“لقاء” نصرالله – قاآني.. الفرع يطمئن الأصل
أرادت إيران أن توصِل رسالة إلى الولايات المتحدة الأميركية أنها تعمل على تهدئة الوضع وليس على التصعيد. السؤال هنا: كيف ستتلقَّف واشنطن الرسالة؟ هل ستردّ عليها؟ أم أنّ الأمر “متروك للميدان”؟
كتب جان الفغالي لـ”هنا لبنان”:
من خارج أي سياق، تورد وكالة الأخبار العالمية، “رويترز”، أنّ قائد الحرس الثوري الإيراني اسماعيل قاآني زار بيروت في شباط الفائت لبحث المخاطر التي قد تنشأ إذا استهدفت إسرائيل حزب الله.
“الحبكة” في الخبر الذي أوردته “رويترز” أنّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله “طمأن” قاآني إلى أنّه لا يريد أن تنجرّ إيران إلى حربٍ مع إسرائيل أو الولايات المتحدة وأنّ حزب الله سيقاتل وحده. وقال نصر الله لقاآني: “هذه هي معركتنا”.
إلى هذا الحدّ، يحتاج الخبر الذي أوردته “رويترز” إلى شيءٍ من التشريح الإعلامي والسياسي، في محاولةٍ لفهم خلفياته وأبعاده وأهدافه:
الخبر يكشف عن زيارة قائد الحرس الثوري الإيراني لبيروت في شباط الفائت، لكن لم يحدّد أيّ يومٍ في شباط، هل هو في مطلع الشهر؟ أم في منتصفه؟ أم في آخره؟
“الحبكة” الثانية في الخبر أنّ السيد نصرالله “طمأن” قاآني إلى أنّ حزب الله سيقاتل وحده “هذه هي معركتنا”!
يحتاج أيّ مراقب أو متابع أو محلّل إلى الإستعانة بالمنطق، وإلى قَدْرٍ كبيرٍ من التبصّر، ليفهم المغزى من هذه “الحبكة” مَن الذي يجب أن يطمئن الآخر؟ نصرالله يطمئن قاآني؟ أم قاآني يجب أن يطمئن نصرالله؟ ما هو المغزى من قلبِ الأدوار؟ أين هو مقرّ “الولي الفقيه” الذي يتبع له حزب الله؟ في حارة حريك أو في طهران؟ ثمّ لم يجفّ حبر كلام علي رضا زاكاني، رئيس مركز الأبحاث في البرلمان الإيراني، أنّ إيران تسيطر على أربع عواصم عربية. وهذا الكلام عاد وكرّره حيدر مصلحي، وزير الاستخبارات الإيراني السابق في حكومة محمود أحمدي نجاد، إنّ “إيران تسيطر فعلاً على أربع عواصم عربية، (ومن بينها بيروت طبعًا)، فأين يكون القرار في هذه الحال؟ عند المسيطَر عليه؟ أم عند المسيطِر؟
واقعةٌ ثانية، مَن ينسى ما قاله المتحدث باسم “الحرس الثوري” رمضان شريف إنّ عملية “طوفان الأقصى كانت إحدى العمليات الانتقامية التي اتّخذها محور المقاومة” من إسرائيل لمقتل قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس.
واقعةٌ ثالثة، تنقل وكالة “رويترز” عن مسؤول إيراني أنّه قبل اللقاء مع نصر الله في بيروت، ترأّس قاآني اجتماعاً لمدة يومين في إيران في مطلع شباط مع قادة العمليات في فصائل باليمن والعراق وسوريا وثلاثة ممثّلين عن حزب الله ووفد من الحوثيين. وأضاف المسؤول أنّ القائد العام لـ “الحرس الثوري الإيراني” اللواء حسين سلامي كان حاضراً أيضاً، اتّفق كلّ المشاركين في النهاية على أنّ إسرائيل تريد توسيع دائرة الحرب، وأنّه يجب تجنب الوقوع في هذا الفخ؛ لأنّه سيبرّر وجود قوات أميركية إضافية في المنطقة.
يعني هذا الكلام أنّ إيران هي التي تقرّر “تحاشي” دخول الحرب “لئلا تقع في الفخ”، أمّا إذا دخل حزب الله الحرب (وإيران هي التي تقرّر ذلك) فهذا يعني أنّ إيران تقرّر ضمنًا وتنفض يديها علنًا.
في المحصِّلة، أرادت إيران أن توصِل رسالةً إلى الولايات المتحدة الأميركية، عبر “رويترز”، أنّها منذ شباط الفائت تعمل على تهدئة الوضع وليس على التصعيد.
السؤال هنا: كيف ستتلقَّف واشنطن الرسالة؟ هل ستردّ عليها؟ أم أنّ الأمر “متروك للميدان” كما يردّد دائمًا السيد نصرالله؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
راقبوا الميدان… الحرب في بدايتها | لبنان أمام عشرة أسابيع حاسمة | تدمير تحت الأرض.. دمارٌ فوق الأرض |