“كبروا عقلكن” … لا اتفاق مع صندوق النقد الدولي لا من قريب ولا من بعيد
بدأ الإتفاق بين لبنان وصندوق النقد الدولي عام 2022، ولكن مرّ عامان ومازالت المفاوضات عند المربع الأول، والصندوق ينتظر من السلطات اللبنانية تنفيذ الإصلاحات التشريعية بعيداً عن الوعود الشفهية، قبل الحصول على أي مساعدة نقدية، لكن لا مجيب
كتب أنطوان سعادة لـ”هنا لبنان”:
من المقرر أن يزور وفد لبناني مركز صندوق النقد الدولي في واشنطن، أوائل الأسبوع المقبل الواقع في 15 نيسان، للمشاركة في اجتماعات الربيع المشتركة ما بين صندوق النقد والبنك الدولي، من دون أن يستكمل فرضه المطلوب منه ليصل إلى اتفاق نهائي وجدي مع الصندوق. ومن البديهي أنّ اجتماعات الربيع تمثّل مناسبة لعقد اللقاءات الجانبية التي تهمّ الدول المعنية في طرح قضاياها ومشاكلها أمام صنّاع القرار في العالم. ولكن، ما نفع هذه الزيارة والسلطات اللبنانية لم تنجز أيّ تقدم نحو الإصلاحات التي طلبها الصندوق؟ فما الذي تحمله من إنجازات؟
رداً على هذه الأسئلة، أكد المستشار الاقتصادي لرئيس حكومة تصريف الأعمال نقولا نحاس لـ”هنا لبنان”، أنّ الوفد يذهب إلى واشنطن حاملاً الإيجابيات، التي تمكنت الحكومة من إنجازها ضمن صلاحياتها (كتحضير قانون الكابيتال كونترول، والانتظام المالي، وإعادة هيكلة المصارف)، وأضاف نحاس أنّ العقبة الأساسية ليست بالحكومة لا بل في مجلس النواب الذي يعتبر حالياً هيئة ناخبة ولا يشرع في ظل الشغور الرئاسي. علماً أنّ المؤسسات اللبنانية أقرت في الفترة الأخيرة مشاريع وقوانين عدة وموازنة ضرائبية كارثية، ولم يقف الشغور الدستوري والتوتر العسكري في الجنوب عائقاً أمام ذلك.
هذا وتجدر الإشارة إلى أنّ الإتفاق بين لبنان وصندوق النقد الدولي قد بدأ عام 2022، ولكن مرّ عامان وما زالت المفاوضات عند المربع الأول، والصندوق ينتظر من السلطات اللبنانية تنفيذ الإصلاحات التشريعية بعيداً عن الوعود الشفهية، قبل الحصول على أيّ مساعدة نقدية، لكن ما من مجيب. وإن أجابت الحكومة فلديها ألف حجة وتبرير تختبئ خلفها.
علماً أنّ وفداً من صندوق النقد الدولي يزور المسؤولين في لبنان بشكل روتيني كل 6 أشهر، لمتابعة التطورات والإجراءات التي قامت بها الدولة اللبنانية وما إذا حصل أيّ إصلاح جديد في تنفيذ القوانين ليضاف إلى تقرير يرسله الوفد إلى مجلس إدارته في الصندوق وتتم مناقشته، تماماً كما حصل خلال زيارة المدير التنفيذي للصندوق محمود محي الدين إلى لبنان والذي غادر متأسفاً لأنّ السلطات اللبنانية لم تحقق سوى تقدُّم محدود. وحذّر محي الدين خلال جولته من خطورة تدهور الوضع الاقتصادي في ظل غياب الإصلاحات المطلوبة خصوصاً على المستوى المالي والنقدي.
وقد بدا واضحاً أنّ المماطلة تسيطر على المفاوضات مع صندوق النقد ولا نية جدية في التعاطي مع الموضوع، فيما كان من شأن هذا الإتفاق أن يوفّر مساعدات بقيمة 3 مليارات دولار، ودعماً إضافياً من الدول المانحة، ويضع لبنان مجدداً على مسار التعافي، ويعيد له مصداقيته الدولية.
إنّ التأخير في المفاوضات سيعيد لبنان إلى نقطة الصفر لأنّ الظروف الاقتصادية والمالية والنقدية ستتغير وبالتالي سيتوجب على الصندوق إعادة دراسة الملف من جديد.
مواضيع مماثلة للكاتب:
في حال أنفقت الدولة كل “السيولة”.. هل تتجه إلى إحتياطي مصرف لبنان؟ | بعد إنتخاب ترامب.. ما هي التداعيات الاقتصادية على لبنان؟ | قطاع المطاعم يدفع فاتورة “جبهة الإسناد”: من ينقذه؟ |