رحيل فؤاد السعد أبرز صناع “مصالحة الجبل” وهيكلة الإدارة اللبنانية
لمع الراحل فؤاد سعد في حقل المحاماة والقانون وكان مرجعاً ومقرباً من بكركي ونظيف الكف واتسمت مواقفه بالعصامية. نال احترام ومحبة الجميع لوقوفه إلى جانب الحقوق والسيادة والاستقلال. وكان من أوائل الذين دعوا فريق الممانعة إلى العودة لرحاب الوطن
كتبت كارول سلوم لـ”هنا لبنان”:
في زمن الآلام السابق لقيامة السيد المسيح، غيب الموت النائب والوزير السابق فؤاد السعد عن عمر يناهز الـ ٨٣ عاماً، فكان موعد انتقاله إلى الأخدار السماوية إشارة إلى عمق إيمان السعد، الذي شكل الركيزة الأساسية في مصالحة الجبل برعاية البطريرك الماروني الراحل مار نصرالله بطرس صفير.
عُرف نائب كتلة اللقاء الديمقراطي بدماثة أخلاقه طيلة فترة عمله السياسي، وكان وزيراً نشيطاً في إعادة هيكلة الإدارة اللبنانية، ونائباً متفوقاً في تفعيل عمل اللجان التي ترأسها. ومنذ دخوله الندوة البرلمانية في العام ١٩٩١، تميز بمتابعة ملفات عديدة في الإدارة والعدل والمال والتربية والخارجية والأشغال العامة والمهجرين. وكان خطه سيادياً بامتياز، ربطته علاقة وطيدة مع النائب السابق وليد جنبلاط، فرشح على لائحته الانتخابية لدورات متتالية. وعكست مواقفه صلابة في الرأي ونضالاً من أجل لبنان الموحد والعيش المشترك. وهذا ما برز في مذكرات البطريرك صفير.
كان الراحل فؤاد بك مقصداً لأهالي بلدته عين تراز والمناطق المجاورة وأبرز العاملين على خط ملف المهجرين، وأهلاً للثقة وكاتماً لأسرار اجتماعات حكومة الرئيس الشهيد رفيق الحريري في العام ٢٠٠٠ التي عين فيها وزيراً لشؤون التنمية الإدارية، حيث التزم مبدأ عدم تسريب المحاضر.
عمل على إنشاء معهد الإدارة ووسيط الجمهورية وتطوير الإدارات وتحديثها وتقليص ملاكاتها وتحسين أداء الإدارة. لمع في حقل المحاماة والقانون وكان مرجعاً ومقرباً من بكركي ونظيف الكف، واتسمت مواقفه بالعصامية. نال احترام ومحبة الجميع لوقوفه إلى جانب الحقوق والسيادة والاستقلال.
كان الراحل من أوائل الذين دعوا فريق الممانعة إلى العودة لرحاب الوطن، ولم يسجل حدث أو تطور إلا وكان حاضراً في تبيان الموقف وقراءة الأبعاد.
ويقول النائب راجي السعد لموقع “هنا لبنان” أنّ لعمه الراحل محطات وطنية وسياسية بارزة ولعل أبرزها بروز اسمه على “لائحة الشرف” بعدما عارض التمديد لرئيس الجمهورية السابق إميل لحود في العام ٢٠٠٤، ويتوقف عند دوره الكبير في مصالحة الجبل وهذا ما ذكره البطريرك الراحل صفير، كما قاد معركة الملف المالي حيث كان من بين النواب الذين طعنوا بسلسلة الرتب والرواتب.
ويشير النائب السعد إلى أنّ الراحل كان أول من عارض المقاطعة المسيحية وتبين لاحقاً أنّ من اتخذ قرار المقاطعة للانتخابات النيابية ندم، وقد أكد المقاطعون صوابية موقف السعد.
يستذكر ابن شقيقه المواقف السياسية التي طبعت مسيرته الحافلة بالحكمة والاتزان، وكيف تمت محاربة عمه في ملف المعتقلين في السجون السورية بعدما أوكل بالملف وعمل عليه، لكن للأسف أقفل وكان المحاربون له كثر.
يخسر لبنان برحيل السعد سياسياً من الطراز الأول، ونائباً مقداماً بالوطنية وبالوقوف إلى جانب مواطنيه، وإذا كان لبعض أراضي الجبل فم لتحدثت عن معركته لإبقاء الشباب في أرضهم، وسعيه لترميم النفوس والحجر جراء الحرب المريرة.