أخطر ما قاله هوكستين
عندما يقول هوكستين أنّ جبهة لبنان جزء من عملية طوفان الأقصى، فهذا يعكس معطيات لدى الدوائر الأميركية، بأنّ انطلاق طوفان الأقصى في غلاف غزة، وملاقاة الحزب لحماس بالعمليات المحدودة في لبنان، إنما كان مخططاً ومنسقاً بين الفصيلين، برعاية وتوجيه وتخطيط من طهران
كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:
ليس الأخطر ما قاله الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين في بيروت، أن الهدنة في غزة لا تعني حكماً هدنة في لبنان، وأنه لا يوجد حرب محدودة، فما عبر عنه في هذا المجال واضح جداً، من تل أبيب إلى بيروت، لكن الأخطر أنه صارح من التقاهم أنه في مهمة لوقف حرب متوقعة في لبنان، هي جزء لا يتجزأ من الحرب في غزة، لكن بانتظار أن يأتي التوقيت الإسرائيلي الملائم.
قال هوكستين أنّ حرب المساندة التي شنها حزب الله في الجنوب، صباح الثامن من أكتوبر، هي جزء لا يتجزأ من عملية طوفان الأقصى، وإسرائيل تتعامل معها على هذا الأساس، ولا تعترف بالحرب المحدودة، ولن تلاقي حزب الله إلى الاعتراف بقواعد اشتباك وضعها من خلال عمليات عسكرية محدودة، لم تلبث إسرائيل أن وسعت إطار ردودها عليها، لتصل إلى بعلبك وبيروت وساحل الشوف.
عندما يقول هوكستين أنّ جبهة لبنان جزء من عملية طوفان الأقصى، فهذا يعكس معطيات لدى الدوائر الأميركية، بأنّ انطلاق طوفان الأقصى في غلاف غزة، وملاقاة الحزب لحماس بالعمليات المحدودة في لبنان، إنما كان مخططاً ومنسقاً بين الفصيلين، برعاية وتوجيه وتخطيط من طهران، ذلك من دون الدخول في تفاصيل المدى الذي كانت تأمل حماس أن يصل إليه الحزب، والذي تبين فيما بعد أنه كان محدوداً خلافاً لوعود أعطيت للحركة.
هي إذاً بالتوصيف الإسرائيلي، الذي تؤيده الادارة الأميركية ومبعوثها الخاص، حرب واحدة، تدار من غرفة عمليات مركزية في طهران، ويجب التعامل معها على هذا الأساس سلماً أو حرباً، ولا مكان للتماهي مع قواعد اشتباك تضعها طهران، وتريد من واشنطن وتل أبيب أن تخضع لها.
دخلت الولايات المتحدة الأميركية في الساعات الأولى لطوفان الأقصى، على خط الحرب. زار الرئيس الأميركي تل أبيب، وتحركت البوارج للجم إيران، وحققت هدفها، وأرادت أميركا أن لا تتوسع الحرب خارج غزة، وهذا هو فحوى مهمة هوكستين في بيروت، التي تقوم على تفادي الحرب بين إسرائيل وحزب الله، عبر تأمين ضمانات مشتركة ومتبادلة، أساسها انسحاب حزب الله لمسافة عشرة كيلومترات شمالاً، مقابل وعد بالترسيم الناجز للخط الأزرق، كمكافأة للحزب، يمكن أن تكون غطاءً مشرفاً للانسحاب.
هذا المسعى سيبقى معلقاً على احتمالات فشل أو نجاح هدنة غزة، لكن الاختبار الحقيقي سيكون على الأرجح في حال سرت الهدنة في القطاع، إذ ستتوضح عندها النوايا الإسرائيلية تجاه الحزب، أما هوكستين فقد رمى على الطاولة في بيروت العصا والجزرة معاً، طالباً إعطاءه الأدوات اللازمة لكبح إسرائيل من الجنوح إلى شن الحرب.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | لبنان على موعد مع أشهر صعبة | ترامب اللبناني |