بأغلبية ساحقة تتجاوز الـ 70 بالمئة: لبنان لا يريد الحرب
في الشارع في المقهى في المستشفى في الأماكن العامة لا يمكن إخفاء صوت اللبنانيين الرافض للحرب، والمطالب بتحييد لبنان عن نتائجها الكارثية، والمطالب أيضاً بتطبيق القرارات الدولية وأهمها القرار 1701 الذي أوقف حرب 2006 وحمى لبنان
كتب جوني فتوحي لـ”هنا لبنان”:
بالمختصر المفيد، لبنان لا يريد الحرب، أو بالتحديد الأغلبية الوازنة والكبيرة من اللبنانيين لا تريد الحرب. الأسباب كثيرة وجوهرية، فلبنان الذي عانى من الصراع العربي الإسرائيلي، ودفع الأثمان الباهظة، لا يزال يستعمل كساحة لتبادل الرسائل، فيما يتم استثمار هذا التبادل لمصلحة الدولة الإقليمية المهيمنة إيران التي تستعمل أذرعها في لبنان والعراق واليمن وغزة، للجلوس على طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة الأميركية، وتحقيق أكبر نسبة من المكاسب، لجهة الاعتراف بها كدولة إقليمية مؤثرة.
في الشارع في المقهى في المستشفى في الأماكن العامة لا يمكن إخفاء صوت اللبنانيين الرافض للحرب، والمطالب بتحييد لبنان عن نتائجها الكارثية، والمطالب أيضاً بتطبيق القرارات الدولية وأهمها القرار 1701 الذي أوقف حرب 2006 وحمى لبنان.
في الغرف المغلقة كما في العلن يجهر اللبنانيون برفض الحرب، وهذا الرفض يشمل كل البيئات والمكونات بلا استثناء، وهو مرشح للارتفاع والوضوح، تبعاً لخطورة ما تنبئ به التطورات القادمة.
ماذا تقول مراكز الدراسات والإحصاء، وكيف تقيم مزاج الرأي العام اللبناني، وما هي النسب الرافضة للحرب؟
يجمع أهل الاختصاص على أنّ النسبة الرافضة للحرب تزيد عن 70 بالمئة، وهذا رقم معبر بدقة عن رغبة اللبنانيين في العيش بسلام، وعن رفضهم أن يكونوا وقوداً لحرب الآخرين رغماً عنهم.
الهبر: نسبة الرافضين للحرب الى ازدياد
وقال ربيع الهبر، رئيس مركز ” Statistics Lebanon” للإحصاء: أجرينا استطلاعاً ولقد نشر وتبين أنّ 73% من اللبنانيين لا يريدون الحرب، والأسباب عديدة ولكن الأساسي منها أنّ هذه الحرب يعتبرها اللبنانييون حرب الآخرين في لبنان وليس حرب الدفاع عن لبنان.
وأضاف الهبر لـ “هنا لبنان”: أما بالنسبة للوضع الإقتصادي، فهو سبب أساسي لرفض غالبية اللبنانيين للحرب، وقد كان تصريح أحد الدبلوماسيين الفرنسيين دقيقاً حين قال أنّ لبنان إذا تعرض للحرب فسيدفع ثمناً باهظاً وستكون الخسائر جسيمة.
وقال: نحن الآن بصدد إجراء استطلاع جديد وأتوقع أن ترتفع نسبة المعارضين للحرب إلى مستوياتٍ أعلى من 73%، وهذا الرفض يشمل كل البيئات والمكونات وإن بنسبٍ متفاوتة، فالرفض الشيعي للحرب يقارب الـ 50% أما في البيئات الدرزية والسنية والمسيحية فهو يحلق بنسبٍ مرتفعة جداً.
وأضاف: إنّ المواطن الجنوبي الذي يتعرض لهذا الاستنزاف في أمنه وممتلكاته يتحمل العبء الأكبر، ولكن في المقابل يتعرض إقتصاد لبنان لاستنزاف ممنهج فلقد خسرنا مليار و200 مليون دولار جراء ضياع موسم السياحة الشتوية بما فيها أعياد رأس السنة وقدوم اللبنانيين لتمضية فترة الأعياد مع أهاليهم. كما أنّ الدورة الإقتصادية أصيبت بضربةٍ على الرأس بسبب تعثر فتح الأسواق والمولات ومنها على سبيل المثال لا الحصر مركز حبتور والأسواق التجارية في بيروت وهذه خسارةٌ فادحة، نأمل أن يتم تعويضها بعد الحرب.
ضاهر: لا إستطلاعات جدية
في سياق آخر، قال مدير مركز الإستشراف الإقليمي للمعلومات عباس ضاهر في حديث لـ “هنا لبنان”: لم تجرَ إستطلاعات رسمية ولم يعلن عن إستطلاعات رأي جدية حول موضوع الحرب لاعتباراتٍ عدة، فالبيئة التي يجب أن تستهدف علمياً في أطر البحث عن الرأي هي بيئة الجنوب وبالتالي وفي ظل هذا النزوح وفي ظل الضبابية الحاصلة لا يمكن القول أنّ هناك أرقاماً صحيحة وعلمية وبالتالي فإنّ كل ما يحكى هو مجرد استنتاج وقائم على معطيات مجتزأة. في المقابل، نؤكد أن لا أحد في لبنان يرغب بالحرب إذاً هناك مفهومان: الأول يقول بأنّ الحرب فرضت نتيجة ما حصل في غزة والترابط الحاصل مع جنوب لبنان والثاني يقول بأنّ اللبنانيين يجب أن يكونوا جزءاً من هذه الحرب. المفهوم الأول يعتبر أنّ هناك رسماً لموازين القوى في الإقليم ولا بدّ أن يكون لبنان جزءاً منها نتيجة العدوانية الإسرائيلية والمخططات تجاه لبنان، أما الثاني فيقول بأننا لا نريد الحرب وأنّ هناك قررات دولية تحمي لبنان.
وأضاف: يفترض بنا أن نقارب هذه القضية بالخلفيات السياسية، فلبنان لا يمكن أن يقوم وفق معادلة النسب التي تقبل أو ترفض فهو خاضع لتوازنات من نوع آخر أساسها نظامه الطائفي القائم أيضاً على التوافق بين مكوناته السياسية بغض النظر عن وجود أكثرية وأقلية فلا الأكثريات كانت تحكم ولا الأقليات خضعت لهامش الحياة السياسية. أما في مقاربة الملف المتعلق في الجنوب فالسبب يعود إلى وجود العامل الإسرائيلي حيث تستمر إسرائيل باحتلال الأراضي اللبنانية في وقتٍ ترفض تطبيق القرارات الدولية وتستمر بانتهاك السياسة اللبنانية وبالتالي يفترض أن يمرّ الحل عبر تطبيق القرار 1701 وأن تلتزم إسرائيل به.
وقال: بالنسبة لرأي اللبنانيين، فالموضوع الإحصائي لا تدعمه مؤشرات علمية يبنى عليها لحسم اتجاهات الرأي العام وفي المحصلة لا يوجد أي طرف في لبنان له مصلحة بالحرب، حتى الطرف الذي يقاوم، ولو كانت له تلك المصلحة لقام بتوسيع إطار الحرب.
إنّ مصلحة لبنان تكمن بحل النزاعات بالتسويات الكبيرة وما يحصل بين إيران ودول الخليج العربي من تفاهمات هام جداً فهذه العواصم العربية تقدمت إلى صناعة التسويات وحل النزاعات خارج مفهوم التحالفات التقليدية.
نحاس: اللبنانيين قرفوا الحرب والسلاح غير الشرعي
أما رئيس مركز الرأي اللبناني والخبير الإحصائي جوني نحاس فقال لـ”هنا لبنان”: معظم اللبنانيين لا يريدون الحرب ويرفضونها وهذا أمرٌ واضح فهم يريدون العيش بسلام واستقرار ولم يعودوا قادرين على تحمل الأعباء الإقتصادية والإنسانية الناتجة عن أي عملٍ عسكري.
وأضاف: حتى قادة الممانعة يتكلمون عن أنّ المواجهة في الجنوب الهدف منها إلهاء إسرائيل عن غزة وليس الذهاب إلى حربٍ كبرى.
وعن وجود إحصاءات تستمزج الرأي العام اللبناني حول هذه القضية قال نحاس: الأمر جليٌ وواضح ونحن كمركز إحصاءات بالتعاون مع النائب إيهاب مطر بدأنا بإجراء إستطلاع رأي حول رأي اللبنانيين بالسلاح المتفلت وغير الشرعي. وسيشمل هذا الإستطلاع كل المناطق والبيئات اللبنانية ومؤشراته الأولى تفيد بأنّ الناس قرفوا الحرب والسلاح غير الشرعي.
وعما إذا كان هذا الاستطلاع سيشمل الطائفة الشيعية، قال نحاس: بالطبع، لكن هناك صعوبة لوجستية بالنزول إلى الأرض كما أنّ هناك صعوبة أخرى تتمثل في عدم إمكانية الاستطلاع عبر الهاتف وختم قائلاً أجزم أن 70% من اللبنانيين بالحد الأدنى لا يريدون الحرب.
مواضيع مماثلة للكاتب:
الجيش يضبط المطار: نموذج سيعمم على كل لبنان | إرث لبنان المهدد بين نيران الصراع وصمت العالم | سياحة على وقع الحرب ضربات متتالية على الرأس |