مبادرة كتلة الإعتدال الوطني.. تهيئة أرضية المرحلة المقبلة للرئاسة بطريقة ناعمة
هل سيكتب النجاح لمبادرة الإعتدال ليتعدل معها مزاج قوى الممانعة وتتخلى عن فرض مرشحها لصالح مصلحة الوطن، أم أنّ الشياطين تكمن في التفاصيل والأرانب التي قد تخرج من القبعة والتي قد تتكشف وتظهر النيات المبيتة وتكون المبادرة محاولة فاشلة جديدة لسد الفراغ الحاصل رئاسياً؟
كتبت شهير إدريس لـ”هنا لبنان”:
النيران المتصاعدة على الخطوط الأمامية في الجنوب وإنشغال حزب الله بتداعياتها، لم تحجب العمل على خط الرئاسة الأولى حيث انشغلت القوى السياسية بالمبادرة التي تجول بها كتلة الإعتدال الوطني من أجل تحريك المياه الراكدة لا سيما بعد اجتماعات سفراء اللجنة الخماسية والتي لم تفضُ حتى الساعة إلى أي نتائج ملموسة قد تؤسس لتقدم الملف الرئاسي على عداه من الملفات، إلى جانب تأخر عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان والموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين إلى لبنان وعدم عقد أي اجتماع للجنة الخماسية خارجاً.
المبادرة الجديدة تتضمن نقطتين أساسيتين هما: مسألة التشاور وتأمين مساحة مشتركة ما بين اللبنانيين وبين الكتل النيابية للقاء في مجلس النواب وفتح المجلس النيابي عبر عقد جلسات مفتوحة وذهاب النواب لممارسة واجبهم الدستوري لإنتخاب الرئيس. وهو ما أكدته كتلة الإعتدال في جولتها على القيادات السياسية والروحية مشيرة إلى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري أعطى وعداً لكتلة الإعتدال، كما أتت التهنئة أيضاً من البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي أعجبته بنودها وقال أنها “حلوة وأهنئكم عليها”.
أما قوى المعارضة التي تعمل على مبادرة أخرى في حال عدم نجاح مبادرة كتلة الإعتدال فاعتبرت بأغلبيتها بأنّ التشاور تحت قبة البرلمان إيجابي وهو توجه المعارضة على أن يتم التقيد بالمسار الدستوري والذهاب إلى جلسات إنتخابية مفتوحة في حال لم يتم التوصل إلى التوافق على اسم مرشح ما، مع إتخاذها الحيطة والحذر ومطالبتها بضرورة إظهار حسن النوايا من قبل قوى الممانعة.
مصادر سياسية متابعة لحركة كتلة الإعتدال كشفت لموقع “هنا لبنان” أن التحرك الذي تقوم به كتلة الإعتدال الوطني بإتجاه كافة الأفرقاء يصب في خانة التمهيد لمرحلة سياسية مقبلة ويتلاقى مع جهود دولية تسعى لتسهيل وتسريع إنتخاب الرئيس ولببنة هذا الإستحقاق، على الرغم من إرتباطه بالتفاهمات الخارجية لا سيما منها الأميركية والإيرانية والفرنسية والسعودية. واعتبرت المصادر أنّ زيارة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الأخيرة إلى بيروت وما حملته من مواقف تصب في نفس الإتجاه أي السير بدينامية جديدة تواكب ما بعد إنتهاء حرب غزة وجنوب لبنان والتسويات الإقليمية التي قد تحصل، وتشير هذه المصادر إلى أن لا حراك رئاسي يتم على وقع الحرب إنما “يتم العمل على تهيئة الأرضية المناسبة بطريقة ناعمة وسلسلة للوصول إلى مرحلة ثانية تواكب المستجدات والتي يتم على أساسها بناء الموقف المناسب من الملف الرئاسي”.
وفي هذا الإطار كان واضحاً موقف الإشتراكي بعد لقاء كتلة الإعتدال بأن المطلوب الدعوة الدائمة للتشاور والتلاقي وتشريع الأبواب للتسوية في توقيت حساس ودقيق ومفصلي وفي ظل مخاطر جمة تحدق بلبنان واللبنانيين من أجل الخروج من الإستعصاء والمأزق الرئاسي.
مصادر مقربة من عين التينة أكدت لموقع “هنا لبنان” أن لا مانع من صيغة كتلة الإعتدال الوطني ومبادرتها تتلاقى مع مبادرة الرئيس نبيه بري للحوار والتشاور بين جميع مكونات الوطن، واعتبرت أنه في حال لبّت القوى السياسية دعوة بري فتسجل لهم في خانة الإيجابية فيما تبقى العبرة في الأفعال والمواقف التي ستنجم عن اللقاءات والمشاورات التي ستحصل تحت قبة البرلمان مع التأكيد على استعداد الرئيس بري لعقد جلسات مفتوحة لإنتخاب الرئيس في حال التوافق على اسم ومعايير معينة.
وفي ما يتعلق بموقف التيار الوطني الحر برئاسة النائب جبران باسيل حيال الدعوة للحوار وإمكانية تلبيتها فتشير المصادر إلى أنّ الخطوط مفتوحة بين عين التينة وميرنا الشالوحي والعلاقة غير سلبية بين الرئيس بري والنائب باسيل لكن كل ذلك مرتبط بالأفعال لا بالأقوال التي جاء بعض منها إيجابياً على لسان باسيل مؤخراً وتم تقديرها وتلقفها من قبل عين التينة لا سيما عبر قوله: “سنزيد من الإيجابية والتحرك للتوصل إلى تفاهم حول إنتخاب الرئيس وعلى إسم ومواصفات تساهم ببناء الدولة”. لكن المصادر تبدي خشيتها من مواقف باسيل رغم إشاعته للأجواء الإيجابية وتعتبر أن الإيجابية التي يتعاطى بها قد لا تؤدي إلى عقد جلسات للحوار في ظل رفض القوات والكتائب وقوى التغيير لدعوة الرئيس بري للحوار. ولفتت إلى أنّ هذه الخطوات لا تزال مجرد أفكار ولا بد من الانتظار للإطلاع على مدى جدية التيار.
لكن مواقف باسيل الأخيرة من حزب الله تشير بأنه يوزع مواقفه بحسب مصالحه ويحاول الحفاظ على المسيحيين في لبنان عبر رفضه مع عمه الرئيس ميشال عون ربط الساحات وبأن تطال الضربات الإسرائيلية المناطق المسيحية بسبب تدخل حزب الله في الحرب ومساندة غزة من جنوب لبنان.
ويبقى السؤال هل سيكتب النجاح لمبادرة الإعتدال ليتعدل معها مزاج قوى الممانعة لا سيما حزب الله وتتخلى عن فرض مرشحها رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لصالح مصلحة الوطن، أم أن الشياطين تكمن في التفاصيل والأرانب التي قد تخرج من القبعة والتي قد تتكشف خلال عملية التشاور في البرلمان وتظهر النيات المبيتة وتكون المبادرة محاولة فاشلة جديدة لسد الفراغ الحاصل رئاسياً؟