أسوأ الطروحات
في بناء الأوطان لا خيارات رمادية لأنها تؤذي الوطن وشعبه فإما أسود وإما أبيض، وإما دولة وإما لا دولة
كتب بسام أبو زيد لـ “هنا لبنان”:
كلّ الطّروحات التي تتحدّث في لبنان عن دولةٍ منقوصة السيادة والقرار، هي أسوأ من الذين يرفضون بالمطلق وجود الدولة وجيشها وقرارها وسيادتها، لأنّ تلك الطروحات عن دولة منقوصة تحاول غشّ الرأي العام وإيهامه أنّها لا تفرط بسيادة وقوة لبنان وتحافظ على السلم الأهلي فيه.
بعض هؤلاء وفي عملية مواربة على الحقيقة يقول بأنّ لبنان يجب أن يحتفظ بأوراق القوة لديه وبمقاومته أي أنّه يقول بصريح العبارة أن يحتفظ حزب الله بسلاحه وكلّ القوى العسكرية المسلحة التي تدور في فلكه أو تتعاون معه. والسؤال لهؤلاء هل هذا السلاح الذي تطالبون ببقائه يتحرك من خلال مصلحة لبنانية وقرار لبناني؟
ليس الردّ منتظراً من حزب الله بل إنّ الرد يأتي من خلال أفعال وأقوال هؤلاء المواربين إذ كيف يمكن لهم أن ينادوا بأن يحتفظ لبنان بأوراق القوة ويعارضون في الوقت ذاته زجّ هذه الأوراق في حرب المنطقة فهل يريدون لهذا السلاح أن يكون فقط موجوداً من دون أن يستخدم؟وإن لم يستخدم فما هي الحاجة لوجوده؟
إنّ أكثر القوى المتورطة في حالة الحيرة هذه هي التيار الوطني الحر الذي ينادي بالإبقاء على السلاح من جهة ورفض الحرب ورفض وحدة الساحات في محور الممانعة من جهة ثانية، وهي الوحدة التي جسدها حزب الله عندما أشعل جبهة الجنوب اللبناني مساندة لغزة، وقد تكون حيرة التيار هذه نابعة من مخاوف متعددة وفي مقدمها أن يخسر حليفاً يحتاجه في مواقع وقضايا عدة رغم أنّ تجربة السنوات الماضية في هذا الحلف وكتب تفاهم ٦ شباط ٢٠٠٦ ليست مشجعة على الإطلاق، علماً أنّ بعض من في التيار يحاول تجميلها والقول بأنّ الحزب فتح إدارات الدولة للتيار وأتاح له إيصال رئيس للجمهورية ووافق معه على قانون إنتخابي يؤدي إلى تمثيل مسيحي صحيح، ولكن السؤال ما نفع كل ذلك في السياسة؟
لم يؤدِّ التمثيل المسيحي الصحيح في البرلمان إلى شلّ قدرة حزب الله وحلفائه على التعطيل، فهو في مقابل عدم قدرته على إيصال الرئيس الذي يريده يعمد إلى إقفال البرلمان وإطالة أمد الشغور بانتظار أن تستجيب القوى الأخرى لمطالبه وهذا ما حصل في انتخابات العماد ميشال عون وما يسعى لحصوله في قضية ترشيح النائب والوزير السابق سليمان فرنجية، وإذا كان هناك في التيار أو في غيره من يعتقد أن الحزب قد يعيد النظر في سياساته بناء على موقف ملتبس فهو بالتأكيد يقع في خطأ كبير.
إنّ وضوح المواقف وتنزيهها عن أيّ التباس هو الذي يؤشر على مدى مصداقيتها ومصداقية العناوين التي تطلق في إطارها، وفي بناء الأوطان لا خيارات رمادية لأنها تؤذي الوطن وشعبه فإما أسود وإما أبيض، وإما دولة وإما لا دولة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تنفيذ ١٧٠١ محكوم بقرار “الحزب” | يحقّ لنا أن نسأل | رابطة الدم في الجيش أقوى من كل الروابط |