لبنان ضحية صراع بين مسيّرات إسرائيل وصواريخ حماس
تتحمل السلطة اللبنانية الخاضعة لإرادة حزب السلاح الفارسي مسؤولية ما تقوم به الجماعات الإسلاموية غير المنتسبة إلى مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، والمنتشرة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان
كتب محمد سلام لـ “هنا لبنان”:
إغتالت مسيرة إسرائيلية في جنوب لبنان القيادي في حركة حماس هادي مصطفى، المكلف بتجنيد مقاتلين سلفيين من بيئات غير عربية للمشاركة في القتال ضدّ إسرائيل من جنوب لبنان.
وقال مصدر فلسطيني مطلع في منطقة صور، إنّ هادي مصطفى ورث دور خليل حامد خرازي الذي قتلته مسيرة إسرائيلية في شهر تشرين الثاني العام 2023 مع المواطنين التركيين بلال سيف الله أوزتورك ويعقوب إردال اللذين كانا قد حضرا إلى جنوب لبنان للمشاركة مع كتائب القسام الجناح العسكري لحماس في القتال ضد إسرائيل.
وأوضح المصدر أنّ التركيين اللذين قتلا مع خرازي كانا ينتميان إلى تنظيم سلفي تركي، وأنّ مهمة مصطفي الذي ورث دور خرازي في مخيم الرشيدية جنوبي صور، هو تنسيق العلاقة مع مجموعات سلفية غير عربية مستعدة لمقاتلة إسرائيل بالتعاون مع حماس، التي تنتمي إلى فكر الأخوان المسلمين.
علماً بأنّ التنسيق بين الجماعات المتحدرة من فكر الأخوان المسلمين والتنظيمات السلفية هو محاولة مستجدة، كنا قد شهدنا مقدماتها في الإشتباكات بين حركة فتح وتنظيم عصبة الأنصار السلفي ومجموعات سلفية زودتها حركة حماس بذخائر ومساعدات طبية لمواجهة حركة فتح في مخيم عين الحلوة في تموز الماضي.
وما يزيد تعقيد المشهد هو سحب خبر من التداول كان قد زعم أنّ هادي مصطفى، إضافة إلى موقعه المركزي في كتائب القسام، هو أيضاً موظف لدى وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، ما يهدّد، إذا تأكد، بوقف المساعدات الدولية لها.
وكانت 14 من أصل 25 دولة مانحة قد أوقفت مساعداتها للأونروا بعد اتّهام بعض موظفيها بالعضوية في حركة حماس والمشاركة في عملية 7 تشرين الأول، ما قلّص خدمات الوكالة في غزة ويهدد بتوقفها كلياً.
وتضمّ قائمة الدول التي علّقت تمويلها للأونروا في غزة: الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا واليابان وأستراليا وفرنسا والنمسا وسويسرا وفنلندا وكندا ورومانيا وهولندا ونيوزيلندا.
إنّ رتدادات إنتساب موظفي الأونروا إلى حماس والمشاركة في عملياتها بغزة تبقى أقلّ إحراجاً للوكالة الدولية، كون غزة هي أرض فلسطينية، ولكن إذا تأكد وجود علاقة بين موظفي الأونروا في لبنان وحركتي حماس والجهاد الإسلامي فإنّ إرتدادات ذلك ستكون قاسية سواء على اللاجئين الفلسطينيين أو على الدولة اللبنانية التي لا تعترف بحماس والجهاد الإسلامي وأيّ من التنظيمات الإسلامية، وبالتالي يعتبر وجود هذه التنظيمات في لبنان غير قانوني.
لبنان، رسمياً، لا يعترف إلا بقرار القمة العربية المنعقدة في الجزائر في في 27 تشرين الثاني العام 1973 والذي يعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية “ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني..” وتتمثل منظمة التحرير الفلسطينية في الأمم المتحدة التي تضم 193 دولة بصفة مراقب منذ العام 1974 وتسعى للحصول على العضوية الكاملة بناء على قبولها بحلّ الدولتين.
وتتحمل السلطة اللبنانية الخاضعة لإرادة حزب السلاح الفارسي مسؤولية ما تقوم به الجماعات الإسلاموية غير المنتسبة إلى مظلة منظمة التحرير الفلسطينية والمنتشرة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وهو ما كشف مخالفة لبنان للقرارات العربية والدولية بهذا الشأن.
وإذا تأكدت علاقة مصطفى الوظيفية بالأونروا، فإنها لن تعري فقط مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وتضعها تحت رحمة الغارات الإسرائيلية بل ستكشف عورة السلطة اللبنانية التي لم تحاول أن تمنع الفصائل غير المعترف بها عربيا ودولياً من العمل على أراضيها وتهديد سلمها الأهلي وتعريضها لضربات محتملة من قبل الدولة العبرية ما سيفاقم مآسي لبنان الذي يحاضر في عفة لا يمارسها.
فمن يلام على ما لا نحسد عليه، أعداؤنا أم نحن؟
مراجعة سريعة لمواقفنا من بعض مآسينا خلال قرابة 50 سنة تقدم صورة واضحة عن تراخينا في حقوقنا حينها، ما أوصلنا إلى الإنهيار الآن.
في شهر آذار قبل قرابة نصف قرن وتحديداً سنة 1977 كان الحدث هو اغتيال المعلم كمال جنبلاط بأمر من حافظ الأسد وتنفيذ جنود النقيب حينها في المخابرات السورية إبراهيم حويجة، الذي كافأه حافظ الأسد لاحقاً فرقاه وجعله رئيساً لمخابرات الطيران التابعة للقصر الجمهوري.
*- في شهر آذار الحالي صار الحدث هزيلاً فاسداً: أوقفت دورية من مديرية المخابرات في بلدة عيتا الشعب – بنت جبيل، اللبناني (ح. ز.) لقيامه بأعمال السرقة. وبالتحقيق معه اعترف أنه بتواريخ مختلفة وبعد نزوح أهالي البلدة أقدم على الدخول إلى عدد من المنازل غير المأهولة منذ بداية الحرب وسرقة محتوياتها وإضرام النيران فيها. وقد ضبطت بحوزته كمية من المسروقات بالإضافة إلى دراجتَين ناريتَين.
*- وفي آذار الحالي أيضاً صار الحدث ما ذكره موقع جنوبية عن تورط عميد، يقال أنه متقاعد من إحدى الإدارات الأمنية، في تخبئة تهريبات مخدرات في منزله بمنطقة البقاع لعدد كبير من المهربين، لقاء بدل أتعاب. وقد وجّه مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي، إلى المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان كتاباً طلب بموجبه الإذن بملاحقة العميد، وفق جنوبية.
*- وفي آذار الحالي، أيضاً وأيضاً، صار الخبر تعرض النائب ونقيب المحامين السابق ملحم خلف للضرب بهراوة من قبل عنصر أمني لإنضمامه إلى وقفة تضامنية أمام قصر عدل بيروت، لمساندة المحامين واصف الحركة، علي عباس، بيار الجميل الملاحقين قضائياً بتهمة “تحقير القضاء”.
وفجأة بدأ عراك لم تحدد أسبابه تضمن قيام عناصر أمنية بضرب المحتجين ودفعهم بعيداً عن المدخل الرئيسي لقصر العدل في ما يبدو أنه محاولة وقائية لمنعهم من إحتمال إقتحام قصر عدل بيروت.
يذكر أنّ الجمعية العمومية للأمم المتحدة كانت قد انتخبت في العام 2015 ملحم خلف عضوًا في اللجنة الدولية للقضاء على التمييز العنصري في جنيف، وسنة 2017، انتخب نائباً لرئيس هذه اللجنة، وفي 2024 ضرب بهراوة أمنية قرب مدخل قصر العدل في بيروت “أم الشرائع”…
فهل ستعود بيروت أمّاً للشرائع أم ستبقى ساحة لتحالف الأضداد ضدّ كل الشرائع؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
لا يطلب وقف النار إلا الخاسر | هديتان من سوريا في نفس اليوم | فوز ترامب أسقط مهمة هوكشتاين في لبنان |