تحيي التفاهم… وهو رميم
تفاهم مار مخايل أصبح هيكلًا عظميًا، ومَن يقول غير ذلك يكون مكابرًا وغير مدرِكٍ لواقع الأمور. هذا التفاهم الذي مرَّ عليه ثمانية عشر عامًا، ماتَ ودُفِن ووضِع حجرٌ على قبره ولم تعد تنفع محاولات إحيائه
كتب جان الفغالي لـ”هنا لبنان”:
مَن يحيي العظام وهي رميم هو الله عزَّ وجل، لكن مَن هُم دون ذلك فإنهم لا يقوون على إحياء شيء، لا عظام ولا تفاهُم.
“تفاهم مار مخايل” أصبح هيكلًا عظميًا، ومَن يقول غير ذلك، يكون مكابرًا وغير مدرِكٍ لواقع الأمور. هذا التفاهم الذي مرَّ عليه ثمانية عشر عامًا، ماتَ ودُفِن ووضِع حجرٌ على قبره، ولم تعد تنفع محاولات إحيائه، لا زيارة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، مع النائبين علي عمار وحسن فضل الله، للعماد ميشال عون في الرابية، ولا بعض الكلام المنمَّق الذي يحاول تجبير ما انكسر.
لم يكد يجفّ حبر كلام النائب محمد رعد من الرابية، حتى عاجله رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بكلامٍ مضاد ومعاكس من خلال إطلالة تلفزيونية عبر LBCI، بدا فيها كأنّه يسير عكس السير عمّا يطرحه حزب الله ولا سيما “شعار المرحلة” أي “على طريق القدس”.
قبل باسيل، أطلّ الوزير السابق بيار رفول، اللصيق بالرئيس ميشال عون، والذي شغل “وزير دولة لشؤون رئاسة الجمهورية” لينعى تفاهم مارمخايل. فماذا يعني ذلك؟
أولًا، لو كانت هناك محاولة جدية من حزب الله لترميم العلاقة مع التيار الوطني الحر، لكانت الزيارة لرئيس التيار جبران باسيل، أو على الأقل، لكان باسيل حضر اللقاء في الرابية.
ثانيًا، لو أنّ حزب الله أراد “إحياء التفاهم”، لكان أوفد المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل، ومسؤول التنسيق والتواصل في الحزب الحاج وفيق صفا، وطالما أنّ خليل وصفا لم يكونا الموفديْن، فهذا يعني أنّ الزيارة من النواب الثلاثة لم تتعدَّ الإطار البروتوكولي.
ثالثًا، كان لافتًا أنّ أحدًا من التيار لم يحضر اللقاء مع وفدِ حزب الله، فهل هي رسالة من الرابية إلى حارة حريك؟
ثمة مَن يعتقد بأنّ حزب الله أسقطَ التفاهم عمدًا ليتحرر من التزاماته المسبقة واللاحقة تجاه التيار الوطني الحر، فالتيار “يتهم” الحزب بأنه لم يلاقِهِ في منتصف الطريق لمكافحة الفساد، ووقف إلى جانب الرئيس نبيه بري “ظالمًا كان أم مظلومًا”. والتيار يعتبر أنّ تمسك حزب الله بمرشحه، يعني أنه “فرَّط” بالغطاء الذي وفره له التيار مسيحيًا، من دون أن يقدِّم له شيئًا في المقابل.
يرد الحزب على هذا الإتهام فيشير إلى أنه لم يغدر بالتيار، مذكِّرًا بكلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن عون وفرنجية حين وصف كلًا منهما بأنْ
” هيدا عين وهيدا عين”، ولم يذكر باسيل، فأين يكون حزب الله قد غدر بالتيار؟
يسجِّل مراقبون استقامة العلاقة بين حارة حريك وبنشعي ، والتي لم تشبها شائبة، ولم يتخلَّ فيها فرنجية عن مارونيته، بعكس العلاقة بين حارة حريك وميرنا شالوحي التي قامت على المطالب و”الطلبات”، وقد أميط اللثام عن بعضها حين اندلعت الحرب الكلامية بواسطة الجيوش الإكترونية، وبرز منها أنّ الحزب “سلَّف” التيار بأكثر مما “سلَّف” التيار الحزب، ويعددون في هذا المجال عدد النواب وكيف جُيِّرت إلى بعضه الأصوات التي مكَّنتهم من الفوز.
لكل هذه الأسباب الآنفة الذِكر، لن تُحيي زيارة حزب الله للرابية، ما كان قائمًا، حتى أنّ هناك مَن يعتقد بأنّ رئيس التيار لم يعد يناسبه “التفاهم” لأنه يُضعفه مسيحيًا ومارونيًا و”غربيًا”، في وقتٍ هو بأمس الحاجة إلى ترميم وضعه المسيحي والماروني والغربي.
مواضيع مماثلة للكاتب:
هل سقطت معادلة “الشعب والجيش و… إيران”؟ | راقبوا الميدان… الحرب في بدايتها | لبنان أمام عشرة أسابيع حاسمة |