تسابق بين الرئاسة والحرب.. ودعوات قطرية للقوى السياسية لزيارة الدوحة
يبدو أنّ التسويات لا تزال معقدة مع عدم توفر الحلول لوقف إطلاق النار في غزة ومسألة الرهائن والمساعدات الإنسانية والتي ستنسحب على الجبهة اللبنانية جنوباً وعلى خط الرئاسة في آن معاً
كتبت شهير إدريس لـ”هنا لبنان”:
لم تنجح حتى الساعة أيٌّ من المحاولات والمبادرات الداخلية والخارجية المتعلقة بالملف الرئاسي، وكلما خطا هذا الملف خطوة باتّجاه الحل تظهر أمامه العثرات واحدة تلو الأخرى، من التعنت الداخلي عبر تمسك الممانعة بمرشحها رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورفض المعارضة لهذا الخيار، وخارجياً عبر إرتباط التهدئة في لبنان بملف وقف النار في غزة والذي يؤخر أيّ تسوية لحلٍّ شامل قد ينعكس بشكل إيجابي على الإنفراج في الإستحقاق الرئاسي.
وفيما لم يرشح أيّ تقدم على خط مسعى الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين، لم يرشح أي شيء عن تحرك اللجنة الخماسية عبر سفرائها في لبنان، ولا عن مبادرة كتلة الإعتدال الوطني والتي ضربت من أول من تبناها رئيس مجلس النواب نبيه بري داعياً إلى ترؤسه الحوار في حال تمّ الإتفاق عليه، الأمر الذي انعكس على رأي المعارضة التي لا ترفض التشاور والنقاش فيما ترفض ترؤس بري لهذا الحوار.. وبحسب مصادر المعارضة لموقع “هنا لبنان” فإن أسئلة وجّهتها حول شكل التشاور ومضمونه ولم تسمع أيّ جواب لها حتى الساعة، فيما شكلت مسألة الجلسات المتتالية وإمكانية التشريع تخوّفاً لديها واعتبرتها بمثابة “فخ”، أما النقطة الثانية فتتعلق بعدم الإتفاق على لائحة الأسماء للتصويت عليها في جلسات الإنتخاب. في الوقت الذي تؤكد فيه “كتلة الإعتدال” عدم فشل مبادرتها وأنها لا تزال تبحث عن الحلول عبر تدوير الزوايا لتبني على الشيء مقتضاه.
ووفق معلومات مؤكدة لـ “هنا لبنان” فإنّ السباق لانتخاب رئيس للجمهورية قبل تعرض لبنان لأيّ حرب أو حصول تسوية ما، بدأ يخطو خطواته عبر عودة التداول باسم السفير السابق جورج خوري كمرشح رئاسي وفق الخيار الثالث بمباركة الرئيس بري الذي يسعى إلى إيجاد حل وسطي وبقبول من النائب جبران باسيل فيما حزب الله لا يزال متردداً حيال هذا الطرح ومتمسكاً بمرشحه سليمان فرنجية.
وقد يكون لجملة التطورات هذه دفع لعودة الدور القطري ليظهر مجدداً في ظل إنسداد الأفق وبعد توقف وصول الموفدين القطريين علناً وسراً إلى لبنان لمتابعة ملف الرئاسة. ومن أولى المؤشرات إجتماع سفراء اللجنة الخماسية في السفارة القطرية وزيارة النائب علي حسن خليل إلى قطر موفداً من الرئيس نبيه بري لإستطلاع الأجواء القطرية بعد توسع الضربات الإسرائيلية على لبنان لا سيما أنّ قطر لم تتوقف يوماً عن مساعدة لبنان سياسياً وديبلوماسياً وأمنياً خصوصاً دعم الجيش اللبناني بشكل دوري، مما يشير إلى الدور المحوري الذي تلعبه قطر حالياً عبر المفاوضات بشأن الحرب في غزة والذي قد تلعبه في المرحلة المقبلة في لبنان على غرار دورها بعد حرب تموز 2006 وفي مؤتمر الدوحة الذي أنتج رئيساً للبنان عبر جمع كافة مكوناته وقواه السياسية الداخلية.
وتؤكد مصادر مطلعة على الدور القطري لموقع “هنا لبنان” أنّ المرحلة المقبلة ستشهد زيارات متعددة لعدد من القوى السياسية اللبنانية إلى الدوحة بدعوة قطرية لإستمزاج الآراء في ما يتعلق بالوضع في لبنان رئاسياً وأمنياً.
وفي نفس السياق تأتي محاولات اللجنة الخماسية لرأب الصدع اللبناني وما الإتصال الأخير للموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان برئيس مجلس النواب نبيه بري سوى مؤشر على تحريك الملف الرئاسي مجدداً في ظل التطورات الراهنة.
وبحسب مصادر دبلوماسية لموقع “هنا لبنان” فإنّ لودريان أبلغ الرئيس بري بعدم جدوى استمرار عمل اللجنة الخماسية في حال بقيت الأمور على حالها والأفق الرئاسي مسدود داخلياً، وأنّ زيارته مؤجلة في الوقت الراهن. وأشارت المصادر إلى أنّ الإتصال جاء في محاولة مستجدة لتثبيت الدور الفرنسي بعد اتساع رقعة الدور القطري وتراجع الدور السعودي في الملف الرئاسي.
وهذا ما يفسر وجود بعض الإختلاف في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة الخماسية التي لا تزال تعمل عبر سفرائها في لبنان، وقد تبدى ذلك مع رفض السفير السعودي وليد البخاري لزيارة فرنجية في منزله ورفض السفيرة الأميركية ليزا جونسون لزيارة باسيل على خلفية العقوبات الأميركية، فيما كل دولة تحاول تثبيت دورها والتزامها في ملف الرئاسة تزامناً مع التسويات في المنطقة.
وتشير مصادر ديبلوماسية عربية لموقع “هنا لبنان” إلى أنّ وجود وتحرك اللجنة الخماسية لا يزال مهماً وما يحكى عن الخلافات فيما بين أعضائها إنما يندرج في أنّ كل دولة لديها مبادرة أو تسوية للحل وفق نظرتها للأمور والتي تصطدم مع الآراء المختلفة داخلياً في لبنان، وترى المصادر أنّ زيارات الموفدين كلودريان أو الموفد القطري لن تؤتيَ ثمارها طالما أنّ اللبنانيين منقسمون أيضاً حول إسم الرئيس العتيد ورئاسة الحكومة والرؤية والبرامج التي ستتبعها وكيفية تعامل رئيس الجمهورية مع التسويات الإقليمية التي يتم التفاوض عليها.
ويبدو أنّ هذه التسويات لا تزال معقدة مع عدم توفر الحلول لوقف إطلاق النار في غزة ومسألة الرهائن والمساعدات الإنسانية والتي ستنسحب على الجبهة اللبنانية جنوباً وعلى خط الرئاسة في آن معاً.