هكذا أطبقت الدورية على سارقي “كابلات الدولة”!

تكاد تكون سرقة الكابلات الكهربائية وأغطية “الريغارات” من أكثر السرقات المُربحة منذ اندلاع الأزمة الاقتصادية، ومع تزايد تلك السرقات كثّفت الأجهزة الأمنية جهودها لمراقبة العديد من المناطق التي يصول فيها السارقون ويجولون

كتبت سمر يموت لـ “هنا لبنان”:

غالباً ما تنشط السرقات في لبنان مع كلّ أزمة، فيستغلّ أفراد العصابات الظروف الاقتصادية أو الأمنية أو السياسيّة وما يترتّب عنها من فوضى أو نزوح أو هجرة، لتطيب لهم الساحات فينقضّوا على ما يحلو لهم ويطيب مما يدرّ لهم المال الوفير “حتى ولو لم يخفّ حمله”.

تكاد تكون سرقة الكابلات الكهربائية وأغطية “الريغارات” من أكثر السرقات المُربحة منذ اندلاع الأزمة الاقتصادية والتي ترافقت مع أزمة الكهرباء، إلا أن تلك العمليات، ووفق مصدر أمني، “لا يمكن أن يُنفّذها سارقٌ بمفرده بل هي تحتاج إلى مجموعة أشخاص بين مراقبٍ ومساعدٍ في التحميل، وإلى سيارةٍ تتّسع لحجم المسروقات يكون فيها السائق في جهوزية تامة تحسبّاً لأيّ طارئ”.

ومع تزايد تلك السرقات كثّفت الأجهزة الأمنية جهودها لمراقبة العديد من المناطق التي يصول فيها السارقون ويجولون، وبعد عملية رصدٍ دامت أيام، تمكنت دورية أمنيّة من القيام بعملية نوعية، أطبقت فيها على أفراد عصابة خماسية (لبناني وأربعة سوريين)، خلال محاولتهم وزن الأسلاك النحاسية داخل بؤرة في منطقة أرض جلّول.

مصيدة راصد المحلّة

وفي تفاصيل العملية أنّه عند الساعة الواحدة ليلاً تقريباً، وفي محلّة الطريق الجديدة-أرض جلول، وتحديداً أمام إحدى البؤر، أوقفت دورية تابعة لمكتب معلومات بيروت اللبناني “يوسف.خ” للاشتباه به برصد المحلّة أثناء حضور أشخاص على متن بيك أب نوع تويوتا DYNA لون فضي وجيب شيروكيه، وقد تمكّن الأشخاص الموجودون فيهما (سوريون) من الفرار تاركين الآليتين في مكانهما، وعثر داخل البيك آب على بطاقة هوية سورية وإجازة سوق عمومية سورية باسم “ياسر.ع” وبعض الأوراق الخاصة وهاتف خلوي ومبالغ مالية، وضبط في صندوق البيك أب على كمية كبيرة من الأسلاك الكهربائية النحاسيّة السميكة، وأكياس نايلون بداخلها بلاستيك مختلف الأشكال والأحجام، كما كان بداخل الجيب حقيبة جلدية بداخلها هاتف خلوي ودفتر خدمة علم سوري باسم “حمزة.ش” وبندقيتين حربيتين نوع كلاشنكوف ومماشط وقناع قماشي وقفاز وكاميرا صغيرة وبعض الأغراض الأخرى وصورة إخراج قيد سوري باسم “خالد. شيخ”.

عاد “ياسر.ع” وسلّم نفسه للقضاء، وأفاد في التحقيق معه أنّ المدعو “أبو حيدر” اتصل به وطلب منه إيصال أغراض إلى محلة حي فرحات على متن البيك أب العائد له، وهدّده بأذيّته في حال لم يستجب لطلبه. بالفعل، توجه نحو الساعة العاشرة والنصف ليلاً إلى منزل “يوسف.خ” حيث كان يتواجد “أبو حيدر” وبرفقته ثلاثة أشخاص سوريين عملوا على تحميل كمية من الأسلاك النحاسيّة كانت موضوعة تحت الدرج، في البيك أب، وتوجهوا نحو “بورة” بغية وزن الحمولة، فحضرت دورية أمنية وعمدت إلى توقيف “يوسف” بينما تمكن هو وسائر الموجودين من الفرار ليتم التحقيق معهم لاحقاً.

وأقرّ “ياسر” أنه يعمل في نكش النفايات في طرابلس ويبيعها في البقاع وينقل الخردة على البيك أب الذي يملكه، مشيراً إلى تلقيه اتصالاً من “أبو حيدر” يطلب منه نقل بضاعة من محلة شاتيلا، فتوجّه إليه والتقاه هناك وكان برفقته “يوسف” وعاملين سوريين لا يعرفهما، وعمدوا إلى تحميل أسلاك نحاسية في البيك أب ونقلها من منزل “يوسف” إلى “البورة” وأضاف أن ابن عمه “متعب.ع” يعاونه وكان برفقته موضحاً أن الأسلاك النحاسية التي نقلها مسروقة وعائدة للدولة.

أما يوسف الخطيب فاعترف أنها المرة العاشرة التي يرافق فيها “أبو حيدر” إلى “البورة” لوزن البضاعة وأن الأخير كان يحضر بضاعة متنوعة من أسلاك وحديد وبطاريات وهو كان يتقاضى بين 20 و30 دولار أميركي عن كلّ عملية.

وتعرّف “ياسر” و”يوسف” على صورة السوري “خالد.ش” على أنه نفسه “أبو حيدر”، وأكدا أنّ مواطنهما “حمزة.ش” كان داخل الشيروكي وتمكن من الفرار هو و”متعب” حين أطبقت عليهم الدورية الأمنية وأقرّ “ياسر” أنّ قريبه “متعب” أخبره بوجود نحو طن من الأسلاك النحاسية في مستودع “أبو حيدر” في مخيم برج البراجنة.

تجريم أفراد العصابة

محكمة الجنايات برئاسة القاضي سمير عقيقي أنزلت عقوبة الأشغال الشاقة ست سنوات بالمتهمين الخمسة، وخفضتها لكل من “ياسر.ع” و”يوسف.خ” إلى السنتين مع تغريم كل منهم مليون ليرة وجردت “خالد.ش” و”حمزة .ش” و”متعب.ع” من حقوقهم المدنية.

الأجهزة الأمنية بالمرصاد

وعلّق مصدر أمني لـ “هنا لبنان” على تفاقم ظاهرة سرقة الأسلاك الكهربائية، مشيراً إلى “أنها تدرّ الربح الوفير على السارقين لا سيما بعد ارتفاع سعر الصرف”، مؤكداً “أنّ هؤلاء هم عصابات منظّمة وأفرادها متواطئون مع أسواق الخردة والبؤر ويتقاسمون الأرباح معاً، وأنّ الأجهزة الأمنية ستكون لهم بالمرصاد”، داعياً “إلى الإبلاغ عن أيّ عملية مشبوهة لحماية أملاك الدولة والمواطنين”.

مواضيع مماثلة للكاتب:

أطفال لبنان يعيشون كابوس الحرب ويُرعبهم صوت “أدرعي”

سجناء لبنان ينزحون أيضاً: قلقون على حياتهم وذويهم

سجناء “رومية” يصعّدون تجاه الأوضاع اللاإنسانية