أربع سنوات على التخلف عن دفع اليوروبوندز.. والنتائج كارثية
بعد أربعة أعوام على القرار غير الحكيم، أظهرت الوقائع أنّ المصارف اللبنانية كانت على حق بدعوتها الدولة إلى تجنب التخلف عن السداد، فتلك الخطيئة المميتة كانت اعترافاً مباشراً بالإفلاس فيما كان بإمكان الدولة أن تطلب مهلاً إضافية للتفاوض مع حاملي السندات
كتبت كارول سلوم لـ”هنا لبنان”:
في السابع من آذار العام ٢٠٢٠، اتخذت حكومة الرئيس حسان دياب قرار التخلف عن دفع سندات اليوروبوندز البالغة 1,2 مليار دولار ومنذ ذلك الحين دخلت البلاد في نفق مالي واقتصادي أسود، ووصف هذا القرار في حينها بأنه من أفشل القرارات التي صدرت كما كشف النية السيئة التي تقف وراءه، والتي حاكها مستشار الرئيس دياب هنري شاوول لتنفيذ مخطط جهنمي بحق مالية الدولة والمصارف.
لم يصبّ هذا القرار في مصلحة البلاد وكان متوقعاً أن تكون له انعكاساته السلبية على جميع القطاعات وهدفه الوحيد كان تدمير القطاع المصرفي ودفع لبنان إلى الإفلاس وخسارة الثقة الدولية.
وبعد التخلف عن الدفع، واصلت حكومة الرئيس دياب استنزاف الدولة والمصرف المركزي من خلال سياسة الدعم، وكان شاوول في ذلك الوقت الرأس المدبر للقضاء على مدخرات الناس والقطاع المصرفي بدعم من الرئيس دياب، فموقعه كمستشار اقتصادي، أتاح له التلاعب وإملاء القرارات التدميرية لتصفية هذا القطاع الحيوي وشطب ودائع الناس، والأخطر من ذلك أنه أدار مخطط منح تراخيص لخمسة مصارف موزعة بين أركان السلطة وبعض الشركاء من الخارج كي تباشر بعملية الاستدانة من جديد.
كان تبرير الحكومة بعد قرارها تعليق سداد سندات الدين الدولية أنّ احتياطي العملة الصعبة في لبنان بلغ مستوى خطيراً وإنّ البلاد غير قادرة على الدفع في الظروف الحالية وأنها ستعمل على إعادة هيكلة ديونه من خلال التفاوض مع حاملي السندات.
اليوم وبعد أربعة أعوام على القرار غير الحكيم، أظهرت الوقائع أنّ المصارف اللبنانية كانت على حق بدعوتها الدولة إلى تجنب التخلف عن السداد وفق ما تفيد مصادر مصرفية لموقع “هنا لبنان”، وتشير إلى أنّ هذه الخطيئة المميتة التي اعتمدت لجهة التخلف عن الدفع كانت اعترافاً مباشراً بالإفلاس، في وقت كان بإمكان الدولة أن تطلب مهلاً إضافية للتفاوض مع حاملي السندات، إلا أنها سلكت الطريق الخاطئ، غير آبهة بالنتائج التي صدرت تباعاً من تخفيض تصنيف لبنان الائتماني إلى حالة التخلف عن الدفع دون إغفال فقدان الثقة الدولية وإظهار لبنان بلداً فاسداً وعاجزاً بامتياز فضلاً عن الفشل في شراء السندات.
وتوضح هذه المصادر لموقعنا أنّ الحكومة سدّت آذانها عن التحذيرات من كبار المحللين الاقتصاديين والماليين من خطوتها وشرّعت الباب لخطة شاوول حامل لواء إبادة أموال الناس وجعل المواجهة مفتوحة بين المصارف والمودعين، وتوضح أنّ ما من ربح تحقق جراء ما اتخذ، لا بل على العكس فقد تراكمت الخسائر. وقد كُشِفت مؤخراً معلومات عن مستشارين ومسؤولين اشتروا عقود تأمين على السندات وحققوا أرباحاً مالية، وهم أنفسهم أقنعوا دياب ومن كان معه بتعليق الدفع والمحصلة هو تراجع الاحتياطي الإلزامي.
وتقول المصادر أنّ عبارة “لم أكن أعلم” لا تنطبق على حكومة دياب لأنّ الجميع كان يدرك أنّ القرار غير المدروس سيولد تبعات، وسيأتي يوم تتراجع الحكومة الراهنة عن قرارها الذي صنعه نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي حول خطة التعافي الاقتصادي.
وفي كل الأحوال، فإنّ ترك شؤون الدولة وإدارتها لجوقة من المستشارين للتحكم في مفاصلها ووضع سياسات للتسبب بانتكاسات مالية واقتصادية للبلد كما حصل في حكومة دياب وتحديدًا في السندات الدولية هو الجهل بعينه وآن الأوان كي تعود الثقة البناءة بالبلد الذي عرف بريادة قطاعاته ولا سيما القطاع المصرفي.