية والدستورية وبنقاط محكمة كما ورد في القرار.
انتصر الحق وكان لجمعية المصارف ما أرادته بشأن الوقوف إلى جانب هذه الحقوق. فبعدما تقدمت بمراجعة لدى مجلس شورى الدولة تطالب فيها بوقف تنفيذ وإبطال قرار مجلس الوزراء الصادر في تاريخ العشرين من أيار من العام ٢٠٢٢ في شقه المتضمن الموافقة على استراتيجية النهوض بالقطاع المالي في بندها المتعلق بإلغاء جزء كبير من التزامات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية تجاه المصارف وذلك لتخفيض العجز في رأسمال مصرف لبنان وإغلاق صافي مركز النقد الأجنبي المفتوح للمصرف لمخالفته الدستور والقانون، ها هو القضاء يحسم بالأدلة الدامغة القرار لمصلحة المصارف، فيما كان واضحاً أنّ الدولة اللبنانية وضعت يدها على أموال الناس والمودعين من خلال إجراءات اتخذتها لسنوات، تسببت في ضياع هذه الأموال وذلك دون خطط واضحة للمعالجة.
وما بعد قرار المجلس في السادس من شباط الجاري لن يكون كما بعده، وهو ملزم ويتعين على الحكومة تنفيذه.
وفي تعليق على ما صدر عن مجلس شورى الدولة، يؤكد الخبير الدستوري الأستاذ سعيد مالك لموقع “هنا لبنان” أن حكمه نهائي وملزم تحت طائلة تغريم كل من يمتنع عن تنفيذه.
إلى ذلك تفيد مصادر مصرفية لـ “هنا لبنان” أنّ هذا القرار يعني بشكل قطعي أنّ أمام الدولة واجب ردّ الودائع بعدما خالفت القوانين المعمول بها واستدانت الأموال من مصرف لبنان، ومعلوم أنّ قرار الحكومة كان يهدف إلى مصادرة نافذة لودائع المودعين لدى المصارف اللبنانية وإلى إلغاء القطاع المصرفي اللبناني وخلق نزاع بين المصارف والمودعين بشكل يخالف قواعد المسؤولية، فتكون بالتالي جمعيةالمصارف في لبنان متضررة من القرار على الرغم من أنها تمثل المصلحة الجماعية لجميع المصارف، مشيرة إلى أنّ مجلس شورى الدولة وبما يمثل من جهة قضائية نزيهة أنصف المصارف ونجح في وضع الأمور في نصابها لجهة عدم تحميل المصارف المسؤولية في قضية الودائع، في حين أنّ أي مسعى لشطب الودائع أو إلغائها وفق قرار الحكومة لن يبصر النور.
وترى المصادر نفسها أنّ المصارف أعلنت منذ بداية الطريق أنها لا تتهرب من تنفيذ أيّ إجراء من شأنه أن يخدم مصلحة المودع، وها هي قادت ومستعدة لقيادة أي معركة من هذا القبيل كما أنها تلتزم القوانين المعمول بها ولا ترغب في أي صدام مع أحد، بل تنشد العدالة وإنصاف دورها كي لا تكون الضحية في قضية أموال المودعين التي استدانتها الدولة على مدى سنوات وأنفقتها وكانت المصارف أودعتها في مصرف لبنان.
نطق مجلس شورى الدولة بقرار العدل وأنصف المصارف كما يجب، والأنظار تتركز على التعاطي المستقبلي مع هذا الإجراء ودور السلطة التنفيذية في هذا السياق.